لا تزال الرغبة في الوصول لحل سياسي تشغل اهتمام الكثير من الأحزاب والشخصيات العامة، رغبة في الخروج من الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، وهذا ما يعطي فرصة كبيرة لإعادة تقدير الموقف تجاه مسارات تهدئة الاحتقان والوصول للانتخابات التشريعية التي سوف تساهم في دعم التحول الديمقراطي ، وتدشن مرحلة جديدة في مسار الثورة المصرية فمن جهة، يسعي حزب النور لتطوير مبادرته وطرحها كواحد من الحلول للخروج من الأزمة الراهنة، ولعل لقاءه مع الرئيس (محمد مرسي) يساهم في تقريب وجهات النظر والمواقف لبلورة الأرضية المشتركة بين الأطراف المختلفة خاصة أنها تلقي ترحيب عدد من الأحزاب السياسية ، وهي »غد الثورة« والنور وحزب مصر القوية وحزب مصر وحزب الوسط،، حيث تم الاتفاق علي عرض المبادرة علي جلسة الحوار الوطني. ومن ناحية أخري، فإن غالبية حركات شباب الثورة صارت تدرك حقيقية خطورة اللجوء للعنف واعتباره وسيلة للعمل السياسي لإسقاط السلطة أو الدولة، فقد صرح كثير من الحركات الشبابية بأنهم ضد العنف الذي يمارسه بعض الأطراف أمام قصر الاتحادية والذي يقلل بشكل عام من هيبة الدولة ولا يعد وسيلة ملائمة للتعبير عن الرأي أو المواقف السياسية. ولعل مساهمة القيادات الشبابية في دفع الأزهر للم شمل كافة الأطراف قبل أسبوعين، تشير إلي أن مستقبل العمل السياسي السليم سوف يكون أكثر قبولا لدي الرأي العام، وهو ما يساعد علي تزايد فرص استعادة قيم الثورة والتي قامت علي الحوار والتلاقي رغم عمق الاختلافات، فهذه المشاهد كلها تعني أن لدي قطاع الشباب بما فيه المجموعات المنتمية للأحزاب السياسية سوف تستطيع التعبير عن مواقفها بحرية ، وخلال أعوام قليلة سوف تكون مؤهلة للقيادة والعمل السياسي في أرقي صوره. لعل تصريحات "عمرو موسي " تتلاقي مع أولوية المصلحة الوطنية وتتباعد مع التمسك بالمواقف الحزبية، فوفقا للمبادرة التي أعلنها، فإن الدافع وراءها يكمن في وقف حالة الاحتقان والتدهور الاقتصادي الذي تشهده الدولة، كما تتضمن مبادرته ملامح لحل الأزمة عن طريق طرح الخيارات الوطنية المستقلة كالاعتماد علي مساهمات الرأسمالية الوطنية من خلال رجال الأعمال في الخارج وإقناعهم بالمساهمة في معالجة المشكلات المالية والاقتصادية وتحسين الصورة الاقتصادية للدولة امام المؤسسات الدولية. وبغض النظر عن محتوي مبادرة " عمرو موسي" ومدي قدرتها علي المساهمة في تخفيف الأزمة الاقتصادية، لكنها تظل مقترحات قابلة للنقاش والحوار، خصوصا أنها تتصدي لمشكلات قائمة بالفعل، كما أنها تعكس إدراكا ملموسا لمدي خطورة استمرار حالة الاحتقان السياسي، حيث إن استمراره ليس في مصلحة كل الأطراف ويضر بمصلحة الدولة، لعل هذا الإدراك يتضح عندما أشار (موسي) إلي أن "جبهة الإنقاذ" تحترم شرعية الانتخابات وتؤيد استكمال الرئيس لفترته الدستورية، وهذا ما يعد تحولا مهما في مواقف الجبهة التي كانت تطالب في وقت سابق بإعادة النظر في شرعية كثير من المؤسسات المنتخبة. وإذا ما كانت جبهة الإنقاذ نشأت كرد علي قرارات وتصرفات السلطة، فإنه يمكن قراءة الإعلان عن تكوين "جبهة الضمير الوطني" علي أنها نوع من التدافع السياسي والاجتماعي لطرح الآراء والمواقف والنقاش حولها، ومن هنا تبدو أهمية إشاعة ثقافة القبول المتبادل وتنمية القدرة علي إدارة الخلاف السياسي، وليس التركيز علي الانتقادات والركون للاستبعاد وتفضيل الخلاف علي التوافق، فالأوضاع التي نحن بصددها تتطلب تضافر كل الأطراف للوصول للحقيقة المرجوة لمصلحة الدولة والمجتمع وليس التخوين والتشكيك . وهنا ، يبدو أن مسار التفكير في الحوار الوطني سيشهد تطورات كبيرة ومهمة خلال الأيام القادمة، وتبدو ملامحها في وجود رغبة حقيقية للتعامل مع كل المبادرات والمقترحات باعتبارها إثراء للمسار السياسي وحصارا لمحاولات العنف والخروج علي القانون.