منافس الأهلي.. بورتو يسابق الزمن لضم فيجا قبل انطلاق مونديال الأندية    7 لاعبين مهددون بالرحيل عن ريال مدريد    أحمد الفيشاوي يثير الجدل مجددًا بظهوره ب«حلق» في أحدث إطلالة على إنستجرام    من مدريد إلى نيويورك..فى انتظار ولادة صعبة لحل الدولتين    باريس سان جيرمان ينهي عقدة تاريخية لأندية فرنسا أوروبيًا    بعد رحيله عن الأهلي.. هل طلب سامي قمصان ضم ميشيل يانكون لجهاز نادي زد؟    لاعبان سابقان.. الزمالك يفاضل بين ثلاثي الدوري لضم أحدهم (تفاصيل)    معاكسة فتاة ببنها تنتهى بجثة ومصاب والأمن يسيطر ويضبط المتهمين    متحدث الصحة: نضع خطة طوارئ متكاملة خلال إجازة العيد.. جاهزية كل المستشفيات    ديستربتيك: استثمرنا 65% من محفظتنا فى شركات ناشئة.. ونستعد لإطلاق صندوق جديد خلال عامين    مطالب برلمانية للحكومة بسرعة تقديم تعديل تشريعى على قانون مخالفات البناء    البلشي يرفض حبس الصحفيين في قضايا النشر: حماية التعبير لا تعني الإفلات من المحاسبة    القومي لحقوق الإنسان يكرم مسلسل ظلم المصطبة    الحبس والغرامة للمتهمين باقتطاع فيديوهات للإعلامية ريهام سعيد وإعادة نشرها    «سيبتك» أولى مفاجآت ألبوم حسام حبيب لصيف 2025    مدير فرع هيئة الرعاية الصحية بالإسماعيلية يستقبل وفدا من الصحة العالمية    رئيس النحالين العرب: 3 جهات رقابية تشرف على إنتاج عسل النحل المصري    وزير الصحة: تجاوزنا أزمة نقص الدواء باحتياطي 3 أشهر.. وحجم التوسع بالمستشفيات مش موجود في العالم    بحثًا عن الزمن المفقود فى غزة    مصطفى كامل وأنوشكا ونادية مصطفى وتامر عبد المنعم فى عزاء والد رئيس الأوبرا    20 صورة.. مستشار الرئيس السيسي يتفقد دير مارمينا في الإسكندرية    موعد أذان مغرب السبت 4 من ذي الحجة 2025.. وبعض الآداب عشر ذي الحجة    بعد نجاح مسابقته السنويَّة للقرآن الكريم| الأزهر يطلق «مسابقة السنَّة النبويَّة»    ماذا على الحاج إذا فعل محظورًا من محظورات الإحرام؟.. الدكتور يسري جبر يجيب    الهمص يتهم الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج في قطاع غزة    الإخوان في فرنسا.. كيف تُؤسِّس الجماعة حياةً يوميةً إسلاميةً؟.. خطة لصبغ حياة المسلم فى مجالات بعيدة عن الشق الدينى    المجلس القومي لحقوق الإنسان يكرم أبطال مسلسل ظلم المصطبة    وزارة الزراعة تنفي ما تردد عن بيع المبنى القديم لمستثمر خليجي    برونو يحير جماهير مانشستر يونايتد برسالة غامضة    القاهرة الإخبارية: القوات الروسية تمكنت من تحقيق اختراقات في المواقع الدفاعية الأوكرانية    "أوبك+": 8 أعضاء سيرفعون إنتاج النفط في يوليو ب411 ألف برميل يوميا    قواعد تنسيق العام الجديد.. اعرف تفاصيل اختبارات القدرات    ما حكم بيع جزء من الأضحية؟    محافظ القليوبية يوجه بسرعة الانتهاء من رصف وتطوير محور مصرف الحصة    ب حملة توقيعات.. «الصحفيين»: 5 توصيات ل تعديل المادة 12 من «تنظيم الصحافة والإعلام» (تفاصيل)    استعدادًا لعيد الأضحى| تفتيش نقاط الذبيح ومحال الجزارة بالإسماعيلية    محافظ أسيوط ووزير الموارد المائية والري يتفقدان قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية    تكشف خطورتها.. «الصحة العالمية» تدعو الحكومات إلى حظر جميع نكهات منتجات التبغ    وزير الخارجية يبحث مع عضو لجنة الخدمات العسكرية ب"الشيوخ الأمريكي" سبل دعم الشراكة الاستراتيجية    مصادرة 37 مكبر صوت من التكاتك المخالفة بحملة بشوارع السنبلاوين في الدقهلية    حظك اليوم السبت 31 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    لماذا سيرتدي إنتر القميص الثالث في نهائي دوري أبطال أوروبا؟    