في نهاية عام 1956 تحولت بورسعيد الي مدينة باسلة استطاعت هزيمة عدوان ثلاثي علي رأسه اسرائيل وانجلترا وفرنسا قاد هذا العدوان وقتها »جي موليه« زعيم الحزب الاشتراكي ورئيس فرنسا وقتها الذي اقنع »ايدن« زعيم حزب العمال البريطاني، اما اسرائيل فكان حاكمها بن جوريون من حزب العمل الاسرائيلي، ولكن بطولة افراد الشعب البورسعيدي الذي صمد رغم احتلال سيناء هزمت العدوان علي بورسعيد. في عام 2012 سقطت مدينة بورسعيد مع جزء من شعبها سقطة كبيرة في هاوية الغضب الذي لا مبرر له ازاء حكم قضائي لا علاقة له لبورسعيد او اهلها وان كان اغلب المتهمين او المحكوم عليهم من ابناء بورسعيد او المقيمين فيها فذلك لان الحادث الاجرامي كان في بورسعيد ويمكن لو كان الحادث في مدينة اخري لكان اغلب المتهمين من هذه المدينة. والغريب هو ان بعض الكتاب قد رصدوا توافق حدوث حادث مأساوي مع كل حادث انتصار او فرحة مثل حادث العبارة الذي جاء بعد يوم من فوز مصر بكأس الامم الافريقية، ووقتها استمعت انا الي حوار في احدي الاذاعات الاوروبية عن صراع بين خبيرين احدهما امريكي والاخر فرنسي حول العلاقة بين حالتي الفرح والحزن والسقوط في هاوية الانقياد الي الرغبات الشاذة وبينما كان الامريكي ينتصر الي أن الفرح الشديد يقود صاحبه الي الهاوية فإن الفرنسي كان من انصار الحزن الشديد.. وقد يكون هذا احد عوامل تفسير الكراهية الشديدة للاسلام من قبل النخبة الغربية في العالم للعلاقة التي وصفها القرآن بين الايمان وانقاذ النفس من هوي الفرح او الحزن عندما وصف المؤمنين بأنهم لا خوف عليهم ولاهم يحزنون، وفي موضع اخر بأن الله لا يحب الفرحين ولكن الغريب اليوم ان يأتي حادث بورسعيد بوجهي العملة معا اي الفرح في »الالتراس« الاهلي والحزن في التراس بورسعيد بعد عمليات شحن وتعبئة من بعد مأساة لمذبحة واضيف هذا الوضع الذي ساهم فيه إعلاميون رياضيون بعضهم له شبهة علاقات فساد وتربح في ظل النظام السابق والاخر من جهلة الاعلام الذين يسايرون الركب دون وعي بأي تداعيات او آثار مما يفعل او يقول سعياد للشهرة وللجماهيرية. لقد سبق ان تناولتا ان الشريعة لا بديل لها لهذه الامة في ظل اجواء تتزايد فيها الكراهية للاسلاميين إن الاسلام وحده لا يكفي صاحبه من براثن الخضوع للانقياد للآخر بدون وعي كما حدث مع شعب بورسعيد الذي سقط في بئر العنف وهاوية الغضب فالايمان وحده بالله والقضاء والقدر هو طوق النجاة وهي مرحلة ارقي لا ينالها إلا القلة من الناس بينما الغالبية تنقلب اوضاعها النفسية مع الحالة الخارجية.. لكن مصيبة شعب بورسعيد هو ان السلطة الحاكمة الان ورئيسها قد وضع المدينة في اولي اهتماماته من خلال مشروع تطوير القناة سواء في شرق بورسعيد التي بدأ العمل فعلا فيها او في جنوبالسويس وايضا مشروعات وادي التكنولوجيا في الاسماعيلية وهي مشروعات ستعم بالخير علