كتب إليها يقول: »عندما يصل هذا الخطاب إليك اكون في طريقي لملاقاة العدو..« 6 اكتوبر 3791 يوم الخلاص بالنسبة لابراهيم الرفاعي، وجميع رجال المجموعة 93 قتال، دق جرس التليفون، في مقر قيادة إبراهيم الرفاعي اكثر من مرة التقي بالعديد من الرجال، كانت العبارة المتبادلة علي شفاه الجميع: »مبروك.. الحرب قامت«كلفت المجموعة بتنفيذ عدة عمليات قتالية ضد اهداف معينة تقع علي خليج السويس، كان لدي الرجال خبرة عالية ودقيقة بكل شبر فيه، ومن احد المطارات تحركت ثلاث طائرات هليكوبتر، مدافع الجرينوف مثبتة بالزوايا بجوار ابواب الطائرة، تم ضبط زوايا المدافع، ركب كل اثنين في طائرة. لقد تقرر ضرب منطقة بلاعيم، تنفيذا لقرار الرئيس انور السادات بحرمان العدو من بترول سيناء. قال ابراهيم قبل ركوب الطائرة انه اذا لم نجد مقاومة فسننزل ويتم تلغيم الثكنات، لكن اذا ووجهنا بمقاومة ارضية فسنغير علي الموقع بالهيلكوبتر، طارت الطائرات مسافة زمنية طويلة الطيران علي ارتفاع 01 51 مترا، الريح بعكس اتجاه الطائرات، لاحظ المقاتلون في الطائرات ان لون الارض القاتم يخف قليلا، استنتجوا انهم عبر الخليج ويقتربون من اليابسة، خبرتهم علمتهم انهم اذا كانوا يطيرون فوق المياه في الظلام يكون اللون غامقا ويخف تدريجيا كلما اقتربوا من اليابسة، قرر قائد الطائرة الاولي »فيها ابراهيم الرفاعي« ان يتجه الي اليمين ثم يقوم بالالتفاف فيبدو كأنه قادم من سيناءالمحتلة، لكن العدو انتبه، فوجيء الرجال بالصواريخ المعادية، وكما يعبر احد رجال المجموعة: »لقيت الدنيا بتمطر صواريخ بالمشقلب، يعني الصواريخ تجيء من الأرض إلي السماء، بالعكس«. اذن ألغي الاحتمال الاول وبقي تنفيذ الاحتمال الثاني ويتلخص في ضرب الصهاريج بالصواريخ، وضرب افراد العدو بالرشاشات ، بدأ الرجال يضربون ، فجأة برقت كتلة ضخمة من النيران امام باب الطائرة لقد انفجرت احدي الطائرات الثلاث في نفس الوقت اشتعلت مستودعات البترول ومنشآته بنيران عالية لدرجة ان الحرارة ارتفعت حول طائرة ابراهيم الرفاعي في طريق العودة لمحوا قافلة اسرائيلية في الخليج، داروا حولها كانت الطائرات قد افرغت صواريخها اثناء الهجوم، انقضت بالرشاشات علي القافلة التي اطفأت انوارها، غير ان نيران الرشاشات لا تؤثر كثيرا في سفينة كبيرة مثلها. »شرم الشيخ 7 أكتوبر« اشترك في هذه العملية جميع ضباط المجموعة »93«وأكفأ صف ضباطها تقرر ابحار 6 لنشات من الغردقة، تم الرسو علي رأس محمد ، تم نصب قواعد الصواريخ، وضرب منشآت العدو، ان المسافة من الغردقة الي شرم الشيخ 011 كيلو مترات، والبحر الاحمر عات، عالي الموج، بلغ ارتفاع الموج ثمانية امتار، كان قد تم التجهيز لهذه العملية قبل الحرب بسنة كاملة، في جو البحر العاصف استمر الابحار لمدة ثماني ساعات، انقلب احد القوارب، اصبح انقاذ القارب بحمولته معركة متكاملة، تقرر العودة الي جزيرة شدوان واتخاذها كنطقة انطلاق مع تلافي الاخطاء، ذهب ابراهيم الرفاعي إلي الغردقة وعاد ببعض المعدات للرجال، تم اختيار اربعة قوارب، تم تقليل الحمولة بعد الابحار اكتشفت الزوارق وبواسطة الطيران الإسرائيلي، استمر الرجال يكبرون تكبيرات صلاة العيد »الله اكبر كبيرا..« ظهرت لنشات العدو اصدر ابراهيم الرفاعي آخر اشارة في تلك الليلة »استعد للاشتباك«. كان ابراهيم يستقل القارب الاول اما القارب الثاني فيقوده ضابط شرف عمره 34 سنة، اب لعدد من الابناء، مثابر، القارب الثالث يقوده المقاتل ابوالحسن، القارب الرابع يقوده المقاتل وسام، اصبحت المسئولية ملقاة علي قادة القوارب بشكل كامل خاصة بعد صدور الاشارة اللاسلكية.. وبعد عدة مناورات معقدة قام بها كل زورق منفردا، امكن تجنب لنشات العدو، وتفادي نيران مدفعيته التي اطلقها من البر، والعودة الي القواعد التي تم الانطلاق منها، وعلي الرغم من ان المجموعة لم تهاجم هدفها وهو شرم الشيخ الا أن ظهورهم في هذه المنطقة احدث ارتباكا شديدا في صفوف القيادة الاسرائيلية، وكان موشي ديان يشرف بنفسه علي عملية التصدي للزوارق. وتتوالي عمليات ابراهيم الرفاعي علي امتداد حرب اكتوبر ضرب منطقة رأس محمد بالصواريخ في 01 اكتوبر. 