»هناك خلل في كهرباء المخ أو القلب«.. قد يفاجيء الطبيب أي انسان بهذه المقولة التي تثير انزعاجه، لكن ماذا يكون رد فعلك لو علمت ان جسمك معين لاينضب للطاقة النظيفة؟ بمعني آخر: انت مصدر ينافس الشمس، الريح، الموج، و.. و.. كل ما يمكن ان يكون مصدرا للطاقة المتجددة! طاقة الانسان مستمدة من عضلاته، وتختلف الطاقة التي يبذلها الجسم باختلاف وضعه، وكلما كانت هناك حركة فانها تؤدي لعمل عبر انقباض هذه العضلة أو تلك، والعضلة تعمل بالطاقة الكيماوية، وبدورها تتحول لطاقة ميكانيكية، لكن العضلة لا تنتفع من جراء هذا التحول إلا ب 52٪ من الطاقة المحتملة، ويتحول الباقي إلي حرارة! طاقة الحركة في الانسان يمكن استثمارها - كطاقة غير تقليدية - تجعل من جسمك محطة كهرباء، صحيح هي متواضعة الامكانات، لكنها لا تنفد، وتلك فضيلتها الأساسية. تصور أن شحنة بطارية مصباحك الكشاف، أو محمولك، أو الريموت الخاص بأجهزة المنزل قد نفدت، فتكون قادرا علي الاستعانة بكهرباء مستمدة من طاقة الحركة التي تولدها عضلاتك! بالضبط هذا مايشغل بال خبراء الطاقة وعلمائها، ويسهرون علي تحويله الي امكانية مستقبلية، ربما تكون بمثابة أحد الانقلابات التي يشهدها عالم الطاقة خلال وقت ليس ببعيد. واذا كان بريق الفكرة قد انطلق من متابعة ما يحدث في صالات »الچيم«، فان تطويرها يتطلب اجراء دراسات وأبحاث عديدة، من شأنها وضع القواعد والآليات التي تحول الأمر من مجرد ملاحظة عابرة أو فكرة مثيرة الي بديل نظيف ومتجدد للطاقة! ملاحظة بسيطة يمكن ان تستدعي من الذاكرة ما حدث مع نيوتن، وقادته لاكتشاف قوانين الجاذبية، واطلق صيحته الشهيرة »وجدتها«. شيء من هذا القبيل حدث في احدي صالات »الچيم« بأمريكا، حين لاحظ أحد العلماء ان المجهود العضلي الذي يبذله رواد الصالة يمكن اعتباره مصدراً بالغ الأهمية لتوليد الطاقة النظيفة المتجددة. الأمر يمكن ان يمتد إلي المجهود الاعتيادي المبذول في المنزل، أو المكتب، أو المشي في أي مكان آخر، فكمية الحركة المبذولة - مثلا - في تحريك باب دوار تكفي لاضاءة المصابيح الكهربائية في أحد الادوار، أو ربما بالمبني كاملا، بحسب عدد الأبواب الموجودة في الموقع! الطريف ان ثمة فائدة مزدوجة، فبينما يمارس الانسان رياضته المفضلة، أو تدريباته البدنية بهدف الحصول علي رشاقة جسده، فإنه الي جانب الهدف المباشر لنشاطه الترويجي يحقق عائداً اقتصادياً، مهما كان متواضعا، فإنه عبر التراكم يمكن ان يكون ذا أثر ملموس. تصور انك تملك جهازا رياضيا في منزلك، فإن كمية الكهرباء التي يمكن استثمارها، والمتولدة من جهدك العضلي في اضاءة المنزل، وحتي حين تمارس رياضة المشي بخطوات منتظمة متوسطة القوة، فان ما يتولد من الكهرباء يكفي- علي الاقل- لشحن محمولك! هكذا، فإن كل نشاط يعطي عملا، حركة، قوة ينتج طاقة كهربائية، ويبقي ان يكتشف العلماء آليات عملية لترويض طاقة الانسان، حتي تصبح وجوه الشبه بين المولد الكهربائي والجسم البشري أفكارا تطبيقية متعددة، تجد طريقها عبر تقنيات مناسبة كمنافس حقيقي للأنواع الأخري من الطاقة النظيفة التي لا تنضب أبدا. وأخيرا: هل يأتي ذلك الزمان الذي نشهد فيه احدي التقنيات التي تسمح بتخزين الكهرباء المنتجة عبر الطاقة البشرية لاستخدامها حين ينقطع التيار الكهربائي من مصادره المعتادة؟ ربما.. حينذاك قد تصبح كل أسرة محطة لتوليد وتخزين الكهرباء!