د. نبيل أحمد حلمى لاشك أن مصر في مرحلة فاصلة من تاريخها لأنها تواجه محاولة لتغيير هويتها وتاريخها وحضارتها من خلال عام كئيب من حكم الأخوان والمدعوم من خطة دولة خارجية تصدي لها الشعب المصري العظيم وكسر الحلقة التي كانت تلتف علي عنق دول المنطقة بمحاولة إنهاك الدولة وفقد سيطرتها وسيادتها علي جزء من أرضها وتتطابقت هذه الصورة في ليبيا والسودان واليمن وفلسطين وسوريا ولبنان والعراق بهذا التقسيم وإنهاك هذه الدول، وقامت ثورة مصر العظيمة في 30 يونيو 2013 لتسترد مصر هويتها وحضارتها وكرامتها من خلال التضامن الشعبي مع المؤسسات السيادة في الدول وهي علي الأخص القوات المسلحة والشرطة والقضاء وغيرهم. بإعلان خارطة الطريق في مصر بدءا بعزل قيادات الأخوان ومحاسبتهم بعد استرداد مصر ووضع طريق واضح للعمل بدءا بدستور مصري يعبر عن العلاقات المصرية الداخلية والخارجية ويحمل ثورة تتناسب مع مصر ومستقبلها ومستقبل أجيالها. ونجد أن الدستور في الدراسات القانونية يعبر عن جميع القوي السياسية الوطنية ولذلك فإنه يتحقق بالتوافق بين أبناء الوطن الواحد وقد أحسنت خارطة الطريق في أن تشكل لجنة قانونية متخصصة في الجوانب والدراسات الدستورية من بعض فقهاء القانون الدستوري من أساتذة الجامعات ورجال القضاء المتخصصين وقد قامت هذه اللجنة بعمل شاق يهدف إلي وضع الاساس القانوني لدستور مصر الحديثة ويعبر عن هوية الوطن ونظام الحكم وسيادة الدولة واستغلال أرادتها. وحيث أن الدستور ليس عمل قانوني فقط ولكنة عمل شعبي أيضا فكان في الطريق الصواب أن يتم تشكيل لجنة شعبية لمراجعة المسودة القانونية لكي تتفق مع القوانين الشعبية المطلوب في هذه الوثيقة وإذا رجعت إلي الدستور 1923 فنجد أن اللجنة الشعبية كانت تتكون من 30 (ثلاثين) شخصا يمثلون كافة أطياف المجتمع ولذلك فإن تكوين لجنة الخمسين كانت موفقة في العدد والتوعية لان الدساتير توضع بالتوافق وليس بالأغلبية والهدف منها إيضاح هوية الوطن ونظام الحكم وسيادتها واستقلال أرادتها لان الدستور هو لكل الأوقات علي خلاف مجلس النواب والأحزاب السياسية التي تتغير مع الوقت. وفي رأيي أن دستور 2014 قد قام بعمل اجتماعي هام بعيد الكرامة إلي الشعب المصري سواء القادر أو غير القادر حيث نص من المواد 17 ص 25 علي احترام حقوق الإنسان المصري الاجتماعية وهذا ما كنا نفتقدة في الماضي. ونجد أن الدستور بداية من المادة 17 قد أكد علي التزام الدولة بتوفير خدمات التأمين الاجتماعي وحق الانسان المصري في الضمان الاجتماعي بما يضمن له حياه كريمة حتي في حالة العجز عن العمل في الشيخوخة والبطالة وان يكون هناك معاش مناسب للعمالة غير المنتظمة وخاصة صغار الفلاحين والعمال الزراعيين والصيادين وهذا يستدعي حماية خاصة لأموال التأمينات والمعاشات باعتبارها أموال خاصة. كما أكد علي حق المواطن في الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة ودعم مرافق الخدمات الصحية العامة وألا يقل الأنفاق الحكومي للصحة عن 3٪ من الناتج القومي الإجمالي علي الأقل . واعتبار عدم تقديم العلاج لأي إنسان في حالة الطوارئ أو الخطر علي الحياة جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون. وفي نفس الوقت لابد من تحسين أوضاع المنشآت الصحية والعاملين بها. كما أكد علي حق كل مواطن في التعليم وتنبية المواهب وإرساء المواطنة والتسامح وعدم التمييز وأن يتم مراعاة ذلك في المناهج التعليمية. وحرص دستور 2014 علي أن ينص علي أن الحد الادني للأنفاق الحكومي علي التعليم يجب إلا يقل عن 4٪ من الناتج القومي الإجمالي علي الأقل . ولم يترك الدستور التعليم بصفة عامة بل حدد ضرورة تشجيع الدولة للتعليم الفني والتدريب المهني وتطويره وأن يكون التعليم الجامعي وفقا لمعايير الجودة العالمية وألا يقل الأنفاق الحكومي علي التعليم الجامعي عن 2٪ من الناتج القومي علي الأقل وفي نفس الوقت لابد من الاهتمام بالمعلمين وأعضاء هيئات التدريس وتنمية كفاءتهم. هذا علاوة علي ضرورة كفالة حرية البحث العلمي وتشجيع مؤسساته لتحقيق السيادة الوطنية وألا يقل الأنفاق الحكومي عن 1٪ من الناتج القومي الإجمالي علي الأقل ودعي مؤسسات القطاع الخاص والأهلي والمصريين بالخارج إلي دعم هذه الأنشطة ولم ينسي الدستور التربية الدينية والتاريخ الوطني واللغة العربية في مراحل التعليم قبل الجامعي وتدرس حقوق الإنسان وغيرها من القيم والأخرق المهنية وأكد علي ضرورة وضع خطة للقضاء علي الأمية الهجائية والرقمية بين المواطنين في جميع الأعمار. كل هذه الحقوق الاجتماعية يجب أن تصل إلي كل فرد ومواطن من مواطني الشعب المصري وليس فقط مجرد عطاء من الدولة بل انه أصبح حق من حقوق المواطن وتسأل الدولة إذا لم تحقق كل هذه الحقوق للمواطن المصري وأنني اعتقد أن هذا سيذيد من انتماء المواطن المصري لبلدة ولحقوقها والعمل علي تنميتها. أن الحقوق الاجتماعية للإنسان هي أساس العمل وأساس العدالة وأساس الانتماء وقد جاءت علي أعلي مستوي في صياغتها وفي الالتزامات التي وضعتها علي كاهل الدولة وتلتزم أي حكومة تنفيذية بالعمل علي تحقيقها وحمايتها بالقانون. وأن كفالة حقوق الإنسان الاجتماعية ستكون أحد الأسباب الرئيسية لكي أقول نعم للدستور وأن أدعو من حولي بالتوجة للتصويت وأن نقول نعم لمصر ومستقبل مصر وأجيالها القادمة. وأخيرا تحية خالصة للجنة القانونية وللجنة الخمسين علي هذا المجهود المخلص لحقوق مصر وأبنائها.