- ما تعانقت الأقلام والأكف إلا لتكشف زيفا، أو تفضح زورا، أو تقصف باطلا، أو تنصر حقا، أو تحمي مبدأ، هذه رسالتها، وذاك دورها وما جعلت الأقلام المشرفة تصافح الأكف الطاهرة كي تداهن أو تنافق أو تراهن علي أصحاب النفوذ وملاك الملايين، وما جرت علي الصفحات كنقش السطور حتي تمجد الاراجيف، وتصنع الأوهام، وتروج للأكاذيب، هكذا أرادها رب الأكوان الذي أقسم بها في صحائف التنزيل ومفتتحات الوحي الأخير الخاتم، وأي شرف أعظم للأقلام من أن يسمي الحق المنان إحدي سور قرآنه الكريم بالقلم، انها إرادة سرمدية أن تكون الأقلام ظلا للحق، وترجمانا للحقائق، وأن تظل الأقلام جنودا لمناصرة الحقيقة والتصدي إلي الزيف والبهتان والرياء والنفاق وسائر القيم المنحطة الوضيعة التي تهوي بالانسان إلي دركات السفالة والخسة، لكل ذلك لا أستطيع أن أزدرد لبعض الكتبة الأدعياء صفحات النفاق والرياء التي يسودونها طلبا لأعراض حتما ستزول، ومطية إلي مراتب نجمها إلي أفول، ولكن من يعي؟، ومن يفهم؟، ويدرك أن الأقلام أشرف من أن تنحط إلي دركات الوحل والرغام، وهي أسمي من أن تكون سلما لجاه أو شهرة، أو نفقا إلي مكافأة من هنا، ومنحة من هناك، فصاحب القلم علم يرفرف علي أفق الانسانية الحزين فيظللها من هجير الإفك، ويرسل نسماته الرطبة لتصافح وجهها المشمئز من قبح الأكاذيب.