عندما أستعيد ملامح أصدقاء قطريين أعرفهم، ومنهم مسئولون في مواقع مهمة، أعجب وأحار، فهناك كيانان مختلفان ، قطر التي نعرفها بأهلها الطيبين الدمثين وتاريخها القصير، فلم تكن إلا جزءا من ساحل عمان الكبير، مجرد قبيلة، وثمة قطر الأخري التي تلبس سياساتها رداءً أوسع من حجمها وكينونتها بتأثير قوة المال والاستناد إلي قوي عالمية تتخذ من أرضها قاعدة عسكرية عظمي، ومراكز للتدخل في شئون الدول العربية الكبري المستهدف تفتيتها، ومنها مصر والمملكة العربية السعودية واليمن. حاولوا ذلك في ليبيا، كما أوضحت في الأيام الماضية نقلا عن كتاب »نهاية القذافي« لعبد الرحمن شلقم، رفض الليبيون استبدال القذافي بالأمير، طردوا التدخل القطري الذي هو في جوهره تدخل أجنبي فج وجارح للكرامة الوطنية، لذلك يستهدفون الصروح الكبري، سواء في الذاكرة، التاريخ والآثار، وفي الضمير الوطني مثل قناة السويس، أما المشروع الأهم، فهو تنصيب سمو الأمير خليفة للمسلمين كتتويج للمشروع الجاري تنفيذه في مصر وتونس بعد خروج ليبيا منه. لقد تصور المساندون للدويلة الصغيرة، أن الخلافة مثل المونديال الذي تم دفع أموال طائلة لاستضافته، بعد تكييف الدولة بأكملها طبقا لشروط المال. إذا كانت قطر حصلت علي المونديال بنفوذ المال، فلماذا لا تشتري التاريخ الذي ينقصها من مصر التي تعاني فائضا منه؟.. ولماذا لا تستولي علي قناة السويس الموقع والهدف الاستراتيجي، والأهم أنها الرمز. فكأن مصر ناضلت وحفر أبناؤها واستشهدوا بمئات الآلاف وحارب عبدالناصر، فيما اشتهر في العالم بحرب السويس، ليؤول ذلك كله إلي آل ثاني، لو أن أحد الروائيين كتب من منطلق الخيال ما يجري من العروض القطرية في مجال الآثار والتاريخ والاقتصاد، لاعتُبر متجاوزا لكل أشكال التدخل، كل الدلائل تشير إلي أن قناة السويس تؤول الآن إلي قطر، هذا مشروع مهين أيا كانت نتائجه الاقتصادية، قطر بمشروعاتها تجلب الخراب والتفتيت وتوظف نفسها كواجهة لقوي مضادة لمصالح العرب، واستهداف مصر في لحظة اضطراب وضعف لمفهوم الوطن، يجب أن يُقاوَم بكل الوسائل، من المؤسف أن نضطر إلي اتخاذ هذا الموقف من بلد عربي، لكن ما نعرفه قطر أخري بأهلها الطيبين، نحن نتصدي لقطر الواجهة ولمشروع الخلافة المنتظر، قبل أن تُعلن من قاعدة العيديد الأمريكية العسكرية بالدوحة.