صدر مؤخرا كتاب «مهاتير محمد وثورات الربيع العربي.. عاقل فى زمن الجنون» عن دار «ميديا هب انترناشيونال» ومقرها دبى بدولة الإمارات العربية المتحدة، ويتناول وجهة نظر مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق حول الأوضاع العربية الراهنة وما تشهده من تحولات سياسية متسارعة، إضافة إلى فلسفة التجربة الماليزية. ولرواج الطبعات السابقة من الكتاب خاصة خلال معارض الكتب على مدار السنوات الأربع الماضية. من المقرر أن تصدر النسخة الانجليزية من نفس الكتاب مع بداية العام المقبل حيث سيتم تدشينه فى العاصمة الماليزية كوالالمبور من قبل صاحب السيرة الدكتور مهاتير محمد. الكتاب.. هو الأول من نوعه باللغة العربية الذى يرصد مفردات التجربة الماليزية الشاملة، كما يجسد رؤية واقعية للتطورات والتجارب والظروف التى عاشتها ماليزيا وكيفية الخروج من الازمات ومواجهتها والتغلب عليها، إضافة الى استعراض للدور الماليزى فى دعم وتعزيز الأنشطة الاقتصادية والتجارية بين الجانبين والتواصل المستمر مع دول العالم الإسلامى والدول العربية. وحول أسباب اختيار عنوان الكتاب، قال المؤلف: «يأتى العنوان حاملاً عنصراً إضافياً يتمثل فى ما أطلق عليه «ثورات الربيع العربي» إضافة إلى ما توصلت إليه المهاتيرية من تصورات وأفكار وآراء تتعلق بذلك الربيع الثورى العربى سلباً وإيجاباً». ويضيف الكاتب: «إذا كان من رجل يمكن أن يُوصف بأنه كان وما زال فى خلفية مشهد الثورات العربية كله، وفى ذاكرة شعوبها التى انفعلت مع تجربته وانفعل معها، فإنه الدكتور مهاتير محمد، الطبيب الماليزى المسلم.. مبشّر الثورات العربية، إن لم يكن فى المشهدين التونسى واليمني، فهو بامتياز للمشهدين المصرى والسوري». وتحدث الكاتب عن مواقف مهاتير حول الثورة المصرية قائلا: «كان مهاتير يعى ما لمصر من عراقة وحضارة وتاريخ، من أجل ذلك كان واضحاً وهو يوازيها بنهضة اليابان أولاً ونهضة بلاده ثانياً، وكأنه يقول إن بين اليابان وماليزيا ومصر حبلاً موصولاً هو (التحدى الصعب) الذى واجه الدول الثلاث فنجت دولتان فى انتظار نجاة الثالثة. ويحذر مهاتير محمد المصريين بالقول: «إياكم واقتراب المستثمرين الأجانب من السياسة.. هناك ضوابط يجب التشدد بها لوجود المستثمرين الأجانب، منها ألا يقتربوا من السياسة، وأن يحققوا أرباحاً مقابل توفير وظائف لأهل مصر». واستنادا إلى رفض التدخل الأجنبى فى بلاده، كان مهاتير أكثر من واضح وهو يشدد على رفضه فكرة الاقتراض من البنك، أو الصندوق الدوليين، باعتبار أنه يقيد المقترض بشروط مجحفة تجعل الدول عاجزة أمام الجهة المانحة. ويدرك الرجل أن نجاح مصر الطليعة لن يكون سهلاً، ولن يكون نجاحها قائما عليها وحدها. من هنا يعرب عن استغرابه من خوف الدول الإسلامية والعربية من مساعدة مصر فى ظل أزمتها الاقتصادية. وتساءل لماذا لا تأتى الأموال العربية إلى مصر من السعودية؟ مثلما كانت تأتى إليها فى السابق من السعودية والعراق، ولماذا هم خائفون لهذه الدرجة من أمريكا؟ وينظر مهاتير بعين غير راضية على التظاهر فى الشارع ويقول: «لابد أن يكون التظاهر هو الحل الأخير، لكن أن تستمر المظاهرات طوال الوقت، فذلك يصد المستثمرين ويزيد البطالة». ونبه إلى أن مصر تعيش سنوات انتقالية وعليها أن تخطط لإعادة بناء نفسها بنموذج جديد وبحكومة ديمقراطية، وهذا الأمر ليس من السهل تحقيقه، خاصة مع احتمال مجيء حكومة عبر الديمقراطية، لكنها تسيء استغلالها بما يؤدى إلى انهيار الدولة، من هنا يرى الحل فى ضرورة أن يعرف الشعب الديمقراطية جيداً، وأن يتفهم حقوقه وواجباته حتى يستطيع أن يسقط الحكومة إذا خالفت نهج الديمقراطية. ومن منظور مهاتير فإن انتفاضة الشعوب ضد الديكتاتورية، نجحت كما حصل فى إندونيسيا ثم فى مصر، عندما قررت جيوش تلك الدول دعم الانتفاضة الشعبية وبالتالى انهزم الديكتاتور بسرعة «ولكن فى حالة ليبيا وسوريا هناك انقسام والأوضاع معقدة، وتزداد تعقيداً». كما ابدى النصح لقادة مصر الجدد من أن سر النجاح اليوم بالانتقال من اقتصاد السوق إلى اقتصاد الصناعة، وأن السوق الحرة اختراع الدول المتقدمة، وأن سر النجاح لأى دولة هى أن يضع قادتها الهدف أمامهم، ثم الاعتماد دائما على موارد بلادهم ومالها، ولا تعتمد على القروض وأموال الآخرين. وحول الثورة اليمنية يرى مهاتير أن إحداث تنمية حقيقية فى اليمن يتطلب من الحكومة التركيز على تحقيق الأمن والاستقرار حتى تتاح الفرصة للمستثمرين لتنفيذ استثماراتهم وإحداث تنمية اقتصادية فى هذا البلد. وحول ليبيا يقول الكتاب: «لم تدفع تعقيدات الربيع العربى واشتباك مفاهيمه وتفاصيله إلى إرباك رأى مهاتير محمد به، بالنسبة إلى الزعيم الليبى الأمور غاية فى الوضوح، فما جرى هو ثورة المواطنين على طاغية، يرفض مهاتير القول إن حلف الناتو هو من أطاح «بملك ملوك أفريقيا» بل إن الشعب الليبى هو الذى أراد الإطاحة بالنظام، ثم قدم الناتو دعمه لمصالحه النفطية». وقارن الكاتب بين مهاتير وبشار الأسد قائلاً: «مع توليه السلطة بدأ من حول طبيب سوريا بل قاتلها يطلق الشعار على عصره فقد «انتهى عصر البناء وبدأ عصر العطاء» والمقصود بعصر البناء هو فترة حكم الرئيس الراحل، ولأن الشعب لم ينل أى شيء من هذا العطاء رغم مضى سنتين على إطلاقه فقد أطلق بشار عام 2002 شعار «محاربة الفساد» إلا أن هذا الفساد أخذ يتكاثر ويتضاعف وينتشر كالنار فى الهشيم حتى أتى على الدولة بأكملها خلال عامين.