لسنا ضد الاستعانة بخبرات الدول الأخري أو الاستفادة من تجاربها في مجال تنظيم الإعلام بكافة أشكاله المختلفة.. سواء تم ذلك بإعادة التقنين أو تعديل التشريعات القائمة. ولكننا ضد أن يسرب إلينا البعض تجارب دول معينة ويحاول تسويقها بحجة أنها الأصلح لمصر علي الرغم من اختلاف البيئة التي يعمل من خلالها الإعلام في تلك التجارب. وللأسف الشديد فقد نجح البعض من قبل في اختراع وتسويق ما يسمي بالمجلس الوطني للإعلام ليكون مسئولا عن تنظيم البث المسموع والمرئي وتنظيم الصحافة المطبوعة والرقمية وغيرها، وكذلك الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام والتي ستتولي إدارة المؤسسات الصحفية والإعلامية المملوكة للدولة. وللأسف الشديد أن الجمعية التأسيسية للدستور وقعت في الفخ وضمنت الدستور الحالي هذين التنظيمين الجديدين المجلس والهيئة، علي الرغم مما قدمناه كمجلس أعلي للصحافة ونقابة الصحفيين من تحفظات علي ذلك، شارحين الاختلاف الجذري في طريقة وأدوات عمل كل من الإعلام المطبوع والإعلام المرئي والمسموع، كما أوضحنا أن الهيئة- وإن كان لابد منها علي الرغم من تحفاظتنا- فيجب أن يقتصر دورها علي ممارسة حقوق الملكية علي المؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة.. أي أن يقتصر دورها علي تعيين رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير طبقا لضوابط يتفق عليها ومن خلال لجان يتوافر لها الحيدة والخبرة والموضوعية، وأن تتلقي تقارير أداء من مجالس إدارات تلك المؤسسات التي تحاسب من قبل الجمعيات العمومية المنتجة في المؤسسات، فضلا عن رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات علي أدائها المالي، باعتبارها تعمل بأموال عامة.. بل أوضحنا للجمعية التأسيسية أن أموال المؤسسات الإعلامية القومية مملوكة للشعب، ويجب أن يمارس حقوق الملكية عليها جهة منتخبة من الشعب.. كوكيل عنه، وليست مجرد لجنة إدارية معينة بقرار إداري وأيا كان مسماها هيئة أو مجلس.. وأنه إذا كانت بعض المؤسسات التي كانت معنية بهذا الأمر من قبل قد فسرت في أداء دورها أو فشلت في ذلك فليس العيب في المؤسسة، ولكن في كيفية إداراتها فضلا عن ضعف المسئولين عنها أو سوء مقدهم! قلنا ذلك وأكثر.. وتقدمنا بمذكرات شارحة لرؤيتنا والتي تتفق مع صحيح القانون وطبيعة المجتمع المصري.. ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن! ومع ذلك.. مازلنا نتمسك بالأمل.. ومن خلال الوعد الرئاسي بإعادة النظر في بعض المواد الدستورية المختلف عليها، تقدمنا مرة أخري بمقترحاتنا للجنة الحوار القومي ولرئاسة الجمهورية بشأن وضع الإعلام والصحافة علي وجه الخصوص في الدستور.. ونأمل أن يستجاب لنا هذه المرة.. أقول ذلك بعد أن رأيت وقرأت عن بعض المؤتمرات التي تعقدها جهات خاصة لها ارتباطات خارجية- أبسطها التمويل السخي- في محاولة لفرض أوضاع مستوردة علي الإعلام المصري.. وخاصة القومي منه.. في محاولة لإضعافه وتفكيكه ليترك الساحة خالية أمام الإعلام الخاص المرئي والمطبوع.. يلعب في المجتمع كيفما يشاء.. تحقيقا لمصالح خاصة أو تنفيذا لتوجهات معينة.. في غياب الشفافية والمصارحة عن مصادر التمويل وحجمه. علي أية حال.. لسنا ضد أن يحاول البعض الاجتهاد ولن نحجر علي أحد في التفكير والتعبير عن وجهة نظره حتي لو كنا مختلفين معا.. ولكننا في ذات الوقت يجب أن نقوم بمسئولياتنا وما تلزمنا به من واجبات وهو ما تحقق بالفعل، حيث شكل المجلس الأعلي للصحافة لجنة خاصة من بين أعضائه لوضع مشروعات قوانين جديدة للإعلام المصري ما بعد ثورة يناير مع إمكانية الاستعانة بالخبرات المختلفة في هذا المجال من خارج المجلس.. علي أن يعرض كل ما تنتهي إليه تلك اللجنة علي المجلس بكافة أعضائه.. ثم يطرح علي الرأي العام للنقاش والحوار.. تمهيدا لتقديمه بصورة رسمية لجهة التشريع المعنية بذلك. هذا- وكما يقول المحامون- علي سبيل الاحتياط ولكننا مازلنا نتمسك بالوعد الرئاسي من ضرورة إعادة النظر بالمواد الخاصة بالصحافة في الدستور.. وإنا لمنتظرون.. ونأمل خيرا إن شاء الله.