تحظي قضية الأمن الغذائي باهتمام كبير من رئيس البحرين انطلاقا من حرصها علي توفير كافة السبل التي تؤمن للمواطنين احتياجاتهم من الغذاء بأسعار تتناسب مع جميع مستويات الدخل وعلي مدي شهور العام، لاسيما في ظل أزمة الغذاء العالمية التي لم تسلم من تداعياتها السلبية العديد من دول العالم بما فيها الدول الكبري، ولذلك عملت الحكومة علي اتخاذ عدد من الإجراءات التي تسهم في تحقيق هذه الهدف. وقد اتخذت الإجراءات التي قامت بها حكومة مملكة البحرين في مجال تحقيق الأمن الغذائي أشكالا عدة تنوعت بين القرارات والتوجيهات المباشرة، إضافة إلي العمل المتواصل من أجل تسهيل كافة الإمكانيات للقطاع الخاص لزيادة الاستثمار في مجال الأمن الغذائي، إلي جانب تنفيذ عدد كبير من مشاريع الاستثمار الخارجي في مجال الأمن الغذائي، مستفيدة في ذلك من العلاقات الطيبة التي تجمع بين مملكة البحرين بالعديد من دول العالم. وفي تصريح لوكالة أنباء البحرين أكد إبراهيم محمد زينل النائب الأول لرئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين أن الحكومة مهتمة بشكل كبير بتنمية القطاع الغذائي، إذ أنها تتفاوض بشكل مستمر مع القطاع الخاص، في إطار حرصها علي توفير كافة السلع الرئيسية، وما تعطيه من دعم كبير لهذا القطاع. حرص المملكة وأشار إلي أن ذلك الاهتمام يأتي في إطار حرص المملكة بشكل عام علي توفير السلع الغذائية الأساسية بأسعار تعتبر هي الأقل في منطقة الخليج خصوصاً بالنسبة للحوم الحمراء والبيضاء ومنتجات الطحين، كما أنها مهتمة بتوفير مقومات تنمية الصناعات الغذائية، حيث يتم العمل حاليا بناء مصنع للسكر. وأكد زينل أهمية توفير الأراضي اللازمة لإقامة المشاريع التي تصب في مجال الأمن الغذائي مثل "الاستزراع السمكي والدواجن"، إذ أن الكثير من المستثمرين في القطاع الخاص يجدون صعوبات في الحصول علي أراضي ومساحات مخصصة لذلك. وبنظرة أكثر تفصيلا، نجد أن مملكة البحرين أدركت منذ وقت مبكر ومع بدايات أزمة الغذاء العالمية في العام 2008 أهمية المسارعة في التعامل مع هذه الأزمة بحكمة وروية بالشكل الذي يضمن عدم تأثر المواطنين بها، وجاءت خطواتها محسوبة مما كان له عظيم الأثر في عدم نقصان السلع في السوق البحرينية، وعدم تجاوز الأسعار للحدود المقبولة التي قد تمثل أعباء إضافية علي المواطنين. وفي هذا الصدد، جاء قرار مجلس الوزراء بتشكيل لجنة لتعزيز الأمن الغذائي في أغسطس 2008 مهمتها تعزيز الأمن الغذائي عبر إبراز أهمية تأمين الغذاء للمجتمع من خلال اتخاذ إجراءات للاستثمار الزراعي والحيواني والسمكي في مملكة البحرين وخارجها وبخاصة في الدول ذات الموارد الزراعية والحيوانية، واستمر النهج الحكومي في المتابعة والمراقبة للأسواق والمجمعات الاستهلاكية، ودعم جهود جمعية حماية المستهلك، وصولا إلي صدور توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر خلال جلسة مجلس الوزراء في 21 نوفمبر الماضي ببحث الاحتياجات اللازمة لتحقيق الاستقرار في مجال الأمن الغذائي، ومتابعة الاستثمارات الداخلية الجديدة في مجال الأمن الغذائي، وما استجد بشأن إنشاء الشركات الجديدة التي تدعم الأمن الغذائي وبخاصة في مجال الاستزراع السمكي، وقطاع الدواجن واللحوم والخضروات. الاستثمارات الداخلية أما فيما يتعلق بالاستثمارات الداخلية الجديدة المتعلقة بالأمن الغذائي التي يقوم بها القطاع الخاص، فقد تم إنشاء شركة جديدة لدعم الأمن الغذائي في مجال الاستزراع السمكي تحت اسم "أسماك" في مارس 2010، كما تم إنشاء شركات جديدة لدعم الأمن الغذائي في قطاع الدواجن بهدف توفير الدواجن بأسعار تنافسية، فضلا عن أن وزارة الصناعة والتجارة تسعي بالتنسيق مع وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني والجهات المعنية لتوفير الأراضي الخاصة لقيام مزارع إضافية للدواجن التي من شأنها تغطية الطلب المحلي في بيع وتفقيس وتربية وإنتاج الدواجن الطازجة والمبردة والمجمدة. الشركة العربية للسكر بالإضافة