رسميا سعر الدولار الأمريكي في بداية تعاملات اليوم الأربعاء 29 مايو    صندوق النقد يرفع توقعاته لنمو اقتصاد الصين خلال العام الحالي    وزير النقل يشهد توقيع مذكرة إنشاء أول مشروع لتخريد السفن بميناء دمياط    بعد قليل، السيسي يصل قصر الشعب ببكين للقاء نظيره الصيني    «القاهرة الإخبارية»: أوروبا تتخذ خطوات جديدة للضغط على إسرائيل لوقف الحرب في غزة    أستاذ اقتصاد: العلاقات المصرية الصينية تقدم نموذجا للبناء والتنمية المشتركة    كأس مصر، طلائع الجيش يستدرج بورفؤاد في دور ال 32    إصابة 28 عاملاً في انقلاب سيارة أعلى المحور بالإسماعيلية    إصابة 28 عاملا زراعيا إثر انقلاب سيارة فى الإسماعيلية    الفرق بين التحلل من العمرة والحج.. الإفتاء تشرح    الخشت يصدر قرار تعيين الدكتور عمر عزام وكيلا لطب القاهرة لشؤون خدمة المجتمع    رئيس «صحة النواب» يستطلع آراء المواطنين في خدمات هيئة الرعاية الصحية    لهذا السبب.. مي نور الشريف تتصدر تريند "جوجل" في السعودية    متظاهرون مؤيدون لفلسطين يحاولون اقتحام سفارة إسرائيل في المكسيك (فيديو)    الخارجية الروسية تعلق على تصريح رئيس الدبلوماسية الأوروبية حول شرعية ضرب أراضيها    هجوم مركّز وإصابات مؤكدة.. حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد إسرائيل يوم الثلاثاء    الصالة الموسمية بمطار القاهرة الدولي تستقبل طلائع حجاج بيت الله الحرام    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 29 مايو 2024    ارتفاع أسعار النفط الأربعاء 29 مايو 2024    ماس كهربائي.. الحماية المدنية تسيطر على حريق في ثلاثة منازل بأسيوط    «الرفاهية» تتسبب في حظر حسابات السوشيال بفرمان صيني (تفاصيل)    90 عاماً من الريادة.. ندوة ل«إعلام القاهرة وخريجى الإعلام» احتفالاً ب«عيد الإعلاميين»    تحفة معمارية تزين القاهرة التاريخية.. تفاصيل افتتاح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    محمد فاضل: «تجربة الضاحك الباكي لن تتكرر»    تنسيق الشهادة الإعدادية 2024.. شروط المدارس الثانوية العسكرية والأوراق المطلوبة    أفضل دعاء الرزق وقضاء الديون.. اللهم ارزقني حلالًا طيبًا    شعبة المخابز تكشف حقيقة تحريك سعر رغيف العيش    3 دول أوروبية تعترف رسميا بدولة فلسطين.. ماذا قال الاحتلال الإسرائيلي؟    الصحة: روسيا أرسلت وفدا للاطلاع على التجربة المصرية في القضاء على فيروس سي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    وظائف السعودية 2024.. أمانة مكة تعلن حاجتها لعمالة في 3 تخصصات (التفاصيل والشروط)    رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي برقم الجلوس 2024.. موعد إعلانها وطريقة الاستعلام    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29 مايو في محافظات مصر    فيديو ترويجي لشخصية إياد نصار في مسلسل مفترق طرق    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    «كان زمانه