موعد انطلاق المرحلة الأولى من تنسيق الجامعات 2025    جمال الكشكى: دعوة الوطنية للانتخابات تعكس استقرار الدولة وجدية مؤسساتها    ارتفاع الأسهم الأوروبية بعد قرار «المركزي» تثبيت أسعار الفائدة    "المشاط" تدعو الشركات السويسرية لاستكشاف الإصلاحات وزيادة استثماراتها في مصر    "كان نفسي أقرأ في المصحف".. سيدة أسوانية تودع الأمية في ال 76 من عمرها    الزيارة الثانية خلال يوليو.. الباخرة السياحية "AROYA" ترسو بميناء الإسكندرية -صور    وزير البترول : إرسال طائرتى هليكوبتر من مصر لقبرص لإخماد حرائق غابات ليماسول    وزير الخارجية يؤكد على رغبة مصر في زيادة حجم التبادل التجاري مع مالي    ويتكوف : قررنا إعادة فريقنا من الدوحة لإجراء مشاورات بعد رد حركة حماس "الأنانى"    قالت إن "زوجته وُلدت رجلا وستموت رجلا".. ماكرون يقاضي ناشطة أمريكية    إعلام فلسطيني: استشهاد 19 ألف طفل خلال الحرب على قطاع غزة    مصر تستهجن الدعاية المغرضة التي تستهدف تشويه دورها الداعم للقضية الفلسطينية    الرئيس الإيراني: نواجه أزمة مياه خانقة في طهران    الزمالك يكشف تفاصيل إصابة صلاح الدين مصدق وبنتايك    إندريك أم جونزالو جارسيا.. من يرتدي الرقم 9 في ريال مدريد؟    تطورات صفقة انتقال حامد حمدان للزمالك .. سر وعد جون إدوارد للاعب الفلسطيني (خاص)    "ابن أصول".. الغندور يعلق على رحيل مصطفى شلبي عن الزمالك    وفاة المصارع الأمريكي هوجان    أبو تريكة قدوتي.. أول تعليق لإبراهيم عادل بعد انضمامه للجزيرة الإماراتي    عم الأطفال الستة المتوفيين بدلجا بالمنيا: التحقيقات مستمرة والنيابة لم تكشف عن أسباب الوفاة إلى الآن    الأرصاد: طقس شديد الحرارة غدا نهارا حار ليلا والعظمى بالقاهرة 40    بالصور.. إصابة شخصين في تصادم 3 مركبات على طريق حيوي بالمنوفية    الداخلية تضبط 599 قائد دراجة نارية خالفوا ارتداء الخوذة    الأمن يضبط 4 ملايين جنيه من تجار العملة    أول صورة للزوجة ضحية الميراث في الفيوم.. شقيق ينهي حياة أخيه وزوجته    إقبال جماهيري كبير على المتاحف والمواقع الأثرية بالإسكندرية    بعد فتحها مجانًا.. إقبال على المواقع الأثرية في عيد الإسكندرية (صور)    25 يوليو.. "يانغو بلاي" تعرض "ريستارت" بطولة تامر حسني    خالد الجندي: مساعدة الناس عبادة.. والدنيا ثمَن للآخرة    ما كفارة التهرب من دفع تذكرة القطار أو المترو؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يحاسب الإنسان على المحتوى المنشور على السوشيال ميديا؟ أمين الفتوى يجيب    "الصحة" تتخذ خطوات للحد من التكدس في المستشفيات    جولة مفاجئة لوكيل صحة المنوفية.. ماذا وجد فى مستشفى حميات أشمون؟    الصحة تشارك في المؤتمر الدولي ال17 لمناظير المخ والعمود الفقري (INC 2025)    «خطافة رجالة».. غفران تكشف كواليس مشاركتها في مسلسل فات الميعاد    أحمد سعد يطرح «اتك اتك» من ألحان مدين ضمن أغاني ألبومه الجديد    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: «التأمين الصحى» تبحث تطبيق المنظومة.. و40 طريقة صوفية تحيي الليلة الختامية ل«المرسى أبوالعباس»    «هجرة» و«ملكة القطن» و«رقية».. ثلاثة أفلام عربية تشارك في مهرجان فينيسيا السينمائي بدورته ال82    شعبة الدواجن تتوقع ارتفاع الأسعار بسبب تخارج صغار المنتجين    وزير الخارجية يتوجه إلى السنغال في المحطة الخامسة والأخيرة من جولته في غرب