ما يحدث في مستشفي الأقصر الدولي لا يصدقه عقل بعد أن ضرب المسئولون بالمواثيق الإنسانية وتعليمات وزارة الصحة عرض الحائط.. فالوزير الدكتور حاتم الجبلي يشدد في كل لقاء بالأطباء بعلاج الحالات الحرجة دون النظر إلي المعاملات المادية وينطبق ذلك علي المستشفيات الخاصة إرساءً لقرار الرئيس مبارك بتقديم الخدمة الطبية وتطويرها وتوصيلها إلي المواطن البسيط، باعتباره الهدف الأساسي في برنامج الرئيس مبارك الانتخابي.. وطالب الدكتور الجبلي بمحاسبة الذي يقصر في التعامل مع المريض بسبب عدم قدرته المادية بل واعتباره عبرة لغيره!! فكيف لوحدث هذا التقصير في مستشفي حكومي أنشأته الدولة من أجل خدمة المواطن البسيط وليكون واحداً من أهم المراكز الطبية الحديثة في جنوب الصعيد.. والذي حدث في مستشفي الأقصر الدولي بدأ من مستشفي إدفو العام عندما أصيب جمال محمود محمد العامل الزراعي بالأجر باضطراب في مستوي الوعي وأغمي عليه فحمله ابناؤه الأربعة إلي المستشفي وهم يتضرعون إلي الله أن يشفيه فهو بالنسبة لهم الأب والشقيق والصديق ومصدر سعادتهم لانه يواصل الليل بالنهار من أجل ان يجمع لهم قوت يومهم ويدفع لهم مصاريف تعليمهم الباهظة رغم أن إمكاناته بسيطة وحسبه من الدنيا كلها تلك الجنيهات القليلة التي يتقاضاها في نهاية يوم عمله بالأجر في المزارع والحقول والتي قد تصل إلي 21 ساعة يوميا كلها في إرهاق وتعب وعناء.. أصيب الأبناء الأربعة بالهلع وهم يستمعون إلي أطباء مستشفي إدفو العام ويطلبون نقله إلي مستشفي الأقصر الدولي. كان ذلك مساء يوم الثلاثاء الموافق 82/9/0102 وفي نفس اليوم توجهوا إلي مستشفي الأقصر الدولي فوصلوها فجراً وبمجرد دخولهم المستشفي أصيب الابناء الأربعة بالاكتئاب وهم يستمعون إلي مطالب أطباء المستشفي الدولي الذين طلبوا 003 جنيه فكتبوا له روشتة علاج ذهبوا ليصرفوها من صيدلية خارجية وتكلفت الروشتة وحدها 005 جنيه واسقط في يدي الأبناء فلم يعد معهم سوي جنيهات معدودة في بلدهم في غرباء. وبمجرد عودتهم إلي المستشفي حاملين الدواء وجدوا والدهم في غيبوبته ومايزال في قسم الاستقبال ولم يدخلوه غرفة العناية المركزة رغم تشخيصهم له أنه حالة حرجة جدا وعندما سألوا السبب وجدوا العجب أنهم يطلبون منهم رفع قيمة التأمين إلي ألف جنيه اصيبوا بالانهيار فمن أين نأتي بذلك الألف جنيه. جلس الرجل في غيبوبته 3 ساعات يحيطه أبناؤه وجيرانه والمسئولون مصرون علي عدم دخوله رغم اشفاقهم عليه مخافة التنكيل من قبل الادارة. 3 ساعات كاملة قضاها الابناء الاربعة مع والدهم في قسم الاستقبال دون ان ترق لهم قلوب المعالجين فخرجوا به وعادوا إلي إدفو ليلفظ الرجل أنفاسه الأخيرة بعد 5 أيام دون ان ينطق بكلمة واحدة ولعله يدخر كلماته إلي يوم يمكن ان يقتص فيه من قاتليه بالاهمال!!!