الطاف محمد تعشق رسم الحنة بفن ومهارة «ترسمي حنة يا آنسة.. عاوزة وردة ولا فراشة « جملتان بلهجة بسيطة جذبتا انتباهنا لقائلها، وجدناها سيدة تجلس علي احد الارصفة بقرب مسجد الحسين، تظهر عليها البساطة .. بشرتها داكنة اللون .. يداها الاثنتان مملوءتان برسومات الحنة اللافتة للنظر .. تمسك بيدها « قرطاسا » صغيرا، اعجبتنا الفكرة وقررنا ان نرسم، اقتربنا منها فظهرت الفرحة علي وجهها، بدأت تتفنن في الرسمة بمهارة اذهلتنا، متمكنة من ابعاد الرسمة وكأنها مرسومة بقلم وهي تعيد عليها بالحنة، ومن باب الدردشة دار معها حوار، عرفنا ان اسمها الطاف محمد ومعروفة في المنطقة «ام هبة» تبلغ من العمر 36 عاما، سألناها عن الفرق بين «التاتو» والحنة، فقالت ان الحنة مصنوعة من مواد طبيعية لا تسبب ضررا للبشرة علي عكس «التاتو» المصنوع من صبغات صناعية، بالاضافة الي ان «التاتو» ثابت مدي الحياة والحنة لا تستمر اكثر من اسبوع وذلك ما يجعل الفتيات يقبلن علي الحنة اكثر للتجديد في الرسومات، ويرجع تاريخ الحنة حيث استعملها الفراعنة في أغراض كثيرة، إذ صنعوا من مسحوق أوراقها معجوناً لتخضيب الأيدي وصباغة الشعر وعلاج الجروح، كما وُجدت كثير من المومياوات الفرعونية مخضبة بالحناء، كذلك اتخذوا عطراً من أزهارها، ولها نوع من القدسية عند كثير من الشعوب الإسلامية إذ يستعملونها في التجميل بفضل صفاتها فتخضب بمعجونها الأيدي والأقدام والشعر، كما يفرشون بها القبور تحت موتاهم، وتستعمل في دباغة الجلود والصوف. وكانت الحناء قديماً تقوم بشكل أساسي علي صباغة راحتي اليدين وباطن القدمين، ولكن الأمر تطور وأصبحت فناً يرتبط بالاحتفال بالزفاف، وبالتالي باتت عملاً متقناً يقوم علي رسومات تتسم بالبهجة والإغراء حتي تزداد العروس جمالاً وأنوثة في عيني زوجها، والموطن الرئيسي للحناء هو جنوب غرب آسيا، ولكنها تنمو بكثافة في البيئات الاستوائية لقارة أفريقيا، لأن شجرة الحناء تحتاج لبيئة حارة. كما انتشرت زراعتها في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، وأهم البلدان المنتجة لها مصر والسودان والهند والصين. «ام هبه» تعمل بالمهنة منذ 13 سنة، اكتسبتها بالفطرة بدافع عشقها للمظهر الجمالي الذي تعطية للأنثي، لا يزورها الملل ابدا لو قضت يومها ترسم الحنه، لكن عشقها جاء من طرف واحد، فالعائد المادي لا يتجاوز 40 جنيها في اليوم «لو في حركه»، لكنها ترضي بقليله ولا ترفض زبونة حتي ولو ستدفع جنيه في الرسمة، وخلال حوارنا معها فاجأتنا بأنها سودانية الجنسية، لم نلاحظ ابدا اي اختلاف بينها وبيننا، فهي نفس ملامحنا ونبرة الصوت لا تختلف كثيرا، تعمقنا معها اكثر في الحديث عن حياتها، فقالت انها جاءت الي مصر منذ 3 سنوات مع زوجها الذي يعمل «ارزقي»، أسرتهم مكونة من 7 أفراد،، احد اطفالها يعاني من نقص فقرة بالعمود الفقري، وتسعي بكل الطرق لجمع مصاريف علاجه يقطنون في شقة من غرفة واحدة، ايجارها الف جنيه شهريا، وعلي الرغم من ظروفهم المادية الصعبة، لكن الطاف تري انهم يعيشون في احسن حال، في احضان مصر المحروسة . دعاء سامي هند النمر