إفريقيا    جامعة الإسكندرية تبحث التعاون مع التأمين الصحي الشامل لتقديم خدمات طبية متكاملة    بسبب السرعة الزائدة.. مصرع عامل ديلفري إثر انقلاب دراجته النارية بالتجمع الخامس    تشغيل كامل لمجمع مواقف بني سويف الجديد أسفل محور عدلي منصور    وزيرة التضامن تثمن جهود النيابة العامة وزياراتها لدور الرعاية بالجمهورية    الشباب والرياضة تتلقى الاستقالة المسببة من نائب رئيس وأمين صندوق اتحاد تنس الطاولة    المجلس الأعلى للإعلام يوافق على 21 ترخيصًا جديدًا لمواقع إلكترونية    عمرو الورداني: نحن لا نسابق أحدًا في الحياة ونسير في طريق الله    غدًا.. "شردي" ضيفًا على معرض بورسعيد الثامن للكتاب    27 يوليو.. غلق باب التقدم على 36 مصنعاً بمدينة الجلود بالروبيكي    انفجار لغم يشعل صراعا بين كمبوديا وتايلاند.. اشتباكات حدودية وغارات جوية    بنسخ خارجية لمختلف المواد.. ضبط مكتبة بدون ترخيص في الظاهر    تحليل رقمي.. كيف زاد عدد متابعي وسام أبو علي مليونا رغم حملة إلغاء متابعته؟    أمين الفتوى: لا يجوز التصرف في اللقطة المحرّمة.. وتسليمها للجهات المختصة واجب شرعي    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    شهدت التحول من الوثنية إلى المسيحية.. الكشف عن بقايا المدينة السكنية الرئيسية بالخارجة    جامعة قناة السويس تُعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني وتُقرّ دعمًا للطلاب    معسكر كشفي ناجح لطلاب "الإسماعيلية الأهلية" بجامعة قناة السويس    نهاية لمعاناتك.. طرق فعالة للتخلص من الأرق وقلة النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
!مؤامرة لتأخير بناء السد العالي
نشر في الأخبار يوم 26 - 06 - 2014


محمود غنيم
فقد كان السد العالي حلم جمال عبدالناصر وحلم النظام ومصر كلها
منذ أيام احتفلت مصر بمرور خمسين عاما علي تحويل مجري النيل ليبدأ ميلاد السد العالي الذي لم يكن مشروعا اقتصاديا يعود بالخير علي مصر يوفر لها مخزونا من الماء وينتج لها الطاقة ممثلة في الكهرباء العمود الفقري لكل نشاطات المجتمع لكن المعني الحقيقي كذلك انه تأكيد للإرادة المصرية الفولاذية والتصميم وقبول أعتي انواع التحدي.. وتلاحم الشعب خلف قائده ليحطم إرادة أكبر وأقوي دولة في العالم في فرض التبعية علي مصر والدخول في عباءتها كان السد تعبيرا حقيقيا عن أن الشعب المصري إذا أراد فهو قادر علي التنفيذ مهما كانت الصعاب ومهما عظمت الضغوط، وتنامت السطوة لإخضاع شعب لا يخاف تهديدا ولا وعيدا ولا حرمانا ،يجوع ولا يتذلل، يتحمل ولا يخضع، منحه الله قدرا هائلا من الصبر في سبيل تحقيق غايته والوصول الي ما يتمني.. علي مر العصور كان مضربا للمثل ونموذجا للاصرار.
فكر عبدالناصر في بناء السد العالي وطلب مساعدة امريكا.. بالخبرة وبالمال لا منَّة ولا منحة، بل قرضا ووجدتها امريكا فرصة فقد اقلقها تنامي زعامة عبدالناصر وقيادته وتوجست خيفة من تأثيره في المنطقة وانعكاسه علي مصالحها.. فحاولت فرض شروطها.. لم تكن أدركت بعد حقيقة هذا القائد الاسمر سمرة تربة مصر العفية لم تكن أدركت جينه أو كوده الذي يرفض الشروط، يضحي بروحه ولا يخضع أو يبتزه احد.. فأعلن في صرامة ووضوح وعنف انه يرفض مساعدة امريكا، لكن ابناء مصر سيبنون السد.. وبني المصريون السد بسواعدهم القوية وعزمهم الذي لا يلين في درجة حرارة تتعدي الخمسين.. فتتوا جبال الصخور في بطولة عجزوا عن إدراك كنهها.