أسطورة».. نجم الزمالك السابق: لو كنت مكان رمضان صبحي ما رحلت عن الأهلي    جوزيف بلاتر: أشكر القائمين على منظومة كرة القدم الإفريقية.. وسعيد لما وصلت إليه إفريقيا    يرسمان التاتوه على جسديهما، فيديو مثير لسفاح التجمع مع طليقته (فيديو)    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    وزير الصحة التونسي يؤكد حرص بلاده على التوصل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    شيكابالا يزف بشرى سارة لجماهير الزمالك بشأن زيزو    بلاتر يتغنى بقوة منتخب مصر ويستشهد ب محمد صلاح    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    كريم فؤاد: موسيمانى عاملنى بطريقة سيئة ولم يقتنع بى كلاعب.. وموقف السولية لا ينسى    إبراهيم عيسى يكشف موقف تغيير الحكومة والمحافظين    3 أبراج تجد حلولًا إبداعية لمشاكل العلاقات    أسماء جلال تكشف عن شخصيتها في «اللعب مع العيال» بطولة محمد إمام (تفاصيل)    سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    هل طلب إمام عاشور العودة إلى الزمالك؟.. شيكابالا يكشف تفاصيل الحديث المثير    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    مؤقتا، البنتاجون ينقل رصيف غزة إلى إسرائيل    الوقاية من البعوضة الناقلة لمرض حمى الدنج.. محاضرة صحية بشرم الشيخ بحضور 170 مدير فندق    ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي.. وأول حوار معه بعد انتخاب الرئيس:
تحدثت مع الرئيس السيسي عن أحلام المصريين في وطن لامكان فيه لجائع أو جاهل نحن علي أبواب فترة تاريخية جديدة.. تحتاج ترجمة أفكارنا إلي طاقة تغيير المثقف الحقيقي هو الذي يؤمن بالمستقبل
نشر في الأخبار يوم 09 - 06 - 2014

شاعر كبير أمده الصعيد برجولة الموقف وصبر المزارع علي نباتاته التي يعرف أنه سوف يقطف سنابلها أخيرا.
إنه شاعر مختلف وانسان مختلف وله رؤيته الخاصة باعتبارها نتاج معرفته الثقافية والعملية يهتم بالكلي انطلاقا من الجزئي ولذلك تحس معه أن العالم بكل تعقيداته بسيط وقابل للفهم وأن المجتمع ايضا قابل للتغيير، وفي امكان كل انسان أن يلعب دورا مجيدا ببساطة وانسانية. حين يتكلم عن البشرتراهم بداخله جماعات وأفرادا ويصبح كل شيء سهلا قابلا للفهم وأن التعقيدات التي يصفها اصحاب المصالح قابلة لجعلها بسيطة.. واضحة للمثقف وللانسان البسيط. يتحدث عن الشعر كما يحدثك عن الصداقة وعن السياسة في وضوح رؤية وببساطة غير متكررة. انه عبدالرحمن الابنودي النموذج الحي للمواطن الذي يعرف دوره بالتحديد بين زحام الأهداف وتضارب المصالح والاغراض عفيف النفس ولايريد اكثر مما هو فيه وفخور بما اعطته مصر
فهو معتز بما أعطي، وسعيد بما حققته مصر في الزمن القصير الماضي، فخور بالسيسي وبعدلي منصور وبالمثقفين وبالمرأة المصرية وبوطنه وناسه.
وقبل وبعد كل ذلك هو انسان لم يفقد تفاؤله لحظة في أسوأ اللحظات، بل وعلي العكس قاوم لمدة عام كامل بمربعاته حتي زال حكم الارهاب الأسود.
