بعد الفض وانعدام الحوار .. هل سنقف مكتوفي الأيدي عند الخطوط المتوازية التي لا تلتقي أبدا.. فض اعتصامات الإخوان وما تلاها من تداعيات دامية لا يترك بصيصا من الأمل نحو انجاح المصالحة الوطنية أو الاندماج في الحياة السياسية مرة أخري فالعقد الاجتماعي بين الدولة والمواطنين والاخوان تمزقت أحرفه الأولي والأخيرة. لهذا نحن في حاجة ملحة لفض الاشتباك حتي تعود المياه لمجاريها ولكن كيف؟ لابد من خطوات تمهد الأرض حتي يستمع الأطراف لصوت العقل واستبعاد العنف كوسيلة لاحراز النصر لطرف دون الآخر. إنهاء شروط الاخوان التعجيزية والمرفوضة من الطرف الآخر حتي تتلاشي المواجهة مرة أخري والنتائج التي يمكن أن تترك آثارا سيئة تمس المجتمع حاضرا ومستقبلا. لابد من وجود وسطاء بين الطرفين ليسوا من هذا أو ذاك. هل نحن في حاجة إلي كامب ديفيد »محلية« بين الدولة والاخوان؟! أجد من الأفضل للدولة ان تستعين بالقيادات الدينية التي كانت في الماضي أشد عنفا في التعامل معها بل مع رأس الدولة أيضا ثم قامت بمراجعات حقيقية تبين لها من خلالها ان العنف يولد الكراهية والصدام مع المجتمع والأخطر ان يسأم الناس من كلمة الإسلام التي ينطق بها هؤلاء. يجب علي الدولة ان تستدعي هؤلاء الشخوص كوسطاء فهم أقرب إلي التعامل مع الأحداث وكان بإمكانهم إثناء الشباب والجيل الوسط عن الاستمرار في لغة العنف بل ومراجعة أفكار شيوخ الجماعة التي لا تقبل الحلول الوسط. قيادات الجماعة الإسلامية والجهاد الذين راجعوا أفكارهم وندموا علي استخدام العنف وعادوا إلي الفهم الصحيح للإسلام كان بامكانهم شرح تاريخهم وتجربتهم مع المجتمع والدولة وكيف عادوا إلي الصواب والتفاهم مع أبناء الوطن دون تكفير أو ترويع.. فالقيادي في الجماعة الإسلامية الدكتور ناجح إبراهيم كان بالأمس يؤمن بفكر الجماعة القائم علي انه لكي يطبق الإسلام في الدولة لابد من امتلاك التيارات الدينية للسلطة وهاهو الآن يؤكد أن الإسلام أكبر من السلطة ويدعو الحركات الإسلامية ألا تخسر المجتمع ولا تعاديه لان ذلك ضرر لها. هذه الكلمات ما كانت تصدر منه قديما وقبل المراجعات الدينية التي قام بها مع زملائه من الجماعات الدينية الأخري.. ان تجربة الأمس تحاكي ما نمر به الآن وكان الأولي الاستفادة من الدكتور ناجح ومن هم علي دربه كوسطاء بين الدولة والجماعة. فمن الدعاوي الصادرة عن جماعة الاخوان ان ما حدث ليس ثورة للتصحيح وليس ردا علي اخطاء الجماعة في إدارة الدولة إنما هو افشال للمشروع الإسلامي الذي سقط بسقوط الجماعة. لقد ظلمنا الإسلام بإدخاله معارك وهمية لتحقيق مآرب خاصة وربما كان يمكن للدكتور ناجح إبراهيم ومن معه ان يصدوا هذه الهجمة وهذا الادعاء الباطل من خلال آرائهم بان الإسلام أكبر من كراسي السلطة أو عزل حاكم فالأساس في الإسلام انه طريق هداية واصلاح وبذل الخير وليس امتلاك سلطة فقط. طريق البحث عن المصالحة الوطنية واخماد الفتن الحالية والمنتظرة ووأد العداء قبل ان يستشري بين الجماعة وبعض التيارات الدينية والمجتمع يحتاج إلي بدايات جديدة لفض التداعيات السلبية وطريق جديد للحوار.