بزوغ نجم
كان المهندس عثمان احمد عثمان او «المعلم» كما يحلو له ان يناديه العاملون بشركة «المقاولون العرب» كان هذا اللقب يعني الكثير بالنسبة له وبقصة صعوده وبزوغ نجمه.. كانت فيه كل المعاني التي تشير الي السر في نجاح عثمان احمد عثمان غير العادي او المتعارف عليه.. كان يؤكد دائما انه يحس بسعادة غامرة لهذا اللقب الذي يذكره دائما بالعمل والعرق والسهر التي هي مقدمات مفتاح السر لنجاح الشركة وتألقها في سماء العالمية.. وكان يحلو له دعوة مجموعة من الصحفيين ارتبطت به بحكم العمل الي فنجان قهوة في مكتبه الذي احتفظ بعد تركه رئاسة الشركة ليفسح المجال للشباب وتولي المسئولية واكتسابهم خبرته والاستفادة بتوجهاته ونصائحه، وكانت احلي اوقاته التي يقضيها مع هذه الصحبة.. كان يروي ذكرياته ويحكي مواقف كانت من الاسرار في حينها، ومنها اسرره هنا عن مرحلة حاسمة وحماسة في ملحمة بناء السد العالي، فذكر «الملم» ان مشروع السد العالي اعتمد علي الخبراء والمهندسين والمعدات الروسية لمتانة العلاقة التي ربطت بيننا وبينهم في ذلك الوقت وسوء العلاقة مع امريكا والغرب.. احسن عثمان احمد عثمان وكما اثبتت الاحداث والايام ان الروس تعمدوا تأخير تنفيذ المشروع ليطول بقاؤهم في مصر لأهداف سياسية وعسكرية.. كانت شركة المقاولون العرب هي المنفذ الرئيسي للمشروع ولما كانت المعدات المستخدمة لابد ان تكون روسية فقد تعمدوا ان تكون المعدات المستخدمة متخلفة وليست علي مستوي التنفيذ في المدة المتفق عليها.. وفي الوقت نفسه يصدرون للنظام الحاكم ان الشركة ليست علي المستوي المطلوب للتنفيذ.
حدث ان زار خبير روسي كبير موقع العمل بالسد فقد حضر خصيصا ليطمئن ان رجاله ينفذون المخطط الذي رسمته موسكو ضد مصر.. وحضر اجتماعا في موقع العمل حضره حسن زكري وزير الري فيما بعد والهيئة العليا للسد العالي واخبرهم «المعلم» انه لا يمكن العمل بالقدر الكافي في ظل البرنامج الموضوع والمعدات المستخدمة ورد الخبير بكلمات ذات مغزي: هل لديكم البديل؟ وبدأت الشركة التنفيذ حسب برنامج جديد وضعه خبراؤها والروس يرددون ان الشركة تتعمد تعطيل المشروع كيدا في النظام الذي أمم الشركة.. ومع اليقين بأن المعدات الروسية لن تساعد علي انجاز البرنامج المطلوب كان لابد من البحث عن معدات بديلة.. وكانت السويد من اكثر دول العالم خبرة بهذه المعدات فهي منتجة للجرانيت الذي هو اصلب انواع الرخام.. وسافر عثمان الي السويد وعاد ومعه فريق من الخبراء اكد تخلف المعدات الروسية وانها اصبحت غير مستخدمة عالميا.. واصر الروس علي ان العيب ليس في المعدات لكن في اداء من يستخدمونها وفشل جهابذة مهندسيهم في انجاز العمل بالمعدات المستخدمة، وكان لابد من معدات جديدة لكن الروس أكدوا انه لا يمكن ان تصل هذه المعدات الجديدة قبل عامين من طلبها في الوقت الذي يرفضون فيه شراء او استخدام معدات غربية، واضطر عثمان احمد عثمان الي استخدام الحيلة والخداع فزعم ان للشركة معدات.
كان لابد من معدات جديدة تستخدمها الشركة في بعض الدول العربية قبل مشروع السد العالي وسيحضر تلك المعدات للمساعدة في التنفيذ وسافر مهندسو الشركة الي السويد لشراء معدات الحفر في الصخر وإلي بريطانيا لشراء سيارات النقل «رولزرايز» وإلي أمريكا لشراء بلدوزرات وبدأ العمل بالمعدات الجديدة التي وصلت الي المعدلات المطلوبة في الأزمنة المحددة.