كيف تري أسلوب إصلاح مصر، خاصة وأنت كثيرا ما بشرت بالأمل ثم وهل تجد أملا في أننا قد نصل إلي بر السلامة وكيف السبيل إلي ذلك؟
- نحن نعيش في ذلك البيت العتيق وهو ميراثنا من اجدادنا الذين كان منهم العظيم الذي نظر في شأن البيت وايضا البليد الذي لا يتلفت حوله وكل ما يهمه مصلحة نفسه وليس لديه وقت للنظر في حال البنيان أو سكانه، ولا أقول إن البيت آيل للسقوط ولكنه في مرحلة خطرة لاشك في ذلك، وحتي حياتنا داخل هذا البيت انعكس عليها نفس الأهمال وكف البصر عن النظر، فلم يعد الناس الذين اعتادواالحياة المهلهلة يحسون خطر الانهيار ويجزعون إلي ما وصل اليه حال البيت، والحل في نظري أن ننتبه اولا وقبل كل شيء إلي علمائنا الذين يشخصون حالة البنيان، وإلي هؤلاء الذين يتدارسون حالة السكان وأن يدور حوار صادق وعميق وحقيقي حول احوال هذا البيت وقدراته وحول سكانه وماذا في يدهم وكيف يبدأ إصلاح مجمل الحالة «البيت والسكان» وان تبدأ حركة «التقطيب» أو إصلاح الاجزاء المتهالكة بدءا من الأساس بزرع اعمدة قوية بينما يدور العمل في داخل البيت لاصلاح حال المكان والسكان، أي ان اعمالا استراتيجية سوف تتم لكي يصلب المبني طوله وهذا سيكون له علماؤه المتخصصون من أهل الخبرة والكفاءة والنزاهة، وبخلاف تلك الاجراءات السريعة والحاسمة التي تنقذ المقيمين وتضخ في عروقهم الرغبة في الحياة والعمل والبدء في تعلم حب هذا البيت العظيم من جديد. ولابد ان يتم العمل في المجالين: تجديد البناء ليحتمل سكانه بعد ان زادت اعدادهم بصورة رهيبة وتسلل الفقر والجهل والمرض إليهم وأدمنوا الاهمال والانصراف عن حياتهم.. المكان من جانب، والسكان من جانب آخر وان نعمل جميعا كل في تخصصه ومجال معرفته تحت مراقبة عين رحيمة واعية تحس الخطر وتبادر إلي المواجهة.
هذا ما أراه طريقنا لإصلاح مصر رغم اننا نقوم بذلك بموارد مالية شحيحة وبكسل يبس اطرافنا، لكننا لم نفقد الأمل، ومازال حلم الوقوف ونفض البلادة يشاغلنا، ونحتاج إلي «الريس» النشيط والمؤمن بهذا الدور إيمانا مطلقا، وساعتها من الممكن وبعد اعادة البنيان بل وإعادة ألوانه إليه أن يحتفل أهله باسترداد إنسانيتهم المهدرة وبيتهم الذي حلموا طويلا بإصلاحه واستغلهم المستغلون دون الالتفات لحياة البيت أو حياتهم.
صفات المثقف
وماذا عن دور الثقافة والمثقفين في الفترة القادمة؟
- لاشك أن المثقفين الحقيقيين والمبدعين الأصلاء هم الجزء الحي في البدن المجتمعي لأنهم الأعلم بحجم ما أصاب الأمة من عطب وأضرار، ولقد تحملنا ما تحملنا من الآلام حتي اعتدنا عليها، وستجد أن رعب المثقف الحقيقي الآن هو الخوف علي الأجيال المقبلة، والمثقفون الحقيقيون يتوالدون بعيدا عن إطُر الدولة بل وضدها في معظم الأحيان. انهم أول من يشير وأول من ينبه وأول من يقاتل وأول من ينير الطرق المظلمة أمام المناضلين.. هل نتذكر وقفة المثقفين التاريخية علي سلم وزارة الثقافة في وجوه الوزير الإخواني الذي لم يسمحوا له بدخول الوزارة حتي سقط بل أسقط معه الظاهرة الكابوسية بمجملها؟ هؤلاء هم أهل الثقافة حين يتحدون لذلك يخطئ النظام الذي يعتقد أنه يستطيع فرض شخص أو قيمة غير مرغوب فيها، ذلك لأن المثقف الحق هو الذي يؤمن بالمستقبل والقدرة علي صنعه ويحرض البشر علي مواجهة معوقات التقدم ويحثهم علي مواصلة الحياة وينير الدرب امام الأجيال المقبلة ويؤمن بها وكأنها معلقة برقبته.
إنه يحلم ويسعي إلي تحقيق حلمه وقد يدفع من أمنه وراحته الكثير دون أن يحس بذلك فأهدافه تتجاوز المعوقات والعراقيل التي توضع أمامه.
