إذا كانت استقالة المستشار أحمد مكي وزير العدل قد انحصرت أسبابها في الهجمة الشرسة التي يتعرض لها القضاء فإن استقالة د. محمد فؤاد جادالله المستشار القانوني لرئيس الجمهورية قد تعددت أسبابها حتي بلغت 7 أسباب كشفت أوجه القصور في إدارة الدولة. وربما كان أصدق تعليق علي ما جاء في خطاب الاستقالة ما قالته الكاتبة القديرة سكينة فؤاد حينما أكدت في تصريح لإحدي الفضائيات أنه لو اجتمعت القوي السياسية ما كتبت أفضل مما كتب المستشار جاد الله ! هذا التعليق يترجم شعور كل من قرأ الاستقالة التي تقدم بها مستشار الرئيس أمس الأول بعدما تأكد له أن استمراره في منصبه لم يعد مجديا ولهذا جاءت اللحظة الفارقة التي كان يجب أن يتخذ فيها هذا القرار. عندما يؤكد مستشار الرئيس في شرحه لأسباب الاستقالة عدم وجود رؤية واضحة لإدارة الدولة وبناء المستقبل وتحقيق أهداف الثورة واحتكار تيار واحد إدارة المرحلة الانتقالية في غياب مشاركة التيارات الأخري والاعتماد علي أهل الثقة لا أهل الخبرة نجد أن كل هذه الأسباب بح صوتنا وجف مداد أقلامنا ونحن نحذر منها دون جدوي.. لا أحد يستمع ولا يريد أن يستمع ! كل القوي والتيارات السياسية ماعدا الإخوان ومؤسسة الرئاسة طالبوا بإقالة حكومة د. هشام قنديل بعدما ثبت فشلها في إدارة شئون البلاد.. حكومة لا تملك رؤية ولا قدرة علي الحكم وكل يوم يمر تزداد الأمور تعقيدا ورغم ذلك يتمسك بها الرئيس ويري أنها تؤدي واجبها حتي بات الناس في حيرة يتساءلون عن سر تمسك الرئيس بالدكتور قنديل إلي هذا الحد ؟ ها هو مستشار الرئيس يجعل من استمرار حكومة د. قنديل رغم فشلها أحد أسباب استقالته، بالاضافة إلي محاولات اغتيال السلطة القضائية علي حد قوله وعدم حل مشكلة النائب العام حتي الآن والعجز عن إدارة حوار وطني يجمع كل ألوان الطيف السياسي. لم يكتف مستشار الرئيس بسرد الأسباب السبعة لاستقالته.. بل حاول وهذا حقه أن يبرئ نفسه ويخلي مسئوليته عن الاعلان الدستوري الشهير الذي أصدره الرئيس مرسي في 22 نوفمبر الماضي ومن يومها لم تهدأ الأجواء السياسية لحظة واحدة.. ولهذا حرص د. جادالله في خطاب استقالته علي تأكيد اعتراضه علي تحصين قرارات رئيس الجمهورية ومجلس الشوري والجمعية التأسيسية للدستور بهذا الاعلان الدستوري. وشدد علي أنه تصور أن استمرار وجوده في منصبه كمستشار قانوني للرئيس قد يساهم في حل الأزمة السياسية التي تعيشها مصر لكنه عجز عن ذلك ولهذا جاءت اللحظة الفارقة التي يجب أن يتقدم فيها باستقالته. بقدر ما أعجبني تعليق الكاتبة القديرة سكينة فؤاد الذي أشرت إليه بقدر ما أساءني أن أجد مصدرا رئاسيا لم يذكر اسمه يصرح بأن د.جادالله استقال لعدم حصوله علي منصب وزاري.. ذكرني علي الفور بكل ما قيل عن أسباب إقالة د. خالد علم الدين مستشار الرئيس لشئون البيئة واتضح بعدها أنه »كلام في الهواء« ولم تعلن حتي الآن أية أسباب موضوعية لإقالته. مصدر رئاسي آخر قال أن الرئاسة تدرس استقالة د. جادالله.. مسئول تقدم باستقالته وواضح أنه يصر عليها.. أي دراسة ستجري لها؟ لابد من قبولها لكن الأهم هو التمعن فيما جاء بها. ليت الرئيس مرسي الذي أقدره وأحترمه وأتمني له النجاح يخلو إلي نفسه بعد صلاة الفجر بعيدا عن طاقم الحراسة وعن جميع أفراد أسرته ويسترجع شريط الأحداث التي مرت بها مصر منذ اصداره الاعلان الدستوري في 22 نوفمبر الماضي ويسأل نفسه »هل ما أقدم عليه بإصدار هذا الاعلان الدستوري جمع المصريين أم فرقهم؟.. وما هو الحل الآن للخروج من الأزمة السياسية التي فجرها هذا الاعلان الدستوري؟«. أؤكد ما سبق أن أشرت إليه أن د. مرسي هو كبير هذا البلد ولهذا فالمسئولية التي يتحملها لتحقيق أهداف الثورة والوصول بمصر إلي بر الأمان تحتم عليه أن يكون البادئ بمد يده بالسلام والمصالحة مع كل القوي الوطنية من منطلق المشاركة لا المغالبة.. لا يمكن تصور أن كل من يخالفونك في الرأي يضمرون لك الشر ويريدون ازاحتك عن منصبك.. انظر لهم بعين مختلفة لتري الحقيقة. آخر كلام احتفالنا اليوم بعيد تحرير سيناء لابد أن يذكرنا بدماء شهدائنا التي سالت دفاعا عن هذه البقعة الغالية من أرض مصر والتي لابد أن نحرص علي عدم التفريط في حبة رمل منها.