الأذكياء وحدهم هم الذين يدركون اللحظة المناسبة للفكاك من القيود التي يفرضها عليهم الآخرون، الأغبياء وحدهم هم الذين تتعطل عقولهم عن الابداع فتنزلق اقدامهم نحو الهاوية التي تبتلعهم هم ومن معهم لأمد طويل. عن هؤلاء الأغبياء يتحدث الكاتب والمفكر الأمريكي نعوم تشومسكي بأنهم لا يدركون ان الاحتلال العسكري لم يعد ضرورياً ،برزت وسائل حديثة لتحقيق نفس الهدف مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، تلك هي ادوات الاحتلال التي تنزع الارادة وتلغي السيادة الوطنية، احد أهم اذكياء العالم ادرك الحقيقة فلم تستهوه المغريات، تجاوز كل التحديات لتصبح بلاده في سنوات قليلة من اهم الدول التي تستحق تجربتها النهضوية التأمل لمن يريد ان يتعلم من تجارب الاذكياء ،الرجل هو مهاتير محمد الذي بدأ مشواره الاصلاحي كرئيس لوزراء ماليزيا برفض الاقتراض من صندوق النقد أو من البنك الدولي، لأن كلا منهما يقيد المقترض بشروط مجحفة تجعل الدول عاجزة أمام الجهة المانحة، مهاتير محمد رفض ان يسلم بلاده للتدخل الأجنبي المتستر بالقروض والمنح المشروطة، وسبق له ان حذر المصريين من اقتراب المستثمرين الأجانب من السياسة،منبها للضوابط التي يجب التشدد فيها بالنسبة لتدخلهم في السياسة، مسموح لهم ان يحققوا أرباحاً مقابل توفير الوظائف لأهل مصر"، ومن يريد أن يتبحر في رؤية مهاتير محمد الذي صنع في ماليزيا معجزة تقدم، عليه بكتاب " محمد مهاتير وثورات الربيع العربي .. عاقل في زمن الجنون " للدكتورعبد الرحيم عبد الواحد، في هذا الكتاب يؤكد مهاتير أن نجاح مصر بعد ثورة 25 يناير لن يكون سهلاً، نجاحها لن يكون قائما عليها وحدها، ولهذا فهو يكشف عن دهشته واستغرابه من خوف الدول الإسلامية والعربية من مساعدة مصر في ظل أزمتها الاقتصادية، ويتساءل عن الأموال العربية التي لا تأتي إليها مثلما كانت تأتي في السابق، مهاتير محمد غير راض علي التظاهر في الشارع طوال الوقت لأن استمرار هذا الأمر يرفع من معدلات هروب المستثمرين، ويرفع معدلات البطالة، ويزيد من انهاك الأمن، ويخلق صعوبة اقتصادية بالغة، تجعل الاحتقان الاجتماعي في ذروته، مؤكدا علي اهمية التصالح والتوافق الوطني ،ونبه إلي أن مصر يجب أن تخطط لإعادة بناء نفسها بنموذج جديد وبحكومة ديمقراطية،الأمر ليس من السهل تحقيقه،مع مجيء حكومة عبر الديمقراطية، لكنها تسيء استغلالها بما يؤدي إلي انهيار الدولة، من هنا يري الحل في ضرورة أن يعرف الشعب الديمقراطية جيداً، وأن يتفهم حقوقه وواجباته حتي يستطيع أن يسقط الحكومة إذا خالفت النهج الديمقراطي ،الكتاب يؤكد ان مهاتير محمد أبدي النصح لقادة مصر الجدد بأن سر النجاح في الانتقال من اقتصاد السوق إلي اقتصاد الصناعة، وتحديد الهدف والعمل علي تحقيقه بالاعتماد علي موارد الدولة بعيدا عن القروض التي تسلب الإرادة وتنتزع السيادة الوطنية. تري .. هل عمل قادة مصر الجدد بنصيحة عاقل في زمن الجنون؟!