فاجأني تصريح مذهل ادلي به د. عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية نشرته احدي الصحف اول امس يؤكد فيه بكل ثقة ان نصف المصريين ينفقون 500 جنيه فقط في الشهر! لم يكشف الوزير عن المصدر الذي استقي منه تلك المعلومة الرقمية ، أو الدراسة المسحية التي اخبرته بتلك النتيجة، أو الحصر الرسمي الذي توصل لتلك المعلومة الخطيرة، ولكن الحسبة تعني ان 42 مليون مصري يعيشون في الشهر بخمسمائة جنيه فقط أو ما دون ذلك، و42 مليونا يعيشون بما هو فوق الخمسمائة جنيه في الشهر والرقم هنا مفتوح بلا سقف! من الطبيعي ألا يكون السيد الوزير من فئة المصريين الذين يعيشون بخمسمائة جنيه فقط في الشهر بحكم مرتبه الذي يتجاوز الثلاثة آلاف جنيه ببضعة كسور من الجنيهات ، لأنه لو كان من تلك الفئة فمعني هذا انه يوفر من مرتبه الفي جنيه علي الاقل، ومع كامل احترامي لهذه الحسبة فأنا علي يقين ان مرتب معالي الوزير الرسمي لا يمكن ان يكفي متطلباته الحياتية في عشرة ايام اذا ما قلنا ان كيلو اللحمة الموقرة قد تجاوز اول امس حاجز .. ومكان النقاط رقم تعجز يدي عن كتابته لأني لا اريد ان اتذكره او اذكر الناس به! تصريح الوزير المشار اليه لا يزيد من دهشتي واستغرابي لأن سيل التصريحات التي اطلقها في الايام الاخيرة يحمل من الميلودرامية ما هو اشد واكثر كاريكاتورية، وقبل ان نستعرض بعضاً منها أود ان يمسك السيد الوزير بورقة وقلم ليستخرج لنا نتيجة المسألة الحسابية التالية: رجل متزوج ولديه تلميذ وتلميذة بالمرحلة الاعدادية، كل منهما يتقاضي جنيها كمصروف يومي، اسرة هذا الرجل تنفق عشرة جنيهات في وجبة الافطار التي لا تخرج عن الفول والفلافل والجبن القريش وبدون كوب لبن للأبناء، وتنفق مثلها في وجبة الغداء الخالية من البروتين الحيواني بجميع ألوانه واشكاله، ومثلها في وجبة العشاء التي تقتصر علي الزبادي والبقسماط الناشف، ولن نضع لوزير التنمية الاقتصادية في مفردات المسألة مصاريف الدراسة والادوات المدرسية والدروس الخصوصية والكتب الخارجية، والعلاج والمواصلات ، كل هذا سنتركه جانبا لكي يتحفنا الوزير بالرقم المأساوي الذي سيتوصل اليه لكي يغير وجهة نظره ويصحح معلوماته التي يدلي بها للصحف وهو لا يدري انه يزيد من حالات الاستفزاز التي تعلي من سخط الناس وتشعرهم ان الحكومة بها وزير يتحدث من كوكب آخر، وللأسف فهذا الوزير - قبل ان يصبح وزيرا - كان رئيسا للجنة الاقتصادية بحزب التجمع، اي انه كان يقف قبل ان يستوزر علي يسار الحكومة متخندقا مع الفقراء والغلابة ، لكنه بعد ان اصبح وزيرا قال ان الحكومة غير مسئولة عن الفقر !، وقال ان اللي دخله جنيه ونصف في اليوم ليس فقيرا !، وقال ان ارتفاع سعر اللحمة دليل علي رفاهية الشعب!، وقال اثناء جنون الطماطم " يعني إيه تاكلوا سلطة ده شيء مش مهم "!، ومن اقواله التي ستظل مأثورة ليوم الدين بشأن مسألة الحد الادني للأجور »احنا ممكن نستورد عمال من بنجلاديش أرخص وهيرضوا بال 400 جنيه أو أقل كمان«! . حقيقي .. كان الله في العون!