لا يمكن أبدا أن تظل مصر أسيرة هذا الصراع المرير علي السلطة بين هذه التيارات المختلفة الذين يبدو في تناحرهم أنهم من بقاع شتي وليسوا من وطن واحد ومن طينة واحدة، أساس هذا الصراع هو التحزب والأنانية والنزعات الفردية التي تورد التهلكة فلو استمر الحال فلابد من يوم أسود علي الجميع.. شعرت بالأسي وأنا أسمع أحد الزملاء مبررا العبث الذي يحدث بأنهم يريدون الاستقرار لمصر ولا يريدون الاستقرار للإخوان وللرئيس وكأن لسان حالهم يقول بكل صراحة ووضوح أني يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ونسوا أو تناسوا سنة الله الكونية وأنه يؤتي الملك من يشاء ويسلبه ممن يشاء. أي عقل هذا الذي يفرق بين استقرار الوطن واستقرار حكامه ولماذا؟ هل جاءوا من كوكب آخر أو بانقلاب أو اغتصبوا السلطة؟! إنه المرض الدفين في القلوب ضد أناس من وطننا وبني جلدتنا والخاسر الأكيد هو الوطن وعامة الشعب.. والأدهي والأمر أن هؤلاء الذين يتبرمون من حكم الإخوان لا يرون ضيرا في وصول البلاد إلي الهاوية والتفكك أو السقوط والتقسيم وفي هذه الحال لا يأنفون من سيادة غيرهم عليهم ويرون أن الخضوع للأجنبي الحقير خير من الخضوع لأحد من مواطنيهم. ما أشبه اليوم بالبارحة فقد كان في الزمن الغابر تقوم نزاعات حادة بين العائلات في القرية الواحدة علي »العمدية« وأحيانا بين أولاد العمومة ويقدمون لهذه النزاعات فلذات أكبادهم بسبب النعرات العائلية والتطلع إلي مظاهر الرياسة وتولي المناصب الذي يكلف ويستهلك الكثير. في الوقت الذي كانوا يتزلفون فيه لأحد الخواجات، ولقد ظل الاستعمار الإنجليزي جاثما علي صدورنا عقودا بسبب هذه الأنانية والنفوس المريضة كراهية أن يسودنا أمثالنا في الوقت الذي نخضع فيه كلنا للأجنبي الدخيل. إن الإسلام الذي نتمسح به جعل تفرق الأمة شيعا وأحزابا -بهذه الطريقة التي تضيع فيها مصلحة البلاد- من خصائص المشركين الوثنيين الذين يتخذون أهواءهم آلهة فهل نفيق قبل الكارثة؟!