إلي ذلك يجري العمل علي تأسيس "الشركة العربية للسكر"، وتهدف إلي إنتاج السكر محلياً، الأمر الذي سيؤدي إلي توفير هذه السلعة الاستراتيجية بأسعار تنافسية، كما قامت وزارة الصناعة والتجارة بالترخيص لمصنعين لإنتاج وتعبئة التمور، إلي جانب وجود توجه لدي مؤسسات القطاع الخاص للاستثمار في زراعة الخضروات الورقية بواسطة البيوت المحمية " البيوت البلاستيكية" فضلا عن قيام مجموعة من المستثمرين البحرينيين والصينيين بالعمل من اجل إنشاء مشروع مقترح للاستزراع السمكي يهدف إلي إنتاج 5،2 طن في اليوم من سمك " الهامور". وفيما يرتبط بمشاريع الاستثمار الخارجي للقطاع الخاص في مجال الأمن الغذائي، فقد شملت التعاون مع عدد الشركات في كل من مملكة تايلاند، وجمهورية الفلبين، والجمهورية التركية، وجمهورية الهند، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وجمهورية أثيوبيا، وجمهورية السودان من اجل إقامة العديد من المشروعات المشتركة في مجالات الإنتاج الزراعي والحيواني، إلي جانب توسيع قاعدة استيراد المواد الغذائية وتنوعيها بالشكل الذي يضمن توافر السلع الغذائية بأسعار معقولة.ويرجع النجاح في هذا الجانب إلي الاتفاقيات المتعددة التي عقدتها الحكومة مع هذه الدول والزيارات الناجحة رسميا أو عبر رجال الأعمال في توطيد العلاقات الاقتصادية بين مملكة البحرين وهذه الدول. وبالتوازي مع ذلك واصلت الحكومة نهجها في دعم السلع الغذائية الأساسية الثلاث وهي "الطحين واللحوم الحمراء والدجاج المحلي" ،وقد تم اعتماد مبلغ 36 مليون و400 ألف دينار لسنة 2010 كميزانية لدعم هذه السلع، الأمر الذي أسهم في تحقيق الأمن الغذائي في المملكة واستقرار أسعار هذه السلع، مما جعلها الأقل علي مستوي المنطقة والعالم ككل، إضافة إلي اهتمام الحكومة المتواصل بزيادة الطاقة الإنتاجية لشركات إنتاج المواد الغذائية الأساسية وهي، شركة البحرين لمطاحن الدقيق، وشركة البحرين للمواشي، وشركة دلمون للدواجن لضمان استمرارية توافر هذه المواد الغذائية الأساسية في الأسواق، حيث قامت الحكومة تطوير هذه الشركات لزيادة قدراتها الإنتاجية. معرض الإنتاج الحيواني ورأي النائب عثمان شريف الريس أن تنظيم معرض الإنتاج الحيواني الذي أقيم تحت رعاية جلالة الملك يؤكد اهتمام مملكة البحرين بموضوع الأمن الغذائي، لافتا إلي أن الدولة طوال السنوات الماضية كان لها دور كبير في دعم الكثير من السلع الغذائية من خلال الموازنات السابقة وأيضاً المتابعة المستمرة من قبل وزارات الدولة وأجهزتها، بالتحديد وزارة الصناعة والتجارة. وطالب الحكومة بدراسة شاملة لواقع المستوي المعيشي للمواطن، وطرح البدائل مؤكدا أنه يجب قبل اتخاذ أي إجراء أو قرار أن تتم دراسة انعكاساته علي المواطن البحريني بشكل مباشر، من أجل الوقوف علي انعكاساته السلبية. من جهة أخري، فقد شكل معرض "الإنتاج الحيواني" الأول الذي نظمته مملكة البحرين خلال الفترة 24 إلي 27 نوفمبر الماضي برعاية ملكية سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسي آل خليفة عاهل البلاد المفدي أهمية استراتيجية في استعراض قطاع الإنتاج الحيواني الذي يعد قطاعا محوريا في تأمين الأمن الغذائي باعتبار ذلك جزء لا يتجزأ من الرؤية المستقبلية لمملكة البحرين 2030، كما كان المعرض فرصة جيدة لإبراز الإمكانيات التي تتمتع بها البحرين في هذا القطاع ، وسبل تعزيزه بالشكل الذي يسهم في زيادة الثروة الحيوانية من خلال نقل التقنيات الحديثة في هذا القطاع إلي المملكة. ويبقي القول، إن مملكة البحرين تحركت بشكل مكثف ومنظم من أجل التصدي لمشكلة الأمن الغذائي عبر الاستغلال الأمثل لما هو متوافر من موارد اقتصادية وبشرية، وتمكنت من إحداث توازن وتنسيق بين سياساتها وخططها التنموية بالشكل الذي قلل من احتمالات حدوث أزمات طارئة في السلع والمواد الاستهلاكية، وهو ما يتضح جليا من خلال أي جولة سريعة في الأسواق لنري أن السلع متوفرة بأسعار تقل كثيرا عن نظيرتها في العديد من البلدان.