من منّا لا يمتلئ بالمشاعر الفياضة عندما يستمع للمطربة فايزة أحمد وهي تغني: "ست الحبايب يا حبيبة يا أغلي من روحي ودمي يا حنينة وكلّك طيبة يارب يخليكي يا أمي" هذه المعاني الرقيقة تجسد تلك المكانة العالية للأم في كل القلوب سواء كانوا صغارا في السن أو كبارا . فالأم هي حجر الأساس في حياتنا فهي التي تربي وتطعم وتعلم وتسهر الليالي إذا مرض أولادها بل قد تتعرض الأسرة الي فقد لعائلها فتتحول الأم الي الرجل والمرأة معا و تخرج الي الحياة باحثة عما تنفق به علي بيتها وأولادها وتصبح معيلة تضع نصب عينيها أن تقدم لبلدها جيل الغد في أفضل مستوي تعليمي وأخلاقي ..وإذا كنا نحتفل اليوم بعيد الأم فعلينا أن نضع في مقدمة الأمهات المثاليات كل أم قدمت لمصر خلال ثورة يناير وحتي الآن شهيدا شارك في المطالبة بتغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي عاشتها مصر في ظل نظام الفساد البائد وكان هذا الثمن فادحا وقاسيا علي كل أم سقط ابنها في ساحات التغيير ..وكانت كلمات تلك الأمهات الثكلي قوية ومركزة تهز جبال القهر الذي نعيشه وكل منهن تحكي كيف خرج وحيدها الصغير أو الشاب للمشاركة في المظاهرات أو الدفاع عن مسكنه خلال فترات الانفلات الأمني ثم خروجها مهرولة في الشارع والي المستشفيات و الي المشرحة باحثة عن جثته لتسرع به لدفنه في المقابر وتحتسبه شهيدا عند الله وهي مؤمنة صابرة باكية لا تستطيع سوي أن تدعو له بالجنة وكثيرا ما سمعنا من أمهات الشهداء أن كل أم منهن كانت تتمني أن يكون لديها أولاد آخرون لينالوا شرف الشهادة في سبيل الله ومن أجل مصر ولعل أمهات شهداء بورسعيد ضربن المثل الأعلي للصبر و الاحتمال عما تعرضن له بفقد أولادهن بعد صدور حكم المحكمة الجنائية في يناير الماضي وكيف فقدن تلك الأمهات 50شهيدا خلال المناوشات القاتلة بين الأهالي وقوات الأمن المركزي في تلك المدينة الباسلة وزاد من حزنهن تأخر اعتراف الدولة بأن أولادهن شهداء وطالبن باحتساب أولادهن من شهداء الثورة . ورغم أن اليوم هو عيد لاظهار مكانة الأم والالتفاف حولها وتقديم الهدايا لها أعترافا بفضلها من المهد الي اللحد لأولادها وأنها السند الأقوي لزوجها والداعم لبناء الأسرة إلا أن هذا اليوم قد يؤلم ويبكي هؤلاء الذين فقدن أمهاتهم وهنا نقول إن في حياة كل منا أكثر من أم غير تلك العزيزة الغالية التي كانت سببا في مجيئنا للحياة ..ابحث حولك ستجد في بيتك زوجتك التي إذا دققت النظر في دورها وحياتها والمشقة التي تحملتها في بناء أسرتك وتربية أولادك وكيف ضحت بشبابها وصحتها في عمل جاد وقاس ليلا ونهارا لتقدم لك أولادا وبناتا تفتخر بهم خاصة أنك ستشعر بهذا الدور الكبير الذي تقوم به عندما تساندك في تزويج وتأسيس بيت المستقبل لابنك أو ابنتك وهي تبذل كل هذا بطيبة خاطر ونفس راضية وابتسامة جميلة رغم ما قد تتحمله صحتها من متاعب وآلام تخفيها عنك وعن أولادها وكلها صفات تجعلها تستحق لقب الأم المثالية ..ابحث حولك ستجد أختا أو خالة أو عمة ستجد لديهن المشاعر الطيبة والعلاقات الأسرية الحميمة التي تساعدك علي استمرار سفينة الحياة وسط أمواج البحار المتلاطمة حولنا وأسرع بالخطي الي بيت والدة زوجتك ستجد هناك الدفء والحنان الذي يعوضك بعضا من حنان الأم ..علينا اليوم أن نفتح قلوبنا بالاحترام والتقدير لكل أم مصرية تستطيع أن تمر بأسرتها وأبنائها وبيتها بسلام في هذه الظروف الطاحنة البعيدة تماما عن أي سلام.