لم استغرب ابتسامة مبارك العريضة، وضحكته التي أخفاها بكفه، وتلويحه بيده من داخل قفص المحكمة في الجلسة الاولي لإعادة محاكمته في قضية القرن. لقد بدا الرجل الذي سرق عمري وابناء اجيال عديدة، وكأنه مازال رئيس مصر يهم بدخول قاعة مجلس الشعب ويرد تحية منافقيه من اعضاء الحزب الوطني، وليس قفص العدالة لمحاكمته بتهم قتل المتظاهرين والتربح واستغلال النفوذ واتهامات اخري لاتشملها قائمة الاتهام.. احسست بالغيظ والأسي في آن واحد. فالرجل الذي قتل ملايين المصريين بالفقر والمرض والجوع والتشرد والظلم والفساد والتعذيب وحوادث القطارات والعبارات، مازال بشعره الاسود المصبوغ وضحكته الخبيثة وكأن شيئا لم يقع. اضحك يامبارك علي المأساة التي نعيشها. فبعد اكثر من عامين علي خلعك، مازلنا لم نذق أي حلو من ثمار الثورة التي حلمنا بها. اضحك.. فهاهم الساسة الجدد يتصارعون بلاجدوي، ويزايدون علي بعضهم البعض والشعب يتجرع مرارة الغلاء وتردي الاحوال يوما بعد يوم. اضحك يامبارك فمازالت المظاهرات تملأ الميادين، والموت يحصد المتظاهرين، والاحباط واليأس الذي زرعته بيديك يجد من يرويه وينشره بالفوضي الامنية المقصودة وسرقة قوت الشعب حينا والحصار من بعيد لبعيد من قبل بعض الدول التي كم ضحينا بأرواح ابنائنا لحمايتها او تحريرها حينا آخر. اضحك يامبارك علي ماأوصلنا اليه المتناحرون علي السلطة، واللاهثون وراء اهدافهم الشخصية. لكن كن علي ثقة ان الثورة التي تسخر منها بضحكتك قد حررتنا من قبضتك واغلالك إلي الأبد، ولن يسمح الثوار الأطهار ومن خلفهم الشعب الحر ان تفلت بجرائمك انت ورجالك مهما طال الزمان. اضحك الان وكلي يقين انك ستلقي وكل المجرمين العقاب الذي تستحقه في الدنيا.. وإن تأخر قليلا !! اما عقاب السماء فسوف يكون اشد وأقسي.