تفاصيل ما حدث في أول أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنوفية    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    بدر عبد العاطى وزير الخارجية ل"صوت الأمة": مصر تعكف مصر على بذل جهود حثيثة بالشراكة مع قطر أمريكا لوقف الحرب في غزة    وزير التربية والتعليم يبحث مع منظمة "يونيسف" وضع خطط لتدريب المعلمين على المناهج المطورة وطرق التدريس    استخراج حجر بطارية ألعاب من مريء طفل ابتلعه أثناء اللعب.. صور    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    رئيس الإنجيلية يستهل جولته الرعوية بالمنيا بتنصيب القس ريموند سمعان    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    "نفرح بأولادك"..إلهام شاهين توجه رسالة ل أمينة خليل بعد حفل زفافها (صور)    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    عمرو الدجوى يقدم بلاغا للنائب العام يتهم بنات عمته بالاستيلاء على أموال الأسرة    عيد الأضحى 2025.. محافظ الغربية يؤكد توافر السلع واستعداد المستشفيات لاستقبال العيد    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي في حوار مع "الوفد":
الإسرائيليون "هوّدوا" فلسطين والإخوان يحاولون "أخونة" مصر
نشر في الوفد يوم 18 - 06 - 2013

هو معجون بمصر.. بترابها ومياه نيلها،واستوي - في الجنوب - تحت حرارة شمسها،حالة استثنائية لا تتكرر في عمر الأوطان ولا الشعر. عاصر رؤساء وحكومات وظل محتفظا بروحه واحدا من بسطاء الناس يغني لهم ويتألم لآلامهم ويفرح لفرحهم، ويحلم معهم بمستقبل أكثر حرية ورحمة وعدلا.
هذا الحوار مع الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي هو شهادة عن الثورة والشهداء والمشهد السياسي الحالي الذي يبدو كسرداب معتم طويل لا تضيئه شمس ولا شمعة.
ماذا بقي من ثورة 25 يناير؟
- ما بقي هي ثورة 25 يناير وأنا لا أحس أن الثورة حدث لها مكروه بغض النظر عن قضية استيلاء الإخوان علي السلطة وسرقة الثورة ولكن الثورة كالريال تسرقه وتضعه في جيبك لكنه يظل ريالا وعلينا جميعا استرداده.. وأنا أري شباب مصر في حالة من الفوران وقد اكتسب الوعي وتحصن من الميكروب الذي أصابه وهذه المرة لن يستطيع أحد العبث به ويخطف إنجازه العظيم.
لقد تغيرنا جميعا.. نار الأنين وصرخات عالية مفزعة تطلقها أمهات فقيرات لم يكنّ يعرفن شيئا عن الاحتجاج أو أن لهن حقوقا وكن يؤمن بأن الرزق من عند الله وأن الله أراد لهن العيش والموت في منازلهن لم يعد هناك فقير يقبل بهذه المذلة..انظر الي الفلاحين الذين يعتقد الكثير من المثقفين أنهم طبقة ليست ثورية لأنهم أقنان الأرض وانظر إليهم الآن وهم يقطعون الطرقات ويقتحمون سرادقات الكبار صارخين بحقوقهم في الماء وفي تخفيض أسعار البذور والسماد والمبيدات وفي ظل أزمة الماء الموجودة فافتح أي جريدة تجد احتجاجات الفلاحين تملؤها.