تأجيل التنفيذ
غير ان الروس لم يتوقفوا عن تنفيذ مخططهم فطلبوا من المسئولين حينئذ تأجيل موعد تنفيذ المرحلة الاولي من السد العالي عامين بعد ان نجحوا في اقناع موسي عرفة وزير الري والسد العالي حينئذ الذي استدعي عثمان احمد عثمان للتوقيع علي تقرير اعده بالاشتراك مع الروس ورفض عثمان التوقيع علي التقرير الذي اعتمده جميع وكلاء وزارة السد العالي وكبار المسئولين الحكوميين وكان منطق وزير الري ان التأجيل يحميه ويحمي عثمان إذا تأخر التنفيذ عن الموعد المحدد.. لكن عثمان اصر علي الرفض خاصة ان من اهداف السد زيادة الدخل القومي مائة وستة ملايين جنيه سنويا فلماذا التأجيل؟
ويقول عثمان احمد عثمان كان لابد من مقابلة الرئيس جمال عبدالناصر لحسم الأمر وذهبت الي منشية البكري وقابلت محمد أحمد السكرتير الخاص للرئيس وشرحت له الموقف.. وكان عبدالناصر مشغولا بضيفه الرئيس اليوغسلافي تيتو فأشار علي أن أذهب الي المشير عبدالحكيم عامر وطلب مني مكتبه أن أقابل صلاح نصر مدير المخابرات العامة.. وكانت المرة الاولي التي اطلب فيها مقابلته ولمست فيه لأول وهلة الصدق والرجولة ورويت القصة كاملة وكان تعليقه إذا لم نكن نريد الانتهاء من السد العالي فماذا نريد؟ اتركني بعض الوقت لأبحث عن حل.
وبعد اسبوع استدعاني المشير عبدالحكيم عامر.. ورويت له قصة السد العالي بالتفصيل وموقف الروس وانه لا مبرر للتأجيل وطلبت منه نصف مليون جنيه عملة صعبة لنشتري بعض المعدات اللازمة للمشروع لضمان التنفيذ في الموعد المحدد دون تأجيل وقلت له: الا تريد الدولة ان توفر 212 مليون جنيه مقابل نصف مليون جنيه ورد المشير عامر مداعبا: وإذا لم تنته في الموعد المحدد ما العمل فيك؟ وبادرت قائلا: إذا كان هناك سد عال آخر مطلوب الانتهاء منه في نفس الموعد فأنا ملتزم ومستعد، وتتنفرج أسارير المشير وتبدو عليه سعادة غير عادية كمن وضع بلمسا علي جرح عميق في قلب الرجل فقد كان السد العالي حلم جمال عبدالناصر وحلم النظام ومصر كلها، وكانت سعادة المشير سببا في ان يعرض علي تولي منصب وزير السد العالي وعلمت بعد ذلك انه بعد مقابلتي لصلاح نصر بعث برجال المخابرات من مختلف الأجهزة إلي موقع العمل وكتبوا تقاريرهم التي كانت مطابقة للحقيقة ولما أذكره دائما وشهادة حق للجهد الجبار الذي يبذله الرجال.. اعتذرت للمشير فالوزارة ليست هدفي.. كلفوني بمشروعات وستجدونني علي مستوي ما يطلب مني دائما وقلت أنا أنفع مصر كمقاول فقط يا سيادة المشير واستحسن المشير موقفي عندما تأكد أنني لا أطمع في الوزارة.. وقبل أن أغادر مكتبه كان قد أصدر تعليماته إلي الدكتور عبدالمنعم القيسوني وزير الاقتصاد حينئذ بصرف المبلغ لشراء ما يلزم من معدات وكان مقررا ان ينتهي العمل في المرحلة الاولي في 15 مايو 1964 وانجزناها في اول مارس 1964.. وأحب أن أشير هنا إلي أنني احترمت صلاح نصر وعرفت أنه رجل له مواقف.
ويرتبط بهذه الملحمة التاريخية الرائعة ملحمة اخري لاتقل روعة واهمية وجسارة ووطنية وتضحية عن ملحمة السد العالي.. تثبت اصالة الرجال وتصميمهم وعزمهم علي إنجاز العمل المطلوب خاصة إذا كان ذلك مرتبطا بأمن الوطن ومستقبله وترابه.. ملاحم يتسابق فيه الرجال لنيل شرف الشهادة أطراف الملحمة الثانية هم أطراف ملحمة السد العالي.. المقاولون العرب والروس فقط اختلف القائد.

