هذاهو عنوان الكتاب الذي صدر مؤخرا من تأليف لويدس جاردنر وترجمته د.فاطمة نصر، ورغم ظروفها المالية الصعبة أصدرته مكتبة الأسرة.. الكتاب يحاول تقصي سياسات أمريكا تجاه مصر من صعود ناصر إلي سقوط مبارك.. وهو كتاب جاء في وقته تماما حيث غاب الفهم السليم لأهداف أمريكا الحقيقية التي تسعي لتحقيقها في بلدنا.. ولذلك احتار البعض في تفسير مثلا استمرار واشنطن في تقديم المساعدات العسكرية لمصر »1.3 مليار دولار« وفي ذات الوقت ارتفعت أصوات مسئولين أمريكيين بالنقد لسياسات مصرية داخلية. وفي الصفحة الأولي للكتاب أجاب علي ذلك السؤال الذي اتخذه عنوانا له وهو ما هي مصر التي تريدها أمريكا؟.. وكانت الاجابة صريحة واضحة وهي أن أمريكا تريد مصر »حليفا تابعا ومواليا لها يتصدي للمشاعر والتوجهات الراديكالية في العالم العربي ويثبطها« ومن خلال استعراض العلاقات المصرية الأمريكية بعد أكثر من ستين عاما مضت خلص الكتاب إلي هذه النتيجة، بعد أن رصد كيف أجبر جمال عبدالناصر خلال الحرب الباردة إدارة ايزنهاور علي اتخاذ قرار صعب بمعارضة حلفائها الأوروبيين خلال حرب السويس، وكيف فاجأت مبادرات السادات »الجسورة والمتهورة« بدءا من عام 1973 وحتي عام 1977 نيكسون وكيسنجر وحتي كارتر، وايضا كيف سعي مبارك لطموحه الهائل في الحكم للتوافق مع السياسة الأمريكية وما تريده، وكيف فاجأت احداث 25 يناير ادارة أوباما وأجبرتها كما قالت كلينتون علي »التمعن في الطريق الذي تسلكه أمريكا لتصل إلي هدفها«، وكذلك كيف تعاملت واشنطن مع قيادة الجيش بعد 25 يناير. ولعل هذه النتيجة تبدد الاوهام التي وقع البعض منا في أسرها طويلا، انتظارا لمساعدة أمريكا لنا في بناء الدولة الديمقراطية الحديثة التي نتطلع إليها.. فلا ديمقراطية ولا يحزنون يهم أمريكا أن نظفر بها.. ولا دولة قوية عصرية يعنيها أن تقيمها.. ولكن مجرددولة تابعة تنفذ ما يملي عليهما من واشنطن.. هذه هي مصر التي تريدها أمريكا، وهي تختلف وتتناقض تماما مع مصر التي نريدها.. انها لا تريدنا بلدا غارقا في مشاكله وفي ذات الوقت لا تريد مصر قوية مزدهرة، انما تريدها مثل السفينة الطافية، لا هي غارقة ولا هي منطلقة في طريقها.. فاذا غرقت سوف يهتز أمن المنطقة كلها، أما اذا قويت وازدهرت سوف تتخلص من الهيمنة الأمريكية. وهذا يفسر كل مواقف واشنطن التي يحتار البعض في تفسيرها... الإدارة الأمريكية براجماتيا تتعامل عادة مع الواقع وان كانت لا تحبذه ولأنها لا تستطيع انكار هذا الواقع تحاول تطويعه.. لذلك هي انقلبت تحت ضغوط هذا الواقع علي مبارك، واستثمرت علاقاتها مع المؤسسة العسكرية للتأثير عليه، ونفس الأمر حدث حينما سارعت في فتح جسور الحوار مع تلك القوي التي قدرت أنها الأقرب للوصول إلي حكم مصر بعد مبارك. وهذا يفسر أيضا الجمع بين الضغوط السياسية علي الإدارة المصرية وبين تقديم المساعدات العسكرية للقوات المسلحة المصرية. لذلك.. فإن أي رهان علي الأمريكان هو رهان خاطيء وغير مجد.. الأجدي أن نراهن علي أنفسنا اذا كنا نريد دولة ديمقراطية عصرية قوية ومستقلة.