كذلك العمال والموظفين وانظر الي ثورة القضاء وانظر الي احتجاج المثقفين علي هذا الوزير الذي أصروا علي توزيره وانظر الي حركة «تمرد» التي تشبه فيضان النيل العتيق والتي غمرت الأرض المصرية ومازالت والتي نحن واثقون أنها سوف تحقق أهدافها، انظر الي الطلاب وإلي الأطباء وإلي المعلمين وكل فئات الشعب ماعدا «الإخوان المسلمين» وأن الاتجاهات الدينية الأخري متململة بسبب أنانية الإخوان وخيانتهم لثقافاتهم القديمة.. تلك الخيانة التي لا يجيدون غيرها والكذب الذي هو مذهبهم الأصلي.
إذن فلا يجب أن نسأل ماذا بقي من ثورة 25 يناير وأنا تفاؤلي ليس ساذجا حين أقول إن ثورة 25 يناير مازالت بخيرها وما كان يجب أن تتحقق في 18 يوما - عمر الثورة - فهذا زمن أسرع من أزمنة الانقلابات وإنما الثورة عمل يدوي- قاس ويحتاج الي جهود الوطنيين من أبناء هذه الأمة ويحتاج صبرا جديدا وتعلما مستمرا واكتساب خبرة كي لا يحدث لهم ما حدث مع هؤلاء اللصوص.
لا تزال أغنية علي الحجار «ضحكة المساجين» أكثر الأعمال التي عشنا الحرية من خلالها.. لماذا ندرت الأعمال حول الثورة؟
- أيضا الإجابة هذه المرة لن توافقك علي رأيك، إذ إنني أري أن تجربة الميدان علي الرغم من قصر مدتها إلا أنها كانت كافية لصهر وجدان الشباب وعقولهم فخرجت منهم فنون لا تخرج حين تكتبها بالبيت.. مثلا هناك أغنية اسمها «صوت الحرية» لا يمكن أن تكتبها وأنت في بيتك لابد أن تنزل الي ميدان التحرير وأن تخوض تجربة وهي أغنيات نبيلة جدا خرجت من هذه التجربة من قلب شباب لم تكن تعرفهم من قبل، أغنيات وقصائد عالية القيمة كلمة ولحنا وشدوا كما أن المطربين المحترفين حاولوا الاقتراب من التجربة وابتذالها إلا أننا رأينا بأعيننا أن العملة الجيدة تطرد الرديئة. وإذا كان معظم إبداع هذه الفترة - أقصد الإبداع الحقيقي - لم يصل للناس بصورة كافية فإنني أحمل أجهزة الإعلام وزر هذه الجريمة وحتي أجهزة إعلامنا التي تنتمي لنا وننتمي لها سلكت نفس مسلك إعلام النظام - سواء بقصد أودون قصد وهناك محطة واحدة اهتمت حتي الآن بتلك الأغنيات هي «ON TV».
إن عشرات الفرق الغنائية التي خرجت لنا بأسماء جديدة علي آذاننا مثل «وسط البلد - اسكندرية - كايروكي» وغيرها وغنوا الأغنية بنصوص رائعة وألحان حاولت أن تكون قريبة من الناس ولكن في النهاية غنت أوجاع الناس وشاركت في المد الثوري الذي غمر مصر ومازالت هذه الفرق تؤدي دورها في هذه النكسة المؤقتة لثورة 25 يناير حتي الآن وتبدع أغنيات وأشعارا جديدة.
