في رؤية واضحة لمعالم الطريق، واستشراف شامل لآفاق المستقبل، مبني علي قاعدة راسخة ومتينة من الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الخمس الماضية، أعلن الرئيس حسني مبارك في خطابه المهم الأربعاء الماضي، أمام قيادات الحزب الوطني، وهيئته العليا خطة العمل الوطني في المرحلة القادمة، والتي تضمنها البرنامج الطموح الذي يخوض به الحزب الوطني الانتخابات البرلمانية التي بدأت خطواتها تتسارع علي الساحة السياسية في مصر كلها الآن. وكان الرئيس كعهده دائما عندما يتحدث إلي أبناء الشعب، صريحا ومباشرا ومحددا وراعيا لكل المصريين، وداعما ومساندا للفئات الأكثر احتياجا في انحياز مؤكد ومستمر لجماهير الشعب وعامة الناس البسطاء، وخاصة الفلاحين والعمال في جميع قري ونجوع ومدن مصر، وكل الفئات محدودة الدخل، الساعية للحياة الكريمة، بجد وعمل وعرق في كل مكان علي أرض المحروسة. من هنا نقول بوضوح إن الرئيس كان يخاطب كل أبناء الشعب وليس قيادات الحزب الوطني فقط، وهو يؤكد اننا علي أعتاب انتخابات بالغة الأهمية لمجلس الشعب، تحدد نتائجها مسار العمل الوطني خلال السنوات الخمس القادمة، وتحدد في ذات الوقت مستقبل الوطن والمواطن. وكان يتحدث لكل المصريين وجميع الأحزاب وهو يؤكد تطلعه وتطلع الحزب الوطني الديمقراطي، لانتخابات حرة ونزيهة، تحت إشراف اللجنة العليا للانتخابات، ومراقبة المجتمع المدني المصري، تتيح الفرصة لأوسع مشاركة من الناخبين، للإدلاء بأصواتهم. وكان يتحدث لكل الشعب، وهو يؤكد أن نتائج هذه الانتخابات سوف تحسمها إرادة وأصوات الناخبين، ورؤيتهم لمستقبلهم، ومستقبل أسرهم ومجتمعهم، ومستقبل مصر والمصريين جميعا. وكان يوجه خطابه لأعضاء الحزب الوطني ولجميع المواطنين، وهو يشدد علي ان الطريق إلي الحاضر والمستقبل الأفضل، يقتضي تضافر جهودنا جميعا، وأنه لا سبيل أمامنا إلا المزيد من المشاركة والعمل الجاد، والعرق والكفاح، والاجتهاد من أجل الوطن وأبنائه. وكان الرئيس واضحا وهو يؤكد لقيادات الحزب الوطني وكوادره العليا، ان الحزب يخوض هذه الانتخابات وهو يدرك المنافسة الشرسة فيها، ويدرك في ذات الوقت أن العمل الحزبي والوطني مسئولية وعطاء، وتواصل للاجتهاد في خدمة الوطن والمواطنين، والسعي للحفاظ علي أمن مصر القومي، وأمان المواطنين، وأن الحزب يثق في قدرته كتنظيم سياسي علي قيادة العمل الوطني، ومواصلة العطاء من أجل كل مصري ومصرية.