سرعة إنجاز
فعندما بدأت حرب الاستنزاف بعد هزيمة يونيو 1967 استخدمت اسرائيل طيرانها بشكل مكثف لضرب الأهداف العسكرية وهدم المنشآت المدنية وقتل المدنيين.. كان الطيران الاسرائيلي يعربد في سماء مصر كلها.. طولها وعرضها.. دون رادع، وكان لابد من اجراء لوقف هذا العبث المخزي.. وسافر الرئيس جمال عبدالناصر الي موسكو للحصول علي الصواريخ المضادة للطائرات باعتبارها احدث وسائل الدفاع الجوي ضد طيران العدو، واشترط الروس لتحقيق ذلك ان تنتهي مصر اولا من بناء المنصات «القواعد» اللازمة لتلك الصواريخ خلال ستين يوما وإلا فلا صواريخ.. طلبوا ذلك وهم متيقنون ان مصر لن تستطيع انجاز المطلوب خلال شهرين ومن جانب آخر فإن سلاح الطيران الاسرائيلي سيحول دون تحقيق المهمة فهي معركة حياة او موت بالنسبة لها بعد ان دمرت الجيش المصري في يونيو 67 ولن تسمح له بأن يعيد بناء نفسه ما يهدد وجود قواتها علي الضفة الشرقية غير ان مصر قبلت التحدي وكانت كما حكي المهندس عثمان احمد عثمان في ذكرياته معركة مزدوجة مع رسرائيل من ناحية لتحرير ارضها واستعادة حقوق أمتها ومواجهة لكنها سلمية مع الروس للحصول علي ما تريده مصر لتحقيق هدفها الاصلي.
استدعي الرئيس السادات نائب رئيس الجمهورية في ذلك الحين وكان مكلفا بالإشراف علي اعادة بناء القوات المسلحة استدعي عثمان احمد عثمان باعتبار ان «المقاولون العرب» اكتسبت خبرات واسعة من تنفيذ السد العالي منحتها قدرة علي الانجاز السريع والمتين والدقيق.. وكان من الممكن ان تسند إليها الدولة مهمة بناء قواعد الصواريخ وحظائر الطائرات.. استدعي السادات عثمان احمد عثمان عقب عودة الرئيس جمال عبدالناصر من موسكو وطلب منه ان تنفذ المقاولون العرب هذه المهمة القومية الصعبة لكن ليس في موقع او اثنين لكن علي امتداد الجبهة كلها وفي اي مكان يمكن ان يجد الطيران الاسرائيلي منه ثغرة لاختراق مجالنا الجوي.. وانهاء ذلك كله فيما لا يتجاوز الشهرين.. وقبل المعلم «عثمان احمد عثمان» المهمة باعتبار انها قبول لتحد يرقي الي مستوي المعجزة، فقط طلب من السادات اشتراك بعض الشركات لإقامة بعض المنشآت المتفرقة في العمق.
المهمة المستحيلة
وكما يحكي المعلم «عثمان احمد عثمان» بدأ رجال المقاولون العرب المهمة المستحيلة ليل نهار في ملحمة صراع هائلة ليس من اجل اقامة المنشآت الجديدة ولكن لاعادة بناء كل ما يدمره الطيران الاسرائيلي.. سواعدالمصريين تقيم المنصات «القواعد» والطيران الاسرائيلي يدمرها.. وعزم الرجال يعيد بناء ما تم هدمه وبناء قواعد اخري جديدة.. ومما يدل علي صعوبة المهمة ان العدو هدم قاعدة بعد بنائها اكثر من خمس مرات.. لكن التصميم وروح الوطنية والدفاع عن العرض والدم نجحت في بنائها.. وتكرر هدم الطيران الاسرائيلي لقواعد كاملة بعد تمام انشائها.. ويعاود الرجال بناءها مرة اخري ويظل الصراع علي ذلك الحال ساعات واياما كاملة.. لكن التضحية كانت كبيرة فيكفي ان نشير الي انه في يوم واحد استشهد علي الضفة الغربية للقناة 500 شهيد وهم يقومون بواجب اقامة ما يكسر يد العدو الطولي ويقضي علي صلفه وغروره.. وسقط الشهيد تلو الشهيد لكن القواعد «المنصات» كانت ترتفع حجرا فوق حجر حتي تكتمل.. ملحمة نضال وبناء رائعة.. اكثر روعة من ملحمة السد العالي.. انتصرت ارادة المصريين في النهاية ضد إرادة وسيطرة وجبروت الطيران الاسرائيلي رغم أطنان القنابل التي كان يلقيها بلا حساب.. وتمت المهمة المعجزة في الوقت المحددة لتغلق سماء مصر في وجه الطيران الاسرائيلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.