منذ عدة أشهر تناولت بالتعليق الصورة المنقولة عبر القنوات الفضائية عن مصر وطبيعة الحياة فيها واهتمامات ومشاغل شعبها، والأثر أو الانطباع الذي تحدثه هذه الصورة لدي المشاهد أو المتلقي خارج مصر، وأيضا لدي المشاهد أو المتلقي في الداخل. وذكرت في ذلك أن بعض ما يعرض في هذه القنوات يترك لدي المشاهد العربي أو الأجنبي، في بعض الأحيان انطباعا غير دقيق، عن حقيقة الحياة في مصر وما يجري فيها من أحداث. وقلت إنه في أحيان أخري تكون الصورة علي درجة كبيرة من مخالفة الواقع تماما، حتي يظن المشاهد في الخارج الذي يعرف ولو قدرا يسيرا أو متوسطا عن طبيعة الحياة في مصر، وطبيعة أهلها، أن هذه القنوات تعكس واقعا لبلد آخر، أو أن هناك مصر أخري لا يعرفها. وضربت بذلك مثلا تم عرضه خلال الفضائيات في شهر رمضان الماضي، من مسلسلات وأعمال درامية، وما عكسته من واقع مختلف لا يمت لمصر بصلة، وهو ما اعطي صورة مشوهة عن واقع الحياة عندنا، وطبيعة أخلاق المصريين بصورة عامة. وأشرت في ذلك إلي الكم الهائل من المضامين السلبية والمحتوي الفج والمتدني، علي المستوي الأخلاقي والاجتماعي والإنساني بصفة عامة، الذي عكسته هذه المسلسلات عن الواقع المصري،...، وهو ما يخالف الحقيقة والواقع جملة وتفصيلا. كتبت ذلك في نهاية شهر يوليو الماضي، أي منذ قرابة الاربعة شهور،...، واليوم أعيد الاشارة إليه والتأكيد عليه وأنضم في ذلك إلي الأصوات الحكيمة التي تنادي الآن، بالتنبه إلي خطورة ما انزلقت إليه بعض القنوات الفضائية التي تطل علينا كل مساء وتدخل كل بيت وتشاهدها كل الأسر، حاملة في بعض ما تعرضه الكثير من المعاني والمفاهيم، التي لا تتوافق مع القيم والتقاليد المصرية العريقة، التي ميزت الشخصية المصرية، وارتبطت بالأسر المصرية علي المستويين الأخلاقي والاجتماعي. وفي ذلك اشير بوضوح إلي ذلك الكم المتزايد من البرامج الحوارية «التوك شو» التي تتناول بالنقاش المستفيض، العديد من الموضوعات والقضايا الجنسية، وما يتصل بها ويتفرع عنها من علاقات وممارسات انسانية، واجتماعية،...، وكأن كل مشاكل وقضايا مصر قد انتهت وحلت، سواء كانت قضايا ومشاكل اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، ولم يتبق غير المشكلة الجنسية التي تؤرق الفضائيات وتشغل بالهم،...، هل هذا معقول؟!