آه يا بائع البطاطا الصغير.. حتي الفقر والطفولة اغتالوها.. مزاح أم جد، لن يفرق.. المهم انهم قتلوك.. وقفوا عند سفارة الأمريكان مسلحين.. مازحوا الطفل فوجهوا صوب صدره البريء، وقلبه الصغير رصاصة.. ربما هي رصاصة رحمة، أرادها الله ليهنأ في السماء من هذا الشقاء الذي كُتب عليه. كل يوم شوية بطاطا يجلس بجانبهم أو يلهو حول عربته يمازح الشرطة أو أفراد الجيش الذين يحمون سفارة الأمريكان.. يجوع فيأكل قطعة من البطاطا، أو يذهب يحضر سندوتش فول أو طعمية حتي المساء.. هذا هو يومه.. يفرح بالجنيهات.. يضعها بسرعة في جيب الجلابية.. يقول أبويا »ميت« حتي يستضعفه المارة والجنود فلا يسلطون عليه قسوة القلوب، أو لصوص الشارع.. تُري من علمه هذا؟.. إنه الفقر والجوع والأخوات والأم، المنتظرين في البيت جنيهات عمر القليلة أو الكثيرة المهم أنهم ينتظرون. اعترفت الشرطة مرة أن جندياً قتله خطأ ثم فوجئنا بالقوات المسلحة تعترف في بيان رسمي بأن عمر قتله أحد الجنود »مزاحا« خطأ. موضوع تسليح الجنود.. ووقوف أفراد من القوات المسلحة لتأمين سفارة الأمريكان موضوع يستحق الوقفة.. لكن ما يستحق الألم والقهر هو هذا (العمر) المقتول مزاحا. قلبي عليك يا عمر، وعلي طفولتك التي اغتالوها، قلبي مع الأم والأب المكلومين في أعز الناس.. فقد الضني يحرق القلب ويكسر الظهر.. قلبي مع الأسرة التي ستبحث لها عن عمر يملأ المنزل مزاحاً ولا تأخذه رصاصة خطأ.. من سيعطي أمه الجنيهات لتدبر أمر العيشة والليّ عايشنها؟ ولن أسأل من سيعطيهم الابتسامة ثانية هل ستعتبر الدولة عمر شهيدا أم أن رصاص المزاح لا يصنع شهداء. لم يكن عمر متظاهرا ولا ثائرا ولا ممسكا بطوبة أو حجر.. لم يكتب علي حوائط الميدان أو أرضه.. عمر لم يهاجم الشرطة أو أفراد الجيش، لا يحمل شيئا للنظام السابق ولا الحالي سوي عربية البطاطا والفقر المستمر منذ أكثر من عمره. فهل ستتولي الدولة أسرته؟ هل ستذهب أمه وأبوه للعمرة؟.. هل سيحصل علي دية، أو تعويض؟ هل ستسلم أسرته راتبا شهريا فقد كان مشاركاً في مصروف البيت وزواج الأخوات؟.. أسئلة كثيرة ولكن.. انتظري يا أم عمر.. لا تأكلي انت وبناتك حتي تفيق الحكومة، وتتأكد من قتل عمر علي يد مجند بالجيش فتقرر لك ولبناتك معاشا شهريا. والحمد لله ان الرزق بيد الله وليس بيد الحكومة.. وإلا قتلنا جميعا جوعا، أو قتلاً مثل عمر.