من الممتع ان تقيم في مكان تحبه.. تعرف فيه الأهالي ويعرفونك.. قريب علي عملك.. فأنا العاشق لمنطقة وسط البلد لاقامتي بها 3 سنوات او تزيد قليلا.. أنتهي من اداء عملي اخر النهار.. حاملا كمية كبيرة من الهموم والذنوب نظرا لكتاباتي اليومية من " قتل وذبح وسطو مسلح وسرقات بالاكراه وحملات امنية مفاجئة ".. اسرع كعادتي الي المنزل لأخذ "شاور" أذهب بعده الي اصدقائي علي احدي "الكافيهات".. لتبدأ جلسة كل يوم..أمسك بيدي الشيشة واستمع اليهم لأقول لهم المقولة المعتادة "انا مش هسيب الكلام في السياسة في الشغل ونيجي نكمل هنا".. يمر الوقت سريعا واعود الي منزلي منتصف الليل ولا أحمل همّا لكونها عدة دقائق سيرا علي الاقدام واكون في منزلي.. تغير الوضع تماما عندما اختلفت مع مالكة الشقة علي الايجار وارادت ان تستغلني بعد أن شاهدتني ذات يوم ارتدي "بدلة " جديدة.. ظنت بعدها أن راتبي زاد الضعف فوجدتها تنادي عليّ وتقول: لقد قررت زيادة الايجار.. حاولت ان اقنعها بأن البدلة عليها اقساط وقمنا ببيع عدد من "المواشي" في البلد لشرائها ولكن لا جدوي.. هنا قررت ان أغير محل السكن لأذهب بعدها الي "جمهورية امبابة" او كما يطلق عليها البعض منطقة "المليون توك توك".. قلت لنفسي لا تحزن فالمكان ليس بعيدا عن العمل.. وحتي يهون علي " صديقي " الغربة كان يأتي كل كام يوم نجلس معا ونتسامر حتي الساعات الاولي.. ذات مرة.. كنا عائدين انا وهو ليلا الي امبابة ونادي عليّ جاري الذي كانت علاقتي به جيدة..قائلا والله ياباشا لتيجي انت وصاحبك وتشرب معاي "حجرين شيشة".. اعتذرت له ولكن أصر صديقي علي شرب الشيشة معه.. قال لي "صديقي" الطعم غريب لكنه "لذيذ" ورائحته عطرية.. اشرب ولم اشعر انني شربت.. اتناول الأكل ولا اريد التوقف.. اضحك كثيرا.. اشاهد "جون سينا والحانوتي " في حلبة المصارعة وأحاول الاتصال بالمقدم علاء بشير رئيس المباحث لفض المشاجرة بينهما.. يكمل صديقي:شفت اللي حصل.. ذهبت الي العمل وطلبت الفطار من البوفيه علي حساب زميلنا "رشاد كامل" وشربت شاي علي حساب "دسوقي عمارة " ولكنني فوجئت بأنني الذي دفعت الحساب.. سافرت من القاهرة الي البلد مشيا علي الاقدام وجلست مع والدي ساعات طويلة نتناقش حول الميراث لأكتشف انه توفي منذ 7 سنوات.. تشاجرت مع المدام في المنزل لعدم تجهيز الطعام.. مع انني لم أتزوج.. مرت الساعات والساعات ليكتشف أن هذا كله بسبب أنه " شرب حجرين علي الشيشة وعامل دماغ قراقيش ".. ثم ينظر اليّ ويقول: اوعي تقول ان دماغي مش فيا ده امبابة جوه المنوفية. مصيدة الفئران كانت الثالثة فجرا بتوقيت القاهرة.. استيقظت علي صوته الرفيع.. قمت مسرعا.. أمسكت بشومة قوية اضعها بجانبي "احتياطات أمنية".. قمت وتحركت نحوه..لكنه مازال يحدق بعينيه وشاربه نحوي.. وقفت لحظات.. تبادلنا النظرات.. لا هو يريد مغادرة المكان ، ولا انا قادر علي التعامل معه.. فجأة.. هز رأسه الصغير وذهب الي المطبخ.. قررت العودة الي النوم.. قمت باكرا أبحث عنه في كل مكان.. قلبت الشقة ولم اجده.. انه "فأر عجيب ".. استعنت بوالدتي العجوز لخبرتها في الحياة.. ماذا أفعل معه؟ قالت لي: عليك "بمصيدة الفئران" علي ان تضع فيها شيئا يحب أكله.. نفذت التعليمات.. جاء ليل اليوم التالي.. لم أنم حتي الرابعة فجرا في انتظار الزائر بلا ميعاد.. لم تمر دقائق حتي شرفني بالحضور.. نفس النظرات السابقة.. ضحكت في نفسي وقلت له مرحبا بك.. نظر الي المصيدة.. ذهب اليها ووقف علي بابها..لكنه نظر الي ثانية وغادر الحجرة.. ومرت عدة ايام دون حدوث شئ.. هنا أخذت القرار الأخير.. أن أتخذه "صديقا" وقمت بالقاء المصيدة في صندوق الزبالة! علي باب الحسين!! ما أجمل الشعور وأنت واقف علي بابه.. ما أحلاها لحظات وأنت تدعو في مقامه.. العواجيز.. المرضي.. الطلاب.. الشيوخ.. الاطفال.. النساء.. الجميع خلعوا أحذيتهم.. وأخلصوا نواياهم.. يناجون ربهم.. كل واحد يطلب مسألته.. صفاء القلوب تراه في هذا المكان.. "ريحة" الحبيب تشمها هنا.. فهو ابن بنت رسول الله.. انه الحسين ابن علي رضي الله عنه وأرضاه.