في عام 6002 كتبت متحفظا علي فكرة المجمع الانتخابي التي طبقها الحزب الوطني ولايزال في اختيار مرشحيه للانتخابات البرلمانية.. ثم اكتشفت بعد ذلك عندما شاركت بفاعلية في المجمع الانتخابي لأمانة الجيزة في انتخابات الشوري الماضية أنني كنت مخطئا. وفكرة المجمع الانتخابي عندما نشأت للمرة الأولي عام 2002 لاختيار مرشحي الحزب الوطني الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري آنذاك جاءت تطبيقا لنص جديد في لائحة النظام الأساسي التي أقرها الأعضاء خلال المؤتمر العام الثامن وهو نص المادة 76 والتي تنص علي ان الترشيح للانتخابات العامة يكون عبر اسلوب المجمع الانتخابي، وكان الهدف منها ان إرساء قواعد جديدة تصب في اتجاه زرع مبدأ الديمقراطية الداخلية للحزب وأيضا تصبح دليلا ماديا عليه وإظهار ذلك علنا للمواطنين، وايضا ارسال رسالة قوية لأعضاء وقيادات الأحزاب الأخري مفادها أن الحزب الوطني قراراته مؤسسية وليست فردية ولا تصدر عن أشخاص سواء علي مستوي المحافظات أو الأمانة العامة أو هيئة مكتبه وأن قياداته غير منحازة ولا تساند مرشحا بعينه دون الآخر ولا مصلحة لها في ذلك. ولغير المتابعين فالمجمع الانتخابي يتكون من أعضاء الحزب في الوحدات القاعدية وفي المجالس الشعبية واعضاء البرلمان المستمرين في عضويتهم ثم قيادات الحزب في القسم والمحافظة ولكل منهم اصوات ذات قوة متساوية، ولا يبقي بعد ذلك للإدارة العليا في الحزب الممثلة في أمانته العامة إلا التقييم المركزي واعتبارات المصلحة العامة، حيث توجه لدي قيادات الحزب بيانات دقيقة عن جميع المرشحين، وقبل تطبيق هذه الفكرة كانت عملية الترشيح تتم من خلال تزكية قيادات الحزب للمرشحين بشكل عشوائي لا يخضع لمعيار الكفاءة والانجاز، أو تستند إلي رأي اعضاء الحزب وهم أصحاب الشأن وإنما تتم وفقا لمعايير أقرب إلي العلاقات الشخصية والمصالح الحزبية منها إلي الكفاءة والصلاحية. نحن بالفعل أمام تجربة رائعة وجديدة ويجب تطويرها باستمرار، و هي فعلا قابلة للتطوير بل والمراجعة، ولعل أكثر الملاحظات علي هذه التجربة هو تخوف المثقفين وذوي الكفاءات المهنية والعلماء والأدباء وأساتذة الجامعات من التقدم منافسين لأساطين الانتخابات ومحترفي الدعاية، وهذا ليس ادعاء لكنه يظهر واضحا جليا للمراقب، فعندما يدرس المتابع المهتم قائمة الاسماء التي تقدمت بالفعل للمجمعات الحالية والاسماء التي تقدمت في المجمعات السابقة، ربما سيلاحظ انها هي هي لم تتغير فيما عدا تغييرات طفيفة أملتها الظروف، وانا اشدد هنا علي المثقفين واصحاب الرأي لانهم احد أهداف الحزب الرئيسية في عضوية مجلس الشعب، أذكر ذلك وفي ذهني المناقشات التي جرت في مجلسي الشوري والشعب في الدورات السابقة والتي تمت وبنجاح لافت- ينسب بالقطع وفي المقام الاول إلي رئيسيه صفوت الشريف وفتحي سرور- في قضايا غير تقليدية لاتنفع فيها الفهلوة مثل قضايا زرع الأعضاء والاتجار بالبشر والتأمين الصحي وحقوق الطفل وإقرار الاتفاقيات الدولية وغيرها . أما الملحوظة الثانية فهي ان المجمع الانتخابي عندما تم تركيبه بهذه الكيفية بغرض اثبات الشفافية كان ذلك مبالغا فيه، واصبح من الكبر والاتساع الذي لم يعد معه المرشح معروفا حتي لبعض اعضائه وقد سمعت ذلك بنفسي في اجتماع جاد، واصبحت درجات التقييم التي يكتبها الاعضاء تميل في اتجاه عدم الموضوعية وهي التي كانت الهدف الاساسي لأمانة التنظيم عند اقرارها وبالقطع هي لا ترضي بذلك، وهذا ليس تخوفا وهميا ولكنه كان موجودا بالفعل في مجمعات الشوري التي تمت منذ شهور قليلة، الأمر الذي جعل المرشح يسعي لاسترضاء أعضاء المجمع بكل السبل بما فيها توزيع الشيكولاتة وزجاجات المياه المعدنية والاقلام وكتابة الرسائل القصيرة علي التليفون المحمول ولكن ليس من بينها الشعبية المحتملة والكفاءة الافتراضية والجماهيرية المطلوبة أمام صناديق الاقتراع ناسيا انه سوف يخوضها باسم الحزب في مواجهة منافسين ربما لهم ثقل وكيان. اننا نريد لتجربة المجمع الانتخابي هذه المرة أن تكون خالية من التشوهات وان تكون نموذجا يحتذي للأحزاب الأخري التي تقف في حيرة الآن بعد هذه المهارة السياسية التي قام بها حزب كل المصريين وهو التعبير الذي يفضله الأمين العام للحزب الوطني السيد صفوت الشريف وهو علي حق في ذلك. كاتب المقال : أستاذ الجراحة بطب القاهرة