شر البلية ما يضحك، وما أكثر البلايا التي تمر علينا كل يوم التي تذكرني بنجيب الريحاني عندما يعبر لليلي مراد في فيلم " غزل البنات " عن سوء الحظ الذي يطارده مطاردة العاشق الولهان، يوم مولده شهدت البلاد زلزالا، تسمم من سمكة اختارها من بين عشرات الاسماك، أول جنيه تقاضاه طلع مزور! بمناسبة الجنيه الذي أصبح حاله من المضحكات أمام كافة العملات، للريحاني مسرحية بعنوان " الجنية المصري " قدمها 1931 في عهد الملك فؤاد الأول، يظهر فيها تأثير المال علي إفساد الضمائر، من هذا العهد ورثت عن والدي جنيه "عم ادريس " الورقي، تنازلت عنه في لحظة " زنقة " بمبلغ متواضع وهزيل، وندمت عندما علمت انه يباع اليوم في المعارض الدولية بألف دولار، حالي وقتها كان كما حال وزارة المالية التي ارسلت مقترح الدولة الخليجية إلي وزارة الأثار لتأجير الأهرامات وأبو الهول ومعابد الأقصر وأسوان ! .. بعيدا عن البيع والتأجير، خلينا في جنيه عم أدريس، فهو ليس أول جنيه ورقي في تاريخ مصر، الاول هو " جنيه الجملين " الذي صدر عام 1899 في عهد الخديو عباس حلمي الثاني، ممهورا بتوقيع " إلوين بالمر " أول محافظ للبنك الأهلي المصري، الوانه تتباين بين الوردي والبريقالي والاحمر، ومرسوما في منتصفه جملين، كان يساوي وقتها 1.1 جنيه استرليني، يساوي أيضاً 7.5 جرام من الذهب، تم تداوله لمدة 15 سنة انتهت بعزل الإنجليز للخديو لتعاونه مع الدولة العثمانية، وأتت بعمه السلطان حسين كامل للحكم، يباع في المعارض الدولية ب 40 ألف دولار، خلفه عام 1914 جنيه ورقي أطلقوا عليه" جنيه المعبد " مرسوم عليه معبد فرعوني، وكلاهما لا يحمل علامة مائية، جنيه عم ادريس هو اول من حمل العلامة المائية .. نعود لقصة جنيه إدريس افندي، لم يكن الأمير أحمد فؤاد، الأخ الأصغر للسلطان حسين كامل، له وزن بين الأمراء، لم يكن له شعبية عند المصريين، كان إدريس الأقصري يعمل في معيتة، قال له ذات يوم " أبشر، لقد حلمت بأنك ستكون ملك مصر وستلبس التاج وتجلس علي العرش"، ضحك الأمير فؤاد وهو يعد إدريس بأن يضع صورته علي أول جنيه ورقي يصدره اذا تحققت نبوءته، كان لا يدري ان الإنجليز يبحثون وراء الكواليس عن صعلوك يولونه عرش مصر ليدير دفة الحكم لصالحهم ، وقد وجدوا ضالتهم فيه، فنصبوه في غفلة من التاريخ سلطانا علي مصر، ثم ملكا عليها، وجعلوا الملك وراثيا في أسرته، تحققت نبوءة إدريس أفندي الاقصري التي كافأه عليها الملك فؤاد بالبكوية ووضع صورته علي أول جنيه ورقي يطبع في المملكة، عاش إدريس بك حكم فؤاد وفاروق، وعاصر ثورة يوليو التي اسدلت الستار علي الملكية . حقا.. العملات تشتري كل شيء لتروي فيما بعد ما جري وما يجري في التاريخ!