وهناك الشاعر مصطفي إبراهيم الذي كتب أغنية «فلان الفلاني» وهي خلاصة تجربة ميدان التحرير واصطياد الشهداء وارتفاع القيم النبيلة في سماء التجربة وكيف يحمي الثائر زميله الثائر.. وهي أغنية اعتبرها من أهم الأغنيات الوطنية التي اعتصرت تجربة الثمانية عشر يوما.. كذلك أغنيات مثل «اثبت مكانك» وغيرها.
أما أغنيات «ضحكة المساجين» فهي أغنيات بجزءيها تشكل قصيدة كتبتها ونشرتها في «المصري اليوم» والتقطها علي الحجار بحسه الوطني المميز والذي لم أر أحدا آخر - من المطربين المحترفين - يفعلها ودفع بالأغنيات للملحن فاروق الشرنوبي الذي وضع منها هذا النسيج الجميل في الأغنيتين كما أنه غني للشهيد أغنية كتبتها له أيضا وكذلك أغنية «ابتسمي يا مصر من تاني» فهو أحد المميزين جدا في تجربة الثورة ويعتبر مغنيها بلا منازع.
هل تجد خطرا من ازدياد المد الإخواني في كل الوزارات والهيئات؟
- أولا يتم ذلك بصورة لم يتسن للشعب المصري أن يدرك كل حقيقتها بعد فنحن نعاني من مساحات واسعة من البطالة الحقيقية والمقنعة في بلادنا وحين جاء هؤلاء والمفروض أنهم يفكرون أول ما يفكرون في البطالة لأنهم أهل دين والمفروض أن يتعاطفوا مع الأسر التي أنفقت ما تملك علي تعليم أبنائها لكي يعيدها هؤلاء الأبناء في المستقبل فإذ بنا نري أنه ليس فقط خريجي الجامعات هم من لم يستوظفوا بل من يملكون الماجستير ولن ننسي تلك المظاهرة الماجستيرية التي خرج فيها الشباب يحملون شهاداتهم في وجه السلطة أمام منزل الرئيس ليعدهم كعادته بوعد لن ينفذ إلا للإخوان منهم كذلك في كل هيئة عينوا أعدادا كبيرة جدا داخل الإدارات والمؤسسات التي لا تحتاج لهذا العدد الكبير ولكن مخططهم أن يزرعوا الإخوان في كل أوصال الدولة وشرايينها وفي كل مكان وهو أسلوب إسرائيلي معروف والإسرائيليون يعتبرون أساتذة الإخوان في الاستيلاء والتحكيم والإقصاء واحتلال مواقع جديدة يوميا دون النظر الي الأهداف الأخري.. هؤلاء هوّدوا فلسطين وهؤلاء أخونوا مصر. وذلك طابع الأنانية الذي اكتشفه الشعب المصري.
حدثنا عن تجربتك مع المربعات ذلك القالب الذي استحدثته في الشعر وما الفارق بينه وبين الرباعية؟
- المربع شكل لم أستحدثه وإنما هو شكل شعري شعبي قديم انتقل لنا من المغرب العربي الي بلدان الشمال الأفريقي، ثم تسرب الي صعيد مصر مع التجار والحجاج حين كان هناك ما يسمي بالطريق الطويل بين الصعيد وبين هذه الدول الشقيقة.
