أسامة شلش الصورة الضبابية التي نعيشها من المسئول عنها؟ الناس تعيش في تضارب ما بين الأقوال والأفعال فلا هي تستطيع أن تحكم أين الصح مع أنه واضح، ولا بين الضلال مع أنه ظاهر بجلاء. ولا أتصور أن هناك شخصاً ممكن أن يخاف أو يخفي رأيه بعد ثورة الشباب الطاهرة في 52 يناير إلا إذا كان شعوره بالخوف نابعاً من تداعيات لازالت تعيش آثارها بين بعضنا لأنه تربي عليها وهناك من يحاول ترسيخها داخلنا لتبقي ويبقي تأثيره حتي ولو علي كرامة الإنسان. لقد أصيب المصريون بالصدمة وهم يرون اللقطات الحية لسحل المواطن حمادة، وهي مشاهد تخرج عن كل حدود الإنسانية والأخلاق ممن قاموا بها خاصة والجميع ينادي بالحرية.. وصدموا أكثر وهم يرون نفس المواطن الذي تعاطفوا مع قضيته يتنازل عن كل حقوقه مع أنها حقوق كل المصريين ليؤكد أن الشرطة لم تعتد عليه وأن الذي اعتدي عليه هم المتظاهرون الذين خلعوا عنه ملابسه وأوسعوه ضرباً وهو تصور لم يقبله كل الشعب إلا الذين برروه بتبريرات تتفق وهواهم محاولين إلغاء عقولنا وعيوننا التي تابعت المشهد حياً وقت حدوثه وسجلته عدسات الفضائية »الحياة« بكل وضوح. وقبل أن يصاب الناس بالانفصام بسبب هذا المشهد المتضارب عاد حمادة المسحول ليقول الحقيقة كاملة وهو يبكي بحرقة علي كرامته من ناحية وعلي أنه كذب علي الناس، وقال غير الحقيقة.. قطعاً الخوف الشديد من إنسان بسيط كحمادة من ان يتعرض للمساءلة والإيذاء هو وأسرته هو الذي جعله يتغاضي عن مشهد سحله وهدر كرامته وتعريته علي الصورة التي رأيناها تدمي القلوب وتبكي العيون.. وهو لا يدرك أنه بتنازله يتنازل عن كرامة كل المصريين ولست مع الذين يقولون إن الواقعة فردية ولا يجب تضخيمها، ولكن لماذا هذا الخوف الشديد، أي تهديد تعرض له أو أي إغراء قدم حتي يخفي أو يقول عكس ما شاهده الناس، وهل كان حمادة يعرف أنه عندما قال إن الذين اعتدوا عليه هم المتظاهرون وليسوا جنود وضباط الأمن المركزي كان يقدم بشهادته متهما بريئاً ويبرئ من اعتدي علي كل الكرامة المصرية التي قامت من أجلها ثورة يناير العظيمة.. كلنا نطالب بعودة الشرطة لقوتها وهيبتها وندعو للوقوف خلفها حتي توفر لنا الأمن والأمان في الشارع ولكن لن يكون ذلك أبداً علي كرامة ودماء أي مصري حتي ولو خالفنا الرأي، كلنا ندعو لنبذ العنف ولكن ليس بالإفراط في مواجهته إلا بالقانون وليس بالسحل أو الضرب.. هل لازال الخوف داخلنا يدفعنا إلي قبول الظلم والاعتداء علي كرامتنا وإذا كان داخلنا فكيف نتخلص منه لنعيش كلنا في كرامة وعزة.. قصة حمادة أصابتنا بالإحباط لأننا ببساطة قمنا بالثورة لكي نستعيد الكرامة المفقودة لكل مصري يعيش علي أرض هذا البلد الأمين.. قبل أن تعيدوا لحمادة كرامته التي أهدرت أعيدوها لكل المصريين الذين صدموا في المشهد ثم في الادعاءات التي خرجت من المسئولين تبرر.. لقد كتبت أدافع عن الشرطة الأسبوع الماضي في نفس المكان اعتقاداً مني أن العقلية تغيرت وأن السلوك صار يتفق مع حال الثورة التي قام بها الشباب وسوف أظل أدافع لأن بها آلاف الشرفاء يؤدون واجبهم علي أكمل وجه ولكن ما أحزنني وأحزن الجميع هو أن يجبر إنسان علي تغيير أقواله ويخفي ما حدث له خوفاً منها، الشرطة خادمة للشعب وليست لقهره.