كنت في حاجة إلي خمسة جنيهات للسفر الي بلدتي .. لم اقصد التسول .. واقسم لك سيادة القاضي انني لم اكن امتلك مالا.. وهذه بطاقتي بها محل الاقامة والوظيفة التي اعمل بها .. نعم اعلم ان مد اليد للمارة جريمة.. لكن انا عاجز عن العمل .. وهذه شهادة تثبت عدم قدرتي عن العمل وحاجتي للعلاج .. كنت ابيع المناديل وحملة الشرطة لضبط الباعة الجائلين وضعتني مع قائمة المتسولين. هذه امثلة بسيطة لما يحدث داخل المحاكم عند نظر قضايا التسول التي تمتليء بها رولات محاكم الجنح والاحداث .. مصدر بمحكمة شمال القاهرة اكد ان هناك اكثر من 20 الف قضية تسول تنظرها المحاكم بالقاهرة وحدها ويتم اصدار احكام فيها بعقوبة الحبس التي تتراوح مابين شهر الي عام وغرامة من 100 الي 600 جنيه .. المصدر اشار إلي ان معظم هذه القضايا يتم الفصل فيها بسرعة ومعظمها يكتفي بعقوبة الغرامة .. والاغرب ان المصدر اكد انه لم يتم اتخاذ اجراءات الحبس ضد اي متسول بسبب عدم قيامه بسداد الغرامة لان معظمهم يقوم بسدادها داخل المحكمة وبعد صدور الحكم مباشرة. الاوضاع داخل محاكم الجنح والاحداث والتي تختص بنظر قضايا التسول تثير الدهشه والاستغراب .. المتسول الذي نشاهده عاجزا عن الحركة او مريضا او مهلهل الملابس وسيئ المظهر.. في الطرقات والشوارع.. يختلف عن المتسول المتهم الذي نشاهده في المحاكم .. معظمهم يعرف القانون جيدا والعقوبة المنتظرة ويحمل بجانب كل هذا قيمة الغرامة التي يقدرها كما ذكر لنا البعض ب500 جنيه في اغلب الاوقات. في البدايه تجد صعوبة في ان تتحدث مع المتسولين وتقنعهم انهم علي خطا .. المرض والفقر والعجز اجابات سريعة تلاحقك كلما حاولت ان تتحدث مع احد عن سبب لجوئه للتسول باي الطرق التي حددها القانون سواء من دخل منزلا او ملحقا بدون اذن وبغرض التسول او من استحدث عاهة لكسب تعاطف الجمهور او من وجد متسولا في الشارع وكان قوي البنية .. كلهم يحاول تبرئة نفسه . احسان مراد سيدة في الاربعينات من عمرها اشارت وهي تحتضن احد طفليها انها بريئة من جريمة التسول وانها كانت تسير في الشارع مع طفلها وكانت تبيع المناديل للسيارات في ميدان التحرير .. الاان حملة الضبط التي تقوم بها دوريات الشرطة القت القبض عليها وتم احالتها للمحكمة بتهمة التسول .. احسان كانت واثقة من البراءة وجاءت وهي تحمل بيديها قيمة الغرامة .. سألتها لماذا قالت: بنت عمي كانت لها نفس التهمة واكتفت المحكمة بتغريمها كما ان المحامي طلب مني احضار هذا المبلغ معي. متهم اخر عمره لم يتجاوز العشرين عاما .. كان يحمل بيديه مجموعة من كتب الجامعة .. ظننت انه محام لكنه اخبرني انه متهم في قضية تسول وان لديه جلسة اليوم .. قال قصتي انني كنت علي خلاف مع شخص في الشارع الذي اقطن فيه ونظرا لحاجتي للمال قمت ببيع مناديل في مدخل الشارع الا انني فوجئت بالشخص يقوم بالاتصال بالشرطة ويتهمني انني اتسول المارة في الشوارع واقوم بمضايقتهم .. تم احالتي للمحكمة بتهمة التسول وانا في انتظار الحكم .. المحكمة برأت الطالب بعد ان قدم محامية كارنيه الجامعة الذي يثبت فيه ان المتهم طالب.. وقد أكدت دراسة لمنظمة العمل الدولية ان هناك مليون متسول في مصر قابلين للزيادة بسبب هجرة فقراء الريف في محافظات بحري والصعيد الي القاهرة. حنان وشادية ومني ثلاث فتيات من احدي قري المنيا اكدن انهن عجزن عن البحث عن وظيفه ولم يكن امامهن سوي التسول لانه اسهل وسيلة للحصول علي الاموال .. أضفن: تم القبض علينا ونحن نتسول في احد شوارع فيصل واليوم نحن في انتظار الحكم. سيدة عجوزة كانت تجلس داخل المحكمة كانت هناك صعوبة في ان تفهم ماتقوله نظرا لكبر سنها .. قالت بلهجتها البسيطة (اعيش منين .. هربت من الصعيد وانا عمري 60 سنة.. وربنا بيرزقني من اهل الخير .. انا مابضايقش حد .. انا بقعد في الشارع وبس .. والناس اللي بتديني الفلوس .. وكمان ببيع مناديل ) اضافت العجوز الشرطة قبضت عليه واخدوني لقسم شرطة الازبكية وانا هنا بحضر جلسة محاكمتي. المتسولون يهربون من العقوبة بطريقتين الاولي بمحل الاقامة .. حيث انه في حالة اثبات وجود محل الاقامة قد تقتصر المحكمة بالغرامة فقط .. والثانية بالوظيفه وهي تغني عن التسول..