وكان ميناء القصير المواجه لمدينة قنا علي شط البحر الأحمر ميناء مهما جدا في الانتقال الي الجزيرة ومنها الي صعيد مصر وكان الحجاج والتجار يقيمون فترات طويلة بالذات في الوقت الذي كانت فيه مدينة قوص العظيمة عاصمة اسلامية خلال الحكم الفاطمي وكان الناس حين يأتون ويقيمون يسردون التواريخ ويحكون عن أيامهم المشهودة وحروبهم وطبائع بلادهم ومن ضمن ما كانوا يحكون كان تراثهم الشعري والأدب والأقاصيص والنوادر ووجد الفلاح الصعيدي في شكل المربع الذي انطلق من منطلق البوح الصوفي الذي أساسه شكل ديني لمدح الرسول صلي الله عليه و سلم ثم الانطلاق الي هموم الحياة الدنيا.. ولأنه مربع فهو يتكون من أربع شطرات متشابهة في الشطرين الأول والثالث من جانب والثاني والرابع من جانب آخر في محاولة لخلق تشابه كبير في حروف القوافي، ومن هذه الحروف تتولد الحكمة التي عشقها فلاح مصر الصعيدي واعتنق هذا الشكل وصار زادا له في شوارع الحياة الشاق بل صار الرجال يتبارون بالمربع فيما بينهم ثم نسجت السيرة الهلالية بالمربع.. وربما كان جابر أبوحسين كبير شعراء الهلالية في الصعيد قد جاء من الإسكندرية بهلالية بحراوية.. فأعاده الناس الي المكان الذي جاء منه.
كيف استطعت أن تضع هذه الخلطة بين الشعر الصافي كشعر وبين الأغراض السياسية التي نعيشها هذه الأيام؟
- لقد كتبت مربعاً يشبه مرسي بمبارك وقلت إن الفارق بينهما هو الزمن وفيما بعد صارت هذه مقولة عامة لا تعرف من قالها ذلك لأن الأستاذ إبراهيم عيسي نشر هذا المربع في الصفحة الأولي في «التحرير» التي يرأس تحريرها فأحدث ضجة.. فهاتفني قائلاً: أريدك معي في التحرير ولك أن تختار أي صيغة تحب أن تقدمها لنا لمدة عام.. فبعد تفكير وحوار مع النفس تذكرت المربع وقلت ما دمت قد صنعت ذلك المربع الذي أدهش الجميع الذي يمثل فيه روحي الشعرية وطابع السخرية المصري وفي نفس الوقت يحكي قضية التشابه بين النظام القديم والحديث من خلال الرئيسين فلماذا لا أجرب أن أكتب المربع، خاصة أنني أري أنه لا كتاب الرواية بقادرين علي كتابة رواية ولا الشعراء يكتبون القصيدة الطويلة ولا الجمهور قادر علي أن يقف علي أعمال طويلة في ظل هذه الأحداث المتلاحقة التي تنقلت من حالة نفسية إلي أخري في ثوان معدودات، فكيف يستطيع الروائي أن يغلق عليه بابه منفصلاً عما يدور في الواقع لمدة ستة شهور، أو عام، وهذا ما تتطلبه الرواية الجيدة، لأن الروائي مواطن مصري أولاً وأخيراً يقع عليه ما يقع علي الناس من أعباء نفسية بل إنه يعانيها بصورة أكبر لأنه حساس فيدفع ثمن رؤيته عذاباً أكبر من عذاب العامة أو من عذاب المتعلمين العاديين.
ثم إن تعقيد الحياة السياسية ومشاكلها ونبضها المتسارع يضع الشاعر في لحظة يأس إذ إنه لا يستطيع أن يحبس أو يفتن كل هذه الوقائع في قصيدة ولن يأخذ تفصيلة من كل ما يحدث بعضها في نصه متجاهلاً بقية الأحداث والأمور، وبالتالي صمت الشعراء وجاءت قضية المربع في الوقت المناسب جداً فهي حوار سريع مع الأحداث المتلاحقة بمربعات متلاحقة لا تأخذ وقتاً تتطلبه القصيدة ولا أغرق في تفاصيل ما يحدث فكأني لست فقط أؤرخ للثورة يومياً وللوقائع السياسية وإنما للمشاعر الإنسانية من غضب وحزن وندم ورفض، فكأني كما قلت أؤرخ للثورة نفسياً، وقد كتبت حتي الآن وقد مضي علي تعاملي مع المربع تسعة شهور، أي 270 مربعاً، ولم أكن أتخيل في يوم من الأيام أنني أتجاوز أسبوعاً أو شهراً، فإذا بهذا الشكل الشعري الذي انغمست فيه لأكثر من أربعين عاماً في غوص وقراءة السيرة الهلالية وإنقاذها من الضياع تعطي ثمرتها الآن، وتخفف عني حمل البحث عن طريق للتعبير عما يدور وتدفعني لمعالجة المربع بهذه الخلطة السحرية بين ما يحدث في حياتي السياسية وبين حياتي كشاعر مستقل بشعره يخشي علي قيمته ويدافع عنها.