والرئيس كعادته وكما عرفه الشعب، وخبرته الجماهير في مصر كلها، لا يقول كلاما مرسلا وغير محدد، لذا فإنه كرئيس للحزب الوطني حريص علي أن يقدم الحزب كشف حساب عما تم خلال السنوات الخمس الماضية، وما تحقق علي أرض الواقع، قبل أن يطرح علي المواطنين برنامجه الجديد للسنوات الخمس القادمة والذي يسعي من خلاله للحصول علي ثقتهم، وكسب أصواتهم باعتبارها جواز المرور الوحيد للدخول إلي البرلمان. ولذلك فقد كان واضحا في تأكيده علي الحزب الوطني بخوض الانتخابات بسجل مشرف بما تحقق علي الواقع بامتداد أرض الوطن، وأن هذا السجل هو نتاج الرؤية الاستراتيجية الحاكمة التي طرحها الحزب في إطار خطة الإصلاح والتطوير الشاملة. وفي كشف الحساب رصد وتسجيل للإنجازات التي تحققت علي جميع مسارات الخطة الشاملة للإصلاح التي تضمنها برنامج الحزب خلال السنوات الخمس الماضية علي كافة المسارات، السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية. ففي إطار الإصلاح السياسي، حدد الرئيس ما تم من تعديلات دستورية استهدفت ترسيخ دعائم النظام الجمهوري بانتخابات حرة مباشرة لرئيس الجمهورية، وإرساء وترسيخ أسس الدولة المدنية الحديثة، وإعلاء مبدأ المواطنة، وتعزيز استقلال القضاء وتوسيع المشاركة السياسية للأحزاب ونشر قيم الوسطية والاعتدال، وتوسيع اللامركزية وتفعيل مشاركة المرأة. وفي مسار الإصلاح الاقتصادي، تمت إعادة صياغة دور الدولة لتلعب دور المنظم والمراقب للنشاط الاقتصادي، وتم مواجهة الاختلالات في البنية الاقتصادية، وفتح الطريق أمام الاستثمار للقطاع الخاص، وتوسيع البنية الأساسية الجاذبة للاستثمار خاصة في الصعيد، والنهوض بقطاع الزراعة. وفي المسار الاجتماعي، الذي هو قلب سياسات وأولويات الحزب، تم توسيع قاعدة العدالة الاجتماعية، والسعي بقوة لرعاية الفئات الأكثر احتياجا وإخراجهم من الفقر، مع الاهتمام بتطوير الخدمات العامة بتطوير التعليم والرعاية الصحية.
وفي هذا الإطار، أكد الرئيس بوضوح اعتزاز الحزب بكشف الحساب الذي يقدمه لجماهير الناخبين لما تم إنجازه علي محاور الإصلاح خلال السنوات الخمس الماضية، والذي يتضح من خلال تحويل الاقتصاد من نظام مركزي موجه من الدولة إلي نظام يعتمد علي المبادرة ودور القطاع الخاص، والنجاح في مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الاستثمار عشرين مرة، وزيادة الصادرات غير البترولية، وإتاحة أكثر من أربعة ملايين فرصة عمل، ووضع محافظات الصعيد في قلب التنمية الشاملة، وزيادة الدخول الحقيقية للمواطنين، ومضاعفة أجور العاملين بالجهاز الإداري بالدولة، وتطوير المعاشات، ومضاعفة عدد المستفيدين من بطاقات التموين، وتوسيع مظلة الضمان الاجتماعي، وتطوير التعليم والرعاية الصحية، والاستهداف الجغرافي للفقر، وما تم من مشروعات في مياه الشرب والصرف الصحي. كما أكد اعتزاز الحزب بتعامله الواعي مع قضايا الداخل، وقضايا المنطقة والعالم، وهو ما أدي إلي تجنيب مصر وشعبها ما لحق بدول أخري من ويلات ودمار، في نفس الوقت الذي لم تغب فيه عن الدولة التهديدات التي تواجه الأمن القومي لمصر، من التحديات والمخاطر، وما يهدد أمن المواطنين من تطرف وإرهاب، ومحاولات النيل من الوحدة الوطنية. وأشار الرئيس إلي أن ذلك قليل من كثير تم إنجازه وتحقيقه خلال السنوات الخمس الماضية، وهو ما يبعث علي الفخر والاعتزاز بسجل الإنجازات المشرف.
