كنت احرص دائما علي التجول بين قري بدو سيناء عندما اذهب الي خط الحدود، وكنت اقطع الطريق الوعر بين نخل والتمد وسط سيناء عبر الرمال والصخور لأتعرف علي الاحوال هناك، ولايوجد اثر للحياة والبشر غير خيام البدو المتناثرة.. وكان هناك خط سكك حديدية يصل بالقطار بين القنطرة شرق والعريش ويربط رمانة وبالوظة والشيخ زويد مدن الساحل الشمالي لسيناء، ولكن الاسرائيليين دمروا هذا الخط الحديدي عند الانسحاب بعد حرب 65 واقتلعوا القضبان والفلنكات وحملوها معهم وحرثوا الطريق البري بدافع الحقد والغيظ وبثوا الالغام وكنت ارافق قوة الطواريء اليوغوسلافية اثناء تقدمها وراء القوات الاسرائيلية المنسحبة خارج سيناء تنفيذا لقرار مجلس الامن!. وفي آخر جولة قمت بها قبل يونيو 76 بأيام حينما توجهت مع حشود القوات المصرية، توقفت طويلا امام الحدود المفتوحة وتساءلت الي متي تظل بلا عائق بشري ويبقي البدو علي حالهم واعدادهم القليلة بين المستوطنات تنتشر علي الناحية الاخري؟ وحينما وقع الهجوم تقدمت القوات الاسرائيلية عبر المحاور في الشمال والوسط وتكرر في يونيو 76 ما حدث في اكتوبر 65 ولم تواجه مقاومة علي الحدود.. وشعرت بمدي الخطأ الاستراتيجي الفادح لما اهملنا تحصين هذا الخط الامامي بالقري الدفاعية وكان يمكن ان تكون كثافة سكانية تقوم بالتصدي لأي عدوان اسرائيلي من صحراء النقب وتشكل عائقا دفاعيا وكان هناك مشروع موضوع بالفعل لسلاح المهندسين ولكن لم يتم تنفيذه. وتصورت بعد تحرير سيناء وعودتها الي حضن الوطن ان توضع خطة استراتيجية لتعميرها وأن يتم تنفيذ مشروع قومي لملء الفراغ البشري فيها وزرع قوي وتجمعات في الوسط والشمال وتكون بمثابة خط دفاعي في مواجهة جميع الاحتمالات وبحيث تنفذ مشروعات تنمية وزراعة اراضي ترعة السلام وتوطين البدو وخلق فرص عمل لشباب سيناء العاطلين، باعتبار ان ذلك هو العمق الاستراتيجي للامن القومي وكان ينبغي ان نتعلم الدرس من سنوات الاحتلال الاسرائيلي لسيناء فقد بدأ الاسرائيليون خطة لإقامة المستوطنات فيها واقاموا مستوطنة »ياميت« وكانت يمكن ان تنتشر كالبؤر السرطانية لولا اتفاقية السلام وإجبارهم علي ازالتها عند الانسحاب!. لقد عانت سيناء طويلا من النسيان وكانت مسرحا للحروب علي اتساع 06 الف كيلو متر مربع باعتبارها بوابة مصر الشرقية وذلك يكفي لكي تأخذ حقها من التعمير والتنمية.. وما يبعث علي الامل الانتهاء من بناء 441 منزلا بدويا وتسليمها ضمن القري الرائدة في وسط سيناء.. وذلك يعني ان التعمير بدأ يشق طريقه، وبالفعل انشئت قرية تضم 84 منزلا وتم تسليمها للاهالي في منطقة الحسنة وجري تمويلها من جمعية الهلال الاحمر وبرعاية السيدة الفاضلة سوزان مبارك رئيس الجمعية.. وفي نفس الاتجاه قارب الانتهاء من بناء 69 منزلا بدويا في منطقة نخل ويتم توزيعها علي ابناء البادية، وكما قال مراد موافي محافظ شمال سيناء ان العمل يجري بقوة لاقامة 09 قرية رائدة، وهي الحلم الذي طال انتظاره لملء الفراغ السكاني هناك ويمثل ذلك بدءا لتعمير لسيناء وقد روعي الاتساع في تلك القري، وهي خطوة عملية لمشروع قومي يتطلب مساهمة رجال الاعمال بمشروعاتهم حتي يتم تأمين خط الحدود. وبينما بدأت اسرائيل بناء سياج امني علي طول حدودها الجنوبية مع مصر ويمتد 052 كيلو مترا من قطاع غزة وإلي ايلات ويتكلف 073 مليون دولار وذلك لمنع تسلل المهاجرين غير الشرعيين من الافارقة الي ايلات وبئر سبع ولحماية حدودها.. هكذا يقولون!.