وربما كانت لنا في تجربة برتولبريخت الشعر الألماني العظيم الذي استطاع أن يكتب شعراً سياسياً خلدته الأيام وأشد ما يفرح في هذه التجربة ذلك الإقبال الجماهيري المهول عليها ولأنني لا أتعامل مع وسائل الاتصال الحديثة من نت ويوتيوب وغيره فيحكون لي كيف صار المربع الآن زاد الشاب الثائر وكيف أن هناك مواقع خاصة بمربعاته، وعرفت أنهم يفهرسون المربعات بموضوعاتها، مثلاً الدفاع عن الأقباط في مواجهة الهجمة الإخوانية والتغني بالشهداء مينا دانيال والحسيني أبوضيف وحمادة المصري، وطبعاً أحمد دومة ومحمد الجندي، هذه الأحداث وجدت أنني أرخت لها بدون قصد، وجدت نفسي أكتبهم، فأصبح لهم فعل إلي جانب «عمايل» الإخوان منذ أن جاءوا إلي السلطة ورغبتهم المتواصلة التي لا تهدأ في إعادة صياغة مصر وتغيير طابعها الإنساني وزيها الحضاري وتحويلها إلي لقمة سائغة للأعداء كما تري كيف حوصرنا من الشرق والغرب والجنوب.
كارثة الوزير الجديد
بخبرتك الطويلة كيف تري تعيين وزير الثقافة الجديد؟.. وكيف يمكن للمثقفين التعامل معه؟
- تعيين وزير الثقافة بهذه المواصفات يليق تماماً بهذه الفترة المنحطة التي نعيشها، كان لابد من إلهاء المثقفين بقضايا فرعية تستنفد طاقاتهم كي لا يفتشوا في قضية اختطاف الجنود في سيناء، ومن الذي صنع هذه العملية، وكيف لم يعاقبوا؟.. ثم جاءت الطامة الكبري التي هي سد النهضة الإثيوبي ليقضي علي منبع الحياة في مصر - وهو نهر النيل - وهي كوارث لم تحدث في تاريخ مصر منذ ميلادها وهي تليق بهؤلاء الذين يخطفون غنيمة يمضغون لحمها، و«يمصمصون» عظامها لتحويلها إلي ولاية ضعيفة يسهل حكمها بواسطة هؤلاء الأغبياء، إذ إنهم لا يستطيعون أن يحكموا شعب مصر الذي سيرد لهم الصاع صاعين، وقضية الوزير الجديد أيضاً محاولة لإطفاء أنوار الحضارة المصرية وإنهاك قوة مصر الناعمة وقدرتها علي التأثير والمكانة التي اكتسبتها في مجال الفنون والأدب، مثلما حدث في الأوبرا من عزل الفنانة العالمية العظيمة إيناس عبدالدايم بعد أن استردت الأوبرا المصرية صيتها في العالم وأصبح لها مكانة واحترام بين كل المؤسسات العالمية والفكرية، كذلك انتزاع الدكتور أحمد مجاهد من حركة الكتاب المصري واستبدال هذه المواقع برؤساء كل مؤهلاتهم هو رضاء الإخوان عنهم ولا أظنها مؤهلات تليق بوزارة كوزارة الثقافة، وإن كان المثقفون والمبدعون المصريون كل واحد منهم في حد ذاته وزارة ثقافة كاملة، المبدعون والمؤرخون والكتاب والفنانون التشكيليون والشعراء والقصاصون، كل هؤلاء لن يهزمهم مجرد موظف ليس له مؤهلات إلا رضاء المرشد عنه، وكل ذلك سوف يزول ونحن موجودون والزمن طويل.
