قال المتنبي: ومن نكد الدنيا علي الحر أن يري جياد العلا والمجد يركبها وغد. من الأمور التي تدعو إلي الرثاء.. أو الضحك إلي حد البكاء.. ان تعرف انه يوجد في مصر اكثر من 80 حزبا سياسيا.. وجميع رؤسائها يتقاتلون للوصول إلي كرسي الحكم والسلطة.. حتي يكون لكل منهم نصيب معلوم من الكعكة.. والمضحك حقا ان كل واحد من رؤساء هذه الاحزاب يرفع شعارات براقة: أحبك يامصر.. وأنه جند نفسه وأهله وعشيرته لحل مشاكل البلاد والعباد.. ليخدعوا البسطاء من الناس في الأزقة والحارات.. ولو سألت رجل الشارع العادي في النجوع والكفور وفي الريف والمدينة ان يذكر لك بعض هذه الاحزاب باليقين لا يعرف اكثر من حزبين علي الاكثر.. والباقي مجهول، مجرد احزاب ورقية، وصوتية عبر الفضائيات واحزاب هذه الأيام، شأنها في ذلك شأن احزاب ما قبل ثورة 23 يوليو 1952 ، في النشأة.. فقد اعتمدت في وجودها علي الصحف التي تصدرها، علي عكس نشأة الاحزاب في الدول الغربية.. حيث تصدر الصحيفة ناطقة بلسان الحزب، لا ان يكون الحزب انبثاقا من صحفه. ومن الشائع في مصر، التندر والسخرية من نشأة الاحزاب المصرية.. فيقال ان رئيس تحرير الصحيفة أهم من رئيس الحزب.. وأهم من الجوقة الموسيقية المحيطة برئيس الحزب الوهمي. الجميع يتطلع إلي مصادر رزق جديدة.. سبوبة للاسترزاق واقتناص الفرص خاصة عندما تصبح الدولة طرية رخوة، لاتهش ولا تنش وتترك للهمج والغوغاء والبلطجية العبث بمقدرات الناس دون وازع من ضمير أو خلق، وفي غياب الدولة افعل ما شئت.. من افعال مجرمة قانونا ومن اقوال تخدش الحياء العام ومن الفاظ سوقية. ويذكر المؤرخ الكبير د.يونان لبيب رزق الاستاذ بجامعة عين شمس في مؤلفه القيم الاحزاب المصرية عبر مائة عام عن نشأة هذه الاحزاب الورقية قبل ثورة 23 يوليو 1952 فصحيفة «المؤيد التي صدرت عام 1889 ويرأس تحريرها الشيخ علي يوسف ظهر حزب الاصلاح علي المبادئ، الدستورية الداعم للخديو حاكم البلاد في ذلك الوقت، ثم ظهرت صحيفة «اللواء» عام 1900 ومن خلالها ظهر الحزب الوطني بزعامة مصطفي كامل باشا وكان اكثرها شعبية ومن صحيفة »الجريدة« التي صدرت في مارس 1907 ويرأس تحريرها استاذ الاجيال احمد لطفي السيد. تكون حزب الامة- الذي يمثل كبار الملاك. والشيئ بالشيئ يذكر ان احمد لطفي السيد- اول مدير للجامعة المصرية بعد تحولها من جامعة اهلية إلي جامعة حكومية ثم تغير اسمها إلي جامعة فؤاد الاول، وبعد ثورة 23 يوليو 1952 تغير اسمها إلي جامعة القاهرة. ولم يتغير شيء في حياتنا السياسية، علي مدي مائة عام وتستحق عن جدارة لقب الاحزاب الصحفية.. وليست احزابا سياسية. المرجفون في البلاد في زمن الفتن.. والسعي وراء المصالح الشخصية وباعتبار ان مصر مجرد سكن وليس وطنا.. يكثر المرجفون.. ويزرعون الشائعات ويبذلون غاية جهدهم في نشرها، ويساعدهم علي ترويج اكاذيبهم وسائل الاتصال الحديثة عابرة القارات التي تلف العالم في ثوان وهدف هذا الفصيل اضعاف مقاومة الشعب ضد هدر ونهب الثروات.. لصالحه او لصالح غيره، والاستيلاء علي الارض وتشجيع الفساد السياسي.. والي جانب اكاذيبهم يعمدون إلي القتل والتخريب.. وهذه الفصائل الخائنة.. يطلق عليها الطابور الخامس.. وهي ظاهرة ليست وليدة اليوم انما لها تاريخ طويلة في العمالة والخيانة.. وهذه الفصائل العميلة يتم تدريبها علي افضل وسائل نشر الشائعات، في اشاعة روح الهزيمة في صفوف الجبهة الداخلية. وقد لايعلم شباب هذه الايام ماذا يعني «الطابور الخامس» ومن اطلق هذا المفهوم.. والكلمة لغة تعني الاصطفاف العسكري، وقد تشمل الاصطفاف المدني، حيث تأخذ شكل الطابور او الرتل، وهذا الطابور هم جماعة من انصار العدو السريين الذين يقومون بأعمال التجسس او التخريب في خطوط الدفاع، وهي حرب هجومية يخوضها الجيش بأسلحة فكرية وعاطفية، من اجل تحطيم قوة المقاومة المعنوية بين المدنيين.. . ومن الطريف ان هذا الطابور اصبح يطلق عليه الان في البلاد العربية اسم المارينز العرب الذين جندوا انفسهم المريضة لخدمة امريكا ومن يدور في فلكها من دول الاتحاد الاوروبي، وجندوا اقلامهم للطعن في مصر والامة العربية وثوابتها للتشكيك في قدرات الامة وخلق حالات الاحباط تسهيلا للعدو في تحقيق مخططاته الاستعمارية الذي يخدع الشعوب العربية.. برفع شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان التي داس عليها في فيتنام وفلسطين والعراق ولبنان ومن قبل في افغانستان.. واليوم جاء الدور علي مصر والله خير حافظا والله ارحم الراحمين. ولقد احزنني هذا التردي الاخلاقي، والمهني الذي اصاب بعض الاقلام، المقيمين في قطر، لحساب قناة الجزيرة، الذين اختاروا الضلالة علي الهدي، وباعوا وطنهم للشيطان، وأعمتهم مصالحهم الخاصة، وكانوا من ادوات الغرب المخرب للامتين العربية والاسلامية مقابل دراهم معدودة.. وبئس ما يفعلون، وسيلقون حسابا عسيرا من وطنهم مصر.. لم تخدعهم امريكا ليعملوا لحسابها في تخريب الامة العربية بل كانوا، علي وعي تام بما يفعلون.. وساء تقديرهم.. وبئس المصير. جشع الأطباء قال الطبيب الجراح الشاعر د.حسن ابراهيم. وهو العميد الأسبق لكلية الطب جامعة القاهرة عام 1971.. وهو يعنف الاطباء الذين يغالون في اجورهم بقوله: يظن أناس ان من زاد أجره تفوق علما ان هذا هو المكر وماكان برء الناس يوما بسلعة تباع وتغلو ان هذا هو الخسر مقال في كلمات راحت رجال العز والهيبة.. وجت رجال لاتعرف العيبة. لا تستطيع أن ترضي جميع الناس، ولكن عليك ان تخاطب العقلاء فقط. ان الأقلام لاتشيخ، وقد تتعثر، ولكنها لاتتبدل ولا تتغير. كان الكاتب والشاعر كامل الشناوي يتعجب ساخرا من بعض الكتاب المحدثين المتعجلين للشهرة والانتشار كان يصف كتب هؤلاء: بالطبيخ النيئ أو كالفته البايشة البايتة. الموت.. واقفا يذكر التاريخ بكل اكبار واجلال شخصية لها مكانتها في المجتمع الفرنسي، كان صحفيا لامعا، واشتهر بأنه الصحفي الذي يسقط كل الوزارات اختير رئيسا لمجلس الوزراء لاول مرة عام 1906 ، وترك المنصب 1909 . انه جورج كلمنصو عاش حتي سن الثمانين ليموت فقيرا.. وطلب في وصيته ان يدفن واقفا، لأن هذا يناسبه، ان يظل واقفا علي قدميه حتي بعد الموت!