لايزال المشهد المفزع الذي نقلته الفضائيات المصرية الخاصة، والعالمية، عن شاشة قناة »الحياة« ماثلا أمام عيني. حوالي إثني عشر ضابطا وجنديا من الامن المركزي يسحلون مواطنا عاريا تماما علي أسفلت الشارع،ويتناوبون علي ركله بالاقدام، وضربه بالهراوات علي كل أجزاء جسده، بمنتهي الغل والقسوة!! وزير الداخلية يستنكر ما حدث، ويؤكد أنه ضد هذا »الخطأ الفردي« الذي ارتكبه بعض رجاله، وأنه أصدر أوامره بعلاج المواطن المسحول علي نفقة الوزارة في مستشفي الشرطة، وأحال الامر الي النيابة العامة. ومع تكرار عودة المشهد المفزع للظهور علي شاشات الفضائيات تتوالي المفاجآت. المواطن حمادة صابر، الذي شاهدت الدنيا سحله عاريا تماما، يقر ويعترف بعد وصوله الي مستشفي الشرطة، بأن المتظاهرين هم الذين جردوه من ملابسه، وضربوه بالخرطوش وسحلوه!! وان رجال الامن هم الذين انقذوه ودافعوا عنه! شاهد عيان يؤكد في المحضر، الذي أعدته الشرطة حول الحادث وقدمته الي النيابة، ان حمادة صابر هو الذي قام بخلع ملابسه بنفسه، وان رجال الامن المركزي هم الذين دافعوا عنه وأنقذوه!! بنت وابن عم، وشقيق حمادة صابر يقولون لوسائل الاعلام ان حمادة كذاب وخائف ومضغوط عليه لتبرئة الشرطة من الجريمة التي اقترفتها ضده!! وزير الداخلية يستبق التحقيقات التي تجريها النيابة العامة، ويعلن في مؤتمر صحفي بأن »مجهولين« من المتظاهرين هم الذين اعتدوا علي حمادة صابر وان رجال الامن هم الذين انقذوه، ودافعوا عنه رغم مقاومته لهم!! تنقلب الحكاية برمتها عندما يتراجع حمادة صابر عن اتهامه للمتظاهرين، ويعلن ان رجال الامن هم الذين ضربوه، وجردوه من ملابسه، وسحلوه!! أنا أعرف أن رجال الشرطة خاضعون في كل الاحوال لاوامر تصدر إليهم ولا يستطيعون مخالفتها.. فمن يا تري الذي أصدر إليهم الأوامر باستخدام العنف والوحشية في التعامل مع المتظاهرين؟!