ومهما كانت درجة التقارب مع الأنظمة الحاكمة ومهما حسنت أهداف الحاكم تظل ثمة مسافة بين المبدع المثقف والحاكم، لأن الفنان والأديب يحلمان بلا حدود، أو إن شئت فقل إن حدود حلمهما بتجاوز قدرة الحاكم الذي يسير بين المتناقضات المجتمعية ويوازن ويتراجع ويتقدم حسب ظروف المجتمع الذي يحكمه.. بخلاف الأديب صاحب الحلم المطلق والذي لا يفكر في التوازنات وتناقضات فئات المجتمع، وحتي حين يحقق الحاكم حلم المثقف يكون هذا الأخير قد انطلق بحلمه إلي حلم أبعد ولا تحده حدود ولذلك لا يستطيع أحد أن يضع الموانع امام رؤي وأحلام المثقف الصادق.
من هنا فإن المثقف الملتزم هو حامل مفاتيح مغاليق أمته، ومن ثم تنعكس صورة أمته بكل آمالها وآلامها علي مرآة ضميره وهو المؤذن الأول لفجر عظمتها وهو الناعق الأول الذي ينبه أنها علي مشارف الهلاك!!
ما الذي يشغلك الآن ويفرض نفسه عليك بقوة؟!
- انها اشياء كثيرة ومتراكمة تثقل قلبي.. أولها تفرقنا، ولا أعني بذلك انفصال الشباب بعالمه الخاص الذي تحول إلي ما يشبه الأيديولوجيا القاتمة- من وجهة نظري -علي خواء.. أيديولوجية بلاأعمدة من فكر وتجربة وانما ينتقل إليها ما يشبه الوعي عبر التلقين ومن خلال وسائل اتصالات ترسخ حالة الانفصال عن الواقع الحقيقي والطيران في الأهداف الافتراضية والأفكار المتبادلة التي يرسل بها الخبثاء إلي السذج الانقياء ليختلف الشباب لحساب عقول أخري بأهداف أخري تحت وطأة اجهزة الاتصال الحديثة.
كما أنني لا أعني انفصال الشباب الذي اعتقد انه صنع الثورة، وأن «العسكر» استولوا عليها إلي آخر الأفكار والممارسات التي لا يستفيد منها سوي أعداء الأمة في الداخل وفي الخارج.
حقيقة الانفصال
إذن ماذا تعني بكلمة الانفصال هذه إن لم يكن الذي نراه موجودا علي أرض الواقع..؟
- أعني تلك الفرقة والابتعاد بين المثقفين من كتاب صحافة إلي مبدعين إلي باحثين، أري أن كلا منا يري الواقع من مكانه الفكري، وفي النهاية فأنت حين تقرأ جريدة الصباح، تكتشف أن الجميع - أو معظمنا- ندور حول افكار لاتبعد عن شواغلنا بل هل نفس الشواغل والهموم وكل منا كامن في جزء يضيء جوانبه ويدفع بنا للعمل وكلها افكار حقيقية ونحتاج اليها فعلا في مسيرتنا الجديدة بالذات. انها كشافات فكرية مبدعة تقودنا لمعرفة صادقة ولكن العيب الأكبر أننا متفرقون، حيث يقول كل منا قولته وينصرف إلي حاله ومن ثم لا يعلم اذا ما كان أحد في الساحة يقرأ ويفرز ويضع الفكرة إلي جوار الفكرة ويزج بها إلي آلة هاضمة تحول النظري إلي مناهج عمل عملية فالكاتب يكتب ليريح ضميره، ونحن نعتني بما كتب.. هذا فقط كل شيء.
وما أريد أن أقوله في ذات السياق إن هذا الإبداع اذا لم تستفد منه الأمة واذا لم يتحول إلي خطي «حقيقية» نحو مستقبل واضح المعالم فإن كل هذا الابداع سوف يضيع هباء في هباء.
الفائدة المرجوة
وكيف يمكن لنا الاستفادة من كل ذلك لتتحقق الفائدة المرجوة خاصة من أفكار مفكرينا وآراء مثقفينا؟!