41 أكتوبر ابراهيم الرفاعي يقود رجاله لضرب منطقة البترول في شلاطيم بمدافع مضادة للدبابات، ان الهجوم في هذه العملية تم بطريقة معقدة، حيث ابحرت زوارق الرجال فوق منطقة مليئة بالشعاب المرجانية، وتمكنوا من الاقتراب من الشاطئ الشرقي لخليج السويس، واصابة انابيب البترول اصابة مباشرة. في يوم 51 اكتوبر اغار الرجال علي منطقة الطور، تصدي لهم العدو بمقاومة عنيفة، في اليوم التالي قاموا بنفس المحاولة، قامت المجموعة بعبور الخليج في قوارب مطاط حتي تتفادي اجهزة رادار العدو، ويعد هذا تحديا لواحدة من اعتي المناطق المائية في العالم، من الطريف ان احد المقاتلين لمح عربة نصف جنزير فوق الشاطيء قال ابراهيم الرفاعي انه لا يري شيئا، امر بالاقتحام، حتي لو جاءت عربة نصف جنزير، هل ستعطل اعمال المجموعة؟ امر بالاقتحام قبل نصب الصواريخ استطلع احد الرجال هذه العربة عاد مبتسما كانت شجرة من الشوك تبدو من بعيد وكأنها جسم عربة فعلا، في اليوم التالي تكرر الهجوم مرة ثانية علي نفس المنطقة ان هذا الاسلوب يذكرنا بما قام به ابراهيم الرفاعي عندما ذهب الي الجبهة الاردنية في عام 9691 وشارك الفدائيين الفلسطينيين هجماتهم ضد العدو، لاحظ ان الفدائيين ينصبون صواريخهم ثم يطلقونها علي المستعمرات مرة واحدة، لقد اضاف بعدا جديدا الي هذه العمليات عندما وجه قصفة ناجحة الي احدي المستعمرات، ولم يفارق مكانه وبعد ثلاثين دقيقة وجه من نفس المكان قصفة اخري الي نفس المستعمرة. يوم 71 اكتوبر هاجم ابراهيم والرجال مطار الطور بالصواريخ الثقيلة، كان قد بقي علي يوم الجمعة 91 اكتوبر يومان فقط. »البيت« شقة صغيرة متواضعة في احدي عمارات مصر الجديدة، الاثاث متواضع ولكنه يحوي ذوقا رفيعا، ان البيت خلو من كل ما هو زائد عن الحاجة، ترجع بساطة البيت الي ظروف زواج ابراهيم الرفاعي بعد قصة حب عنيفة اثث بعدها هذا البيت، كما ترجع الي شخصيته البسيطة التي كانت تنفر من المظاهر، ولم يرتد هو وامرأته أو اطفاله اي ثياب مستوردة، وعلق علي هذا يوما في حديثه الي اقاربه قائلا: »إذا لم نرتد نحن مصنوعاتنا الوطنية فمن سيرتديها«. تقول الزوجة التي ترك بصماته الواضحة علي شخصيتها »لم يكن يصرح لي بتفاصيل العمليات التي يقوم بها، لكنني بعد رفقة عمر بأكملها، اصبحت اشعر بالاوقات التي يعبر فيها لقتال العدو، كنت اعرف عنه حبه الشديد لمواجهة الخطر، واقتحام الصعب، وكانت كلمة مستحيل لا وجود لها في لغته، لا تتصور مدي احراجه وخجله من مواجهة نفسه لو تصور انه عاد من عملية دون ان ينجزها ، ان يقول لقادته لم اتمكن لان العدو قام بكذا وكذا، هذا مستحيل لا يقبله، كنت اسهر طول الليل انتظر رجوعه، في كل مرة اتوقع الخطر نفسه عندما يدق الباب غالبا في اللحظات الاخيرة من الليل، افتح له، يدخل وعلي وجهه تعبير خفي، كأنه انجب طفلا جديدا، اعد له الشاي، والماء الساخن، لم يكن ابراهيم زوجي فقط، انما كان استاذي وصديقي الذي لا يعوض. ان خطاباته اليها موجزة العواطف مبثوثة فيها لا تبين لكنك تشعر بها، تقرأها من بين السطور، ان العاطفة البارزة فيها حب مصر، لايخلو خطاب منه الي زوجته من مصر، قبل قيامه بعملية ضرب بلاعيم يوم 6 اكتوبر كتب إليها يقول: »عندما يصل هذا الخطاب إليك اكون في طريقي لملاقاة العدو«. »قولي لمن تقابلينه ان مصر فيها رجال قادرون علي هزيمة العدو«.