وفي إطار وعيه الدقيق والشامل بحقيقة الأوضاع علي أرض الوطن، ودعمه الكامل لعامة الناس البسطاء والفقراء في مصر كلها، يؤكد الرئيس بصراحته ووضوحه الدائمين، ان ما تحقق لا يمثل نهاية المطاف، فمازال أمامنا كغيرنا من الشعوب والدول صعاب وتحديات، وعمل شاق لتحقيق تطلعاتنا، وخاصة وأن هناك من لم يصلهم ثمار الإصلاح من أبناء الشعب، ويتطلعون إلي خدمات أكثر تطورا في التعليم والرعاية الصحية والمواصلات والإسكان والمرافق. ومن أجل ذلك جاء تأكيد مبارك علي أننا نخوض الانتخابات وأعيننا علي الفقراء والبسطاء ومحدودي الدخل، ونطرح برنامج الحزب من أجلهم، ونعمل لمزيد من النمو وفرص العمل وتحسين الدخول والتصدي للفساد. وفي نفس الإطار، ونظرا لانحيازه وانحياز الحزب الواضح لكل البسطاء والفقراء من أبناء الشعب، أكد الرئيس دعم البرنامج الكامل لهم، والسعي الجاد لحماية الأسرة المصرية والسيطرة علي التضخم، وضبط الأسعار، ورعاية سكان العشوائيات، والقري الأكثر احتياجا، ولمن لم تصلهم الخدمات المتطورة في التعليم والصحة. وأكد ان الحزب يضع نصب عينيه قضايا وحاجات الجماهير من الفلاحين في مزارعهم وقراهم، وأصحاب المعاشات، والعمال في مصانعهم وورشهم، وأبناء الطبقة المتوسطة الآخذة في الاتساع، وكذلك أهالي المحافظات المتطلعين لمزيد من اللامركزية، وأنه لكل هؤلاء، ولكل أبناء الشعب يطرح الحزب برنامجه الجديد، ليبني علي ما تحقق لهم وبهم من عام 5002 وحتي الآن.
وفي إطار الاستشراف للمستقبل، وما سيتم خلال الخمس سنوات القادمة أكد الرئيس ان البرنامج الجديد للحزب الذي يتقدم به لانتخابات مجلس الشعب، يتعهد بتحقيق أهداف محددة علي المستوي القومي العام، وكذلك علي مستوي جميع الدوائر الانتخابية، وهذا البرنامج يحقق انطلاقة جديدة، تعزز بنيان الديمقراطية، وتعطي أولوية لزيادة الاستثمار والنمو وفرص العمل، تنقلنا إلي مصاف الاقتصاديات البازغة، وترفع مستوي معيشة المواطنين، وترقي بما يقدم لهم من خدمات، وتوسع قاعدة العدل الاجتماعي علي أرض مصر، وتحقق الدفاع عن الأمن القومي للوطن، وسيادته ومصالحه العليا، وتحمي أرض مصر وشعبها من أي مخاطر وتهديدات. وكعادته دائما لا يترك الرئيس أمرا دون تحديد واضح، ولذلك يصارح الشعب بأن البرنامج الطموح للحزب الوطني يحتاج إلي موارد جديدة لتحقيقه، ومصادر تمويل إضافية لإنجازه، تتجاوز الاعتماد علي ميزانية الدولة، وتحتاج إلي مواصلة تشجيع القطاع الخاص، وجذب المزيد من الاستثمارات المصرية والعربية والأجنبية، كما اننا نحتاج إلي أساليب تمويل جديدة ومبتكرة لتعزيز قدرة الاقتصاد المصري، وذلك عن طريق المشاركة بين الدولة والقطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية وغيرها.
وهكذا في وضوح كامل، وشفافية شاملة حدد مبارك رئيس كل المصريين، ورئيس الحزب الوطني معالم الطريق وأطلق برنامج الحزب خلال السنوات الخمس القادمة وقدم في ذات الوقت كشف حساب لما تم إنجازه علي أرض مصر خلال الخمس سنوات الماضية، موضحا حرصه البالغ علي استمرارية ما تشهده الساحة السياسية المصرية من حركة وحيوية غير مسبوقة، وحرصه أيضا علي دفع هذه الحركة للأمام، وذلك انطلاقا من اقتناعه الكامل بأن تعدد الرؤي والتوجهات للأحزاب هو أحد مصادر قوة مصر وحيويتها. ومؤكدا في ذات الوقت علي انه بالرغم من تعدد الرؤي والتوجهات، فإن أبناء الشعب يشتركون جميعا في التطلع للحياة الكريمة والأفضل، ولذلك فإن الحزب الوطني يقدم برنامجه من أجل كل هؤلاء، وذلك انطلاقا من الإيمان الراسخ بأن أولويات الناس واهتماماتهم لابد أن تكون هي دائما أولويات الحزب الوطني واهتمامه وشواغله.