- انني أطرح معك بعضا من همي الخاص الذي أظنه يقلق كل شرفاء كتابنا ومثقفينا ويثير اسئلة الفائدة المفتقدة وذلك بالطبع لأننا علي ابواب فترة جديدة لم يتوصل كل منا لفهم طبيعة دور مشترك يعطي قوة حقيقية لكل تلك الأفكار ويحولها إلي طاقة تغيير جبارة تعيد صياغة المجتمع المنهك الذي يحلم في الزمن الجديد بأن يعيد الصدق وأن يبث الحماسة والفعالية إلي كل الظلام والشعارات وتلك المصيبة المسماة بالسياسة والتي صارت لسنين طويلة ذنبا وعقابا تدفع الجماهير ثمنه إفقارا واهمالا وربما احتقارا.
لقد صار الأهل معوزين ناقصي الكرامة منتزعي الأهلية والاحترام، وهم يعرفون ذلك ووقفوا في طوابير الشمس من أجل زواله ورقصوا ثقة في ان كلا منا: من الرئيس إلي كل من تكلم وحمس الجماهير ودفع بها لتصديقنا حين بشرنا بمستقبل مغاير ومصير مختلف.
وهنا اقول لك كلنا شرفاء، ولكن شرفنا يتبدد مع اقوالنا التي تذوب في الفضاء وتختفي من ثم فهي لا تطعم جائعا ولاتكسو عاريا ولا تقدم كوب لبن لطفل.
نحن مازلنا ننتظر الرئيس وحكومته وإن لم تتجمع ايدينا -هو ونحن- في يد واحدة تفتح العاصي من ابواب الخير فلافائدة فيما نقول وهذا يتطلب منا أن نبحث عن نوع من الوحدة فيما بيننا، وأن نحقق البحث في كل قضية علي حدة والخروج برؤية نتفق عليها بغض النظر عن اختلافاتنا سواء كانت جزئية أو كبيرة لابد من الجدال حول كل ما يكتبه الاخوة الشرفاء يوميا والوصول إلي صيغ فكرية تتحول بالحوار مع الدولة في أعلي قممها إلي تحقق عملي في الحياة ونساهم فيه جميعا، بدلا من اعلان الشرف الخاص يوميا من خلال مقالات اشبه بمن يتخلص من ذنوب لم يرتكبها واعلان دائم بحب مصر.
وهل تتصور أن اللقاءات التي عقدها الرئيس من قبل هي تحقيق لهذه الفكرة وتنبه القيادة السياسة مبكرا لها؟
- نحن اهل كلام، والكلام اذا لم يحفظ في أطر واذا لم تفعل هذه الأطر وتتحول إلي خطوات واقعية يسهم المثقفون والكتاب في الاشراف الفعلي علي تحويلها إلي قرارات ثم سلوك عملي وانجازات حقيقية سوف يظل الكلام كلاما!!
أنت التقيت بالرئيس السيسي من قبل أن يصبح رئيسا فماذا دار في هذا اللقاء؟
- هذا شرف كبير أن يلتقيني الرئيس بي منفردا، وتقدير منه أن يلتقي بشاعر من الشعب وأن يستمع له وهو كما نعلم جميعا- يستمع اكثر مما يتكلم وبالطبع تحاورنا حول سبب اللقاء -مصر- التي جمعتنا علي المحبة قبل أن تتصاعد احداث بلادنا وقبل أن تلعب المفارقات دورها ليصبح السيد عبدالفتاح السيسي رئيسا لمصر، لقد دار الحوار ربما حول ما تحدثت معك عنه الآن عن الفقراء والشباب وكل ما يعانيه الفقراء وهو لم يكن في حاجة لما اقول لكي يدرك ان غالبية المصريين يأكلون طوبا ويشربون مرار العيش وبؤس الحياة.. اما الشباب: فقد ردد في خطاباته اكثر من مرة مقولة «لابد أن نسترد مصر» والشباب هم المجداف الثاني القوي إلي جانب الفقراء الذين يشكلون غالبية الشعب وجيوش الفقراء هو المجداف الأول، لكي يمضي بقوة في طريق البناء ولا نحتفظ من مصر الحالية الا بإرادتنا بالتغيير وتحقيق الحلم العظيم الجميل والذي يبدو لنا جميعا، الحلم الذي هو حلم كل شريف من ابناء مصر.. وطن حر ديموقراطي لامكان فيه لجائع أو جاهل أو مريض لايجد علاجه ولازنزانة إلا لأعداء الوطن الحقيقيين الذين تجمع الأمة علي وصمهم بالخيانة.