وصفت جلسة مناقشة أزمة سد النهضة ب «جلسة الحشاشين».. لماذا أطلقت عليها هذا الوصف؟
- هم يهاجمونني بضراوة غير مسبوقة لأنني قلت إن الاجتماع الخاص بمصير نهر النيل وقضية إثيوبيا كانت أشبه بجلسة «حشاشين» أنت تعرف أن الحشاشين حين تروق «الغزالة» فإنهم يسعدون سعادة مبالغا فيها جداً.. ويضحكون بصورة عاصفة وهم لا يعتقدون أن أحداً يسمعهم ويقولون الكلمة ويخيل لهم أنها في حجم سفينة، وحين يستيقظون في الصباح يجدون نفس المشاكل التي هربوا منها في الحشيش وأن الكلمة لم تكن سفينة، إن الضحك لم يكن حقيقياً.
كيف يمتعهم زيف الحقائق إلي هذا الحد، ألم يخرجوا علي الناس عراة بضعفهم وحالتهم وأفكارهم السريالية الخاوية، والقبض علي الواقع ببلاهة الهواة؟.. وهل رئيس الجمهورية يتكلم أصلاً؟.. مثلاً ماذا قال في جلسته الخالدة سوي تلك المعادلة الرياضية المضحكة المذهلة؟
لقد أحسست أنني في جلسة علنية في برلمان الحزب الوطني الباطل، أما أن هذا يشبه بالضبط جلسات الحشاشين فإنني لم أحسن في الوصف وإنما كان توصيفي محاولة دقيقة لشرح الوضع.
نحن منذ أول الثورة صدقنا في كل كلمة، وكل شعار، وكل لافتة، وكل غناء، وكل دماء، وهم لم يصدقوا معنا أبداً في كلمة أو وعد أو إجراء، وفي النهاية أظنهم يدبرون مذبحة لشبابنا في 30 يونيو، مستعينين بقواعدهم في حماس، الذين سوف يخترقون الأنفاق ويأتون مدداً لهم، كما اخترقوهم من قبل وحرروهم من السجون.. إذن لابد من اتحاد كل القوي الثورية بل ونصف الثورية والديمقراطية وليس فصيلاً بعينه حتي يتم تعديل مسار الثورة من جديد، حتي نصل إلي شاطئ حقيقي للأمان في مصر.

بطاقة شخصية
ولد الشاعر عبدالرحمن الأبنودي عام 1938 في قرية «أبنود» بمحافظة قنا، لأب كان يعمل مأذوناً شرعياً هو الشيخ محمود الأبنودي.
متزوج من المذيعة نهال كمال وله منها ابنتان «آية» و«نور».
كتب العديد من الأغاني لكبار المطربين المصريين والعرب، كما كتب أغاني عدد من المسلسلات مثل «النديم»، و«ذئاب الجبل»، وحوار وأغاني فيلم «شيء من الخوف»، وحوار فيلم «الطوق والإسورة» وشارك في كتابة السيناريو والحوار لفيلم «الطوق والإسورة» عن قصة قصيرة لصديق عمره يحيى الطاهر عبدالله.
من أشهر دواوينه الشعرية: «الأرض والعيال - الزحمة - جوابات حراجى القط - أحمد سماعين - وجوه على الشط - صمت الجرس - المشروع والممنوع - الموت على الأسفلت»، إضافة الى تحقيق سيرة بني هلال في خمسة أجزاء.
حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 2001، ليكون بذلك أول شاعر عامية مصري يفوز بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.