مصطفى عبدالله ضمن وفد من المبدعين والمفكرين المصريين الذين وجهت إليهم الدعوة للمشاركة في الملتقي السنوي الثاني عشر لمجلة "العربي" العريقة الذي عقد هذا العام بعنوان "الجزيرة والخليج العربي. نصف قرن من النهضة الثقافية"، تحت رعاية الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء أمضيت خمسة أيام في دولة الكويت، أتاحت لي فرصة اكتشاف مدي التقدير الذي يكنه الكويتيون المثقفون لمبدعينا؛ فقد سرني أن يبلغني صديقي الشاعر بشير عياد بقرار المعهد العالي للفنون المسرحية بإطلاق اسم مخرجنا الرائد أحمد عبدالحليم علي إحدي قاعاته تقديرًا للقيمة التي يجسدها هذا الفنان في نفوس المشتغلين بالمسرح العربي، وردًا للجميل الذي أسداه للمبدعين في الكويت عندما أسهم، بعد زكي طليمات، في تأسيس هذا الصرح الذي تخرج فيه نجوم المسرح الخليجي في البحرين والإمارات وقطر، فضلًا عن الكويت ذاتها، ولعل هذا ما يبرر إسناد رئاسة إحدي جلسات ملتقي هذا العام إلي الفنان أحمد عبدالحليم وهي الجلسة التي خصصت للمسرح الخليجي المعاصر وكيفية تطوره، وفيها انتقد بعض الحضور بحث الدكتورة وطفاء حمادي حول مسارات المسرح الكويتي وكوادره وهويته، وهي الجلسة التي طرح فيها الدكتور علي العنزي رؤاه لمسيرة المسرح الخليجي، في حين تولي رئيس الجلسة عرض شهادة المخرج الكويتي سليمان البسام الذي حالت ظروف وجوده في مهمة فنية في باريس دون إلقائها بنفسه. وقد لفتتني حيوية الناقد المصري الشاب، القادم من جامعة قطر، الدكتور محمد الشحات الذي أعتبره خليفة جابر عصفور في هذه الساحة، وقد ترك لدي هذا الإنطباع سواء من خلال الورقتين اللتين قدمهما حول"سردية منيف بين لاوعي المنفي والهوية الجوالة"، "الرواية النسائية في الخليج وشبه الجزيرة"أو عبر مناقشاته لما يطرح في هذه الجلسات الممتدة يوميًا من التاسعة صباحًا وحتي التاسعة مساء، ويمكن أن أضيف إلي هذه الحيوية جهدًا لافتًا يقوم به مصري آخر، مقيم في الكويت منذ أكثر من ربع القرن، هو الناقد السينمائي عماد النويري، الذي كلفه الدكتور سليمان العسكري، رئيس تحرير "العربي" ورئيس الملتقي، الذي لم يغب لحظة عن إحدي جلساته، بمسئولية العروض السينمائية التي أضفت إلي أنشطة هذا العام بعداً جديداً بدءًا بفيلم الافتتاح البديع حول البادية العربية وما تضم من أسرار وكائنات وحيوات، وما تتعرض له من وحشية بشرية تؤدي إلي اختلال اتزان الحياة البرية، وصولاً إلي هذه الأفلام التي أتاح لنا الملتقي مشاهدتها في الأمسيات لنتعرف علي ما يجري في الساحة السينمائية الخليجية التي لا تزال تحتاج إلي تسليط مزيد من الضوء. وهذا الملتقي، الذي افتتحه الشيخ سلمان الحمود، وزير الإعلام ووزير الدولة للشباب، مساء الإثنين الماضي، فاجأنا بتكريم الفنان القطري غانم السليطي، فقد كان المعروف أنه سيكرم عدة شخصيات لعبت دوراً ملموس اً في تحقيق النهضة الثقافية في المنطقة، ولم يكن غانم بينها، وهؤلاء المكرمون هم: الروائي إسماعيل فهد إسماعيل، والكاتبة ليلي العثمان، من الكويت، والشاعران: سيف المري، مدير عام دار الصدي، رئيس تحرير مجلة "دبي الثقافية" من الإمارات، وسيف الرحبي رئيس تحرير فصلية "نزوي" من سلطنة عمان، فضلًا عن ثلاثة من فناني الكويت المؤثرين: حياة الفهد، وسعاد العبدالله، وسعد الفرج. وقد ذكر لي كل من الصديقين السيفين: المري والرحبي أن هذا الملتقي كان فرصة للقائهما، وجهاً لوجه، لأول مرة عندما جمعهما مقعدان متجاوران علي نفس الطائرة رغم قدوم أحدهما من دبي والآخر من مسقط.. ويبدو أن الدكتور سليمان العسكري كان حريصًا علي دعوة المسئولين عن أهم المجلات الثقافية الخليجية لمشاركة "العربي" هذه الاحتفالية باعتبارها الشقيقة الكبري، فإلي جانب رئيسي تحرير: "نزوي"، و"دبي الثقافية"، جاء من قطر الزميل عزت القمحاوي، مدير تحرير "الدوحة". كما امتدت الدعوة إلي فلور مونتنيرو، منسقة جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، وعلي الرغم من أنها لم تشترك في أي ندوة أو نشاط إلا أنها كانت موضع اهتمام من بادروا بالتقدم لنيل هذه الجائزة ولم يحالفهم الحظ بالوصول إلي قائمتها القصيرة أو حتي الطويلة. ولم تسلم "فلور" من انتقادات الحضور وأبرزهم الروائية فوزية شويش السالم صاحبة رواية " سلالم النهار"، وهي انتقادات متعلقة بتخصص المحكمين وعلاقته بالفن الروائي.