المربعات.. المربعات
حدثنا عن الشعر؟ وماذا بعد «مربعات الأبنودي»؟
- آه.. جئت إلي المنطقة الوعرة، لقد اكتشفت أنني مخلوق نكدي وانني -كشاعر- لايحركني سوي الظلم وظلام الفترات، كما أن صوتي يتألق في الفترات المظلمة وفي تعثرات الوطن ولذلك فإن افضل ما قلت كان في ظلام النكسة لكي أبشر بالنهار، واثناء زيارة السادات للقدس وكل ما دار حول كامب ديفيد، لقد كتبت ديوانا كاملا هو «المشروع والممنوع» وكذلك في حرب الاستنزاف حين نقلت اقامتي إلي السويس تحت القنابل والصواريخ لمعايشة الحرب الشريفة التي ظلمت تاريخا وقدرا ومقاما. فهناك علي سبيل المثال كتبت ديواني «وجوه علي الشط» واغنيات «يا بيوت السويس» وغيرها وهي من اعظم فترات الجهاد الشاق في مصر فاندفع شعري وكأنه ليس مني.
أما عطاء «الإخوان» لي فهو غير محدود، لقد أغدقوا عليّ من الإبداع ما لم أتخيله، إذ كيف لشاعر ان يكتب مربعا شعريا يوميا لمدة عام ولن أتحدث عن هذه التجربة وإنما أحيلك لمقدمة استاذنا محمد حسنين هيكل الذي كتبها عن هذه التجربة، وهي أول تقديم عرفناه له لديوان شعر وقد برهن علي أنني كنت صائبا تماما حين طلبت من الاستاذ تقديمه لقرائي بعد أن عبر عن إعجابه ببعض المربعات والتجربة في مجملها.
وأين الشعر.. الآن وبشكل عام؟!
- الآن نحن مستبشرون خيرا، بل ويمتد حلمنا إلي آفاق غير محدودة، ذلك لأن الشعب المصري أدام الله عليه سعادته يرقص في الشوارع وأرجو ألا يخيب أمله فينا غدا ان شاء الله.
فماذا أكتب؟ هل أطبل مع المطبلين؟ وهل هذا يليق بمثلي؟
إنني لم أستعمل «المديح» من أغراض الشعر القديمة مطلقا، وربما تضمنت مراقبة لعبدالناصر وفؤاد حداد وصلاح جاهين مسحة المديح ولكنه كان افتخارا بالانجاز وبالعظمة التي حققها كل من اقتربت من رثائه.. لكنني لم أمتدح احدا علي قيد الحياة لقد كتبت مربعا للسيسي قبل أن يصبح رئيسا لجمهورية مصر كرمز لمقاتلته الارهاب وانتزاع جذوره التي مكن لها الخونة في بلادنا، وربما انتقدني البعض باعتباره مديحا وتزلفا، ولكن النظر الحقيقي لدور الجيش في سيناء من قتال للارهابيين وهدم الانفاق وغيرها ماكان ممكنا لمخلص لهذا البلد تجاهله، فلم اقل له «ياحلاوتك ياجمالك» مثلا ولكن قلت:
حضن عليها بجناحك
واحلم لها بأعز صباح
ونام ايديك حاضنة سلاحك
للفتح.. ياعبدالفتاح!!
فهل هذا مديح؟ ربما فالرجل الذي أطاح بالاخوان يستحق- في الحقيقة- اكثر من هذه الكلمات بكثير.
لم أمتدح حاكما
نادرا ما كنت تعجب برئيس وعلي مدي ما يقارب العشرين عاما فإنك لم تمتدح حاكما إلا عبدالناصر بعد رحيله باكثر من اربعين عاما ولكني أري أنك معجب بالرئيس السيسي فلماذا؟
- صلي علي النبي، سواء أحببت عبدالناصر أو لم أحبه، وسواء كتبت فيه شعرا أو لم أكتب فإن احدا لا ينكر زعامته للأمة العربية وأن الجماهير في زمنه عرفت معني العزة الوطنية والكرامة الانسانية التي نرفع الآن شعارها من جديد في ثورتنا الجديدة التي أري أن وراءها ما زرعه في الضمير الوطني جمال عبدالناصر.
تقول هذا الكلام رغم انك اعتقلت في زمنه وعانيت فما تفسير ذلك؟
- هذا موضوع طويل، فلم يكن عبدالناصر ديموقراطيا كما نعلم كان أمامه رحلة من الانجاز والبناء لابد من تحقيقها ولم يسمح لاحد او لفئة بعرقلته واعاقته. كان يبني ويحارب الاستعمار والصهيونية ويؤمم «القنال» فيوقظ وطنية الأمة، ووزع الأرض علي فقراء الفلاحين وأمم الشركات ورفع عن كاهل الشعب سطوة رجال الاعمال الذين نداهنهم الآن ونتسول مشاركتهم في تحمل جزء من عبء شعبهم فيناطحون، يسقطون البورصة و «يعكرشون» في فضائياتهم ومواقع قوتهم وكأنهم في عداء مع السلطة الجديدة حيث يزعجمهم شبح عبدالناصر في قصورهم وأملاكهم الشاسعة التي تدر عليهم ذهبا!!
والسيسي بما فعله مع الإخوان الارهابيين الذين سمموا هواء مصرفعل ما يدعو للاعجاب وما يذكرك بمحمد علي وعبدالناصر فعلا.
وكيف كان ذلك؟
- هل كان يمكن لمحمد علي أن يبني مصر كما فعل، وأن يخلق الجيش المصري كما فعل.. ويقيم القناطر ويهندس الري ويقيم المصانع ويرسل البعثات.. إلخ والمماليك يسيطرون علي مفاتيح الحياة في مصر ويحتكرون غلالها وأموالها ومواردها ويسومون المصريين العذاب ويغلقون كل منافذ الضوء؟ هل كان من الممكن ان يصبح محمد علي خالق مصر الحديثة لولا مذبحة القلعة التي تخلص بها من المماليك؟
هل كان يصلح معهم حوار أو مصالحة؟
ايضا وبالنسبة لناصر الذي حاول بكل صدق سد جشع الإخوان الذين هم «مماليك عصرنا» ولكنهم أبوا إلا أن يلتهموه ورأوا أن حلمهم الخيالي قابل لأن يحيا في زمن رجل أصر علي الخروج بمصر من الاحتلال والتخلف إلي الحرية والبناء وبعث قوة الفقراء من جديد والسيسي ليس إلا تكرارا لتلك الحالات التي مجدها التاريخ واحتفي بزعامتها فهو ايضا اضطر إلي «مذبحة القلعة السلمية».
ماذا تقصد بقولك بمذبحة قلعة سلمية؟
- الشعب المصري ثار رافضا العودة إلي غياهب التاريخ، والتسليم بوقوعه في يد عصابة تهين الدين وتجعله ستارا لأطماعهم وشرههم، وقد استجاب لنداء الجماهير وطلب من مرسي واعوانه أن يطرحوا الاستفتاء بشأن حكمه علي جماهيرمصر، ورفض الإخوان ليس بغرور أعمي كما يعتقد البعض، ولكنهم أحسوا بنفور الجماهير منهم وأدركوا أنهم لو فعلوا ذلك فإن الجماهير ستسقطهم ولن يكون لهم ذيل قضية باطلة يتعلقون به فأبوا واستكبروا وبإجماع الأمة، قام السيسي بمذبحة المماليك السلمية التي فوضه لها الشعب وعيون الأمة.
دموع عدلي
وما أفضل لقطة انسانية لفتت نظرك في المشهد السياسي مؤخرا؟
- إنها دموع الرئيس عدلي منصور التي لم تسقط من عيونه بل وسقطت من عيوننا، فلقد دمعت عيناي وأنا أستمع إلي هذه الشخصية الانسانية الرحبة، نقية القلب والضمير، لقد أحاط في «خطاب الوداع» بكل ما يؤرق الأمة كما كشف عن جوهر نقي لقاض عادل عظيم حكم مصر زهاء العام وادخل إلي تاريخنا بطوله تلك اللقطة الجديدة التي لم يسبق ان حدثت في التاريخ المصري- الحديث علي الاقل- صورة تسليم حاكم السلطة للرئيس الجديد.
لقد نبه المستشار.. الحاكم الجديد إلي خوفه ممن يحومون حوله -ساعتها احسست انه يعني بعضهم بالذات، هؤلاء المتسللين من الانظمة السابقة والذين يعلم الله فقط اذا ما كانوا يعملون لأنفسهم او لجهات خفية، فالبعض يضع عينه علي مجلس الشعب، فالمجلس بصورته الجديدة التي ستكون هي الاقدر علي عزل الرئيس فلابد اذن من اختيار رجل في قيمة ونظافة وعظمة ذلك الرئيس الذي ودعناه منذ قليل وصار «سابقا» ان الحاكم يعرف بمن حوله، هذا الذي يحلم باختطاف حزب الرئيس بالتحايل علي التسمية، والحكومة بمجملها تحتاج إلي عين فاحصة وانهاء الطريقة التقليدية في الاختيار، واذا ما ظهرت سلبية وزير لابد من إقالته فورا ولا ننتظر حتي تتغير الوزارة أو يحدث ظرف يراه رئيس الحكومة مناسبا، إننا لانريد ان نضيع أكثر مما ضيعنا ولكننا نريد أن نبدأ في الاصلاح فورا فالبطء ليس في صالح البيت القديم ولاسكانه، وما نستطيع أن نفعله اليوم قد لا نستطيع ان نفعله غدا أو نجد فرصة لذلك مهما صدقت النوايا.
المرأة والفاعليات
ما رأيك في مشاركة المرأة المصرية في كل هذه الفعاليات واصرارها علي هذه المشاركة في جميع مرحل خارطة الطريق؟!
- موقفي من قوة المرأة المصرية واخلاصها في العمل وفي الحياة بشكل عام معروف، أنها سباقة وجريئة ولديها ثقة كبيرة في وطنها والنضال من اجل مستقبله، وقد رأيناها في مواقف كثيرة تقف في وجه الطغيان ثابتة، تتقدم التظاهرات وتعلو هتافاتها هازمة التصدع الاخلاقي ونوبات التحرش والانفلات متجاوزة صغارات المجتمع ونظرته الدونية التي تعكس التخلف وتحجر العقل.
لقد تعرضت المرأة للاهانات والعذابات ولم يجعلها كل ذلك تنكص عن استكمال دورها المجيد.
ثم ان المرأة حتي البسيطات اللاتي لم يتلقين تعليما ولم يدعين الثقافة والمعرفة يخرجن في احرج الظروف ليحسمن امورا اختلف عليها المتعلمون ومدعو الثقافة والمعرفة.
واعجب جدا للنافرين من تعبير المرأة عن سعادتها بالدستور واحساسها الغامر بالفرح من انتزاع حكم مصر مرة أخري من الاخوان وانصار قمع المرأة وتحويلها إلي اداة جنسية وخادمة الرجل، ذلك الفكر المنحط والذي أحاط المرأة المصرية بدونية ترفضها تماما ودائما كانت تبحث عن دورها.
إنها تحية غامرة للمرأة المصرية المتعلمة والبسيطة، واما هؤلاء الشباب رافضي المسيرة وأهل الانعزال فنحن نؤمن بان طوفان حركة المجتمع وزحفه نحو اهدافه سيجبرهم علي الانخراط في انقاذ مصر وسيدفع بالجميع إلي الصفوف اذ لن يكون هناك مكان لخامل يلبس قناع الاختلاف والمغايرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.