نجاح »تنظيم القاعدة« في قتل، وحرق، آلاف المدنيين في هجمات 11 سبتمبر 1002، شجع قياداته وقيادات غيره من التنظيمات المماثلة علي نقل، وتكرار، تفجيراتهم البشعة في أوروبا حيث تستهدف التجمعات البشرية في محطة مترو، أو داخل قطار، أو علي شواطئ بعض الدول الإسلامية التي يؤمها السياح من كل الأجناس والديانات، أو محاولة تفجير سيارة مفخخة تركوها أمام بوابات وصول الركاب في أحد المطارات لنسف أكبر عدد ممكن منهم ومن جاءوا لاستقبالهم.. وغيرها من جرائم أبرزها ما حدث في اسبانيا، ولندن، وباريس. الآلاف ماتوا وجرحوا نتيجة هذه الجرائم الإرهابية، وكان من الطبيعي أن يجدها المتعصبون في الدول الأوروبية فرصة نادرة لبث كراهية الإسلام والمسلمين في قلوب شعوبهم، باعتبار ان هدف الجماعات المتطرفة هو »أسلمة أوروبا« حتي ولو أدي ذلك إلي تدمير عواصمها وإبادة شعوبها! وكم حاول المسلمون الحقيقيون بأصواتهم وأقلامهم وحواراتهم الدفاع عن دينهم، وعن غالبيتهم العظمي التي أدانت وتدين كل هذه الجرائم التي يحرم الإسلام ارتكابها. وهذه المحاولات الدءوبة مستمرة.. ويجب استمرارها، في مواجهة الاتفاق التلقائي، الضمني، غير المتفق عليه بين الجماعات الإرهابية الإسلامية، من جهة، وبين أحزاب اليمين المتطرف ومنظمات النازية الجديدة، من جهة أخري، من أجل تشويه وتزييف حقائق الإسلام، والتعامل مع مسلمي أوروبا كأعداء ألداء لشعوبها، ودياناتها، وقيمها، وحضاراتها، وديمقراطياتها، وحريات وحقوق مواطنيها! وحسنا يفعل عقلاء وحكماء، وعلماء المسلمين في أوروبا الذين قاموا ويقومون بواجبهم في توضيح الحقائق وكشف الأكاذيب وتبرئة دينهم والمؤمنين بتعاليمه وشريعته مما »تقوله«، وتخططه، وتنفذه، تلك الفئات الجاهلة والجماعات الضالة والتنظيمات الإرهابية التي تزعم انتسابها لدين الرحمة وتحشر نفسها تطفلاً وغصباً بين المسلمين الملتزمين ومعظمهم ينفرون منها، وينكرونها، ولا يطيقون سماع أي شيء عنها. رغم هذه الجهود كلها وغيرها فإن صورة الإسلام والمسلمين في أوروبا ليست كما كانت، ولا مثل ما نتمني إعادتها إلي ما كانت عليه قبل أن نُتعس بظهور تلك الجماعات، وتنظيماتها الإرهابية.. غير الآدمية. فلا صوت الجماعات خفت، ولا هجماتها توقفت، ولا تهديداتها للحكومات والشعوب تلاشت، خاصة مع حرص بعض وسائل الإعلام العربية علي سبق الإعلام الغربي في نقل وبث وعرض معلقات »بن لادن«، ونظريات »ابن الظواهري«، و»تهديدات من وراء القضبان نسبت للشيخ عمر عبدالرحمن«.. و.. و.. إلي آخر الأوصاف والأسماء التي ابتلينا بها! بمناسبة أعياد الميلاد التي يحتفل بها مسيحيو الغرب في هذه الأيام أصر »أشوس« ينتسب لجماعة متطرفة لم يسمع أحد عنها من قبل علي مشاركته »أخوته« في الديانة السماوية، فتفتق ذهنه السقيم عن تقديم »هدايا بابا عمران« علي غرار هدايا »بابا نويل« إلي صاحبة الجلالة ملكة هولندا: »بياتريكس«، وإلي رئيس حكومتها »مارك روته«، وإلي زعيم الحزب اليميني المتطرف ضد الإسلام والمسلمين: »خيرت فيلدرز«، ولم ينس رابعهم وآخرهم رئيس بلدية مدينة روتردام: »أحمد أبوطالب« مسلم من أصل مغربي. تفاصيل المبادرة المذهلة، مصحوبة باسم وصورة صاحبه قدمتها الإذاعة الهولندية، كما بثها موقعها الإلكتروني في تقرير مثير بدأ قائلا: »دعا متحدث باسم جماعة تطلق علي نفسها (الشريعة لهولندا) الشخصيات الأربع إلي اعتناق الإسلام فوراً وإلا فإنهم لن يجدوا الراحة والسلام«. ويضيف التقرير الذي كتبه الزميل »محمد أمزيان« لإذاعة هولندا العالمية قائلا: »بعد البسملة والحمدلله بلغة عربية فصيحة، شرع (أبوعمران) في مخاطبة الشعب الهولندي بلغة هولندية بلكنة بلجيكية واضحة، داعياً أولاً الملكة (بياتريكس) إلي اعتناق الإسلام معتبراً إياها (طاغوتاً)، والطاغوت كما قال المدعو (أبوعمران) هو كل من يخالف قوانين الله ويسن قوانين بديلة، وهذا بالضبط ما تقوم به ملكة هولندا«. .. ولحديث، وهدايا، وتهديدات »بابا عمران« بقية نتابعها غداً.