الفرح المقصود هنا هو الزهو بما لدي الانسان من ممتلكات أو مقتنيات كالسيارات والشاليهات والملابس الفاخرة والساعات والكرافتات التي تنتجها شركات عالمية معروفة، وبالنسبة للإناث الملابس والحلي والمجوهرات وباقي المقتنيات التي تجتذب النساء بخاصة. أو قد يكون الفرح بما لدي الانسان من منصب أو نفوذ أو شهرة.. والفرح بهذا المعني يصيب صاحبه بالتفاخر والخيلاء، وهو ما يبغضه المولي عز وجل »إن الله لايحب من كان مختالا فخورا« »النساء 63«.. والوفرة فيما لدي الانسان من متاع الحياة الدنيا قد تجعله يتشبث بالدنيا لانه يجد فيها كل ما يحب ويشتهي، ويصبح مطمئنا بها تمام الاطمئنان، وكأنها دائمة له أو انه دائم له .. وفي ذلك يقول ذو الجلال »وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع«. »الرعد 62«.. ومتاع الحياة الدنيا قليل ولادوام له.. والمفروض ان يكون الانسان من الدنيا علي حذر، حتي لاتخدعه بمظاهرها الجوفاء والتي ليس لها بقاء.. بل هي عارضة ومؤقتة، وبحيث لاتنسيه آخرته التي فيها بقاؤه ومصيره الابدي.. إما في الجنة لمن عمل حسابا ليوم الحساب، وإما في جهنم والعياذ بالله لمن نسي الآخرة واثر الحياة عليها »بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقي« »الأعلي 61-71«.. الفرح بمعني التباهي بما لدينا يبغضه الله- كما تقدم- وتؤيده الآية الكريمة »إن الله لايحب الفرحين« »القصص 67« اما الفرح بمعني الغبطة والسرور بما افاء الله علينا به فلا شيء عليه، كأن يفرح طالب بظهور نتيجة الامتحان وحصوله علي تقدير عال، أو لتلقي أنباء سارة في اي إتجاه، مثل تسلم خطاب تعيين وما إلي ذلك.. فالله يريد منا أن نحمده ونشكره علي أنعمه وليس ان نزهو بها علي سائر خلقه، لأن ذلك يؤذي مشاعر الناس، ويولد الحقد والحسد بينهم، وهذا يضر المجتمع.. وشكر النعمة كما يكون باللسان يكون بالافعال، بتقديم الخير للناس في اي صورة وبأي كيفية، والصدقات النقدية أو العينية أو بهما معا لمن قدر علي ذلك، وبمساعدة الناس الذين يمرون بمحن أو بهم مرض ولايملكون تكاليف العلاج.. وهكذا يكون اظهار الشكر لله بشكل عملي، وقد نبه الله آل داود إلي ذلك في قوله تعالي »إعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشك« »سبأ 31«.. فالذي يحمد الله علي انعمه يكسب الحسنات، وتكون النعمة خيرا له في دنياه وأخراه، اما الذي يزهو بها ويختال علي الناس فتكون النعمة وبالا عليه، لأنه لم يصنها بالحمد، وهو معرض ان ينتزعها الله منه في الدنيا ويأخذه بها في الآخرة. انظروا إلي الحفلات الباذخة والتي تقام في فنادق الخمسة نجوم، لالشيء إلا لإظهار القدرة المادية والمكانة الاجتماعية لأصحابها، والتباهي بها امام الاصدقاء والاعداء علي السواء.. هل هذا هو حق شكر النعمة التي انعم الله بها علي هؤلاء؟! اذ اعطاهم وفرة في المال والامكانيات.. وهل يحمد الله لهم هذا الانفاق السفيه؟ وألم يكن خيرا لهم ان يدخروا هذه المبالغ الطائلة لآخرتهم بأن يوجهوها لأعمال الخير وإعانة من قدر عليهم رزقهم؟! وصدق الله العظيم اذ يقول »ولكل وجهة هو موليها فإستبقوا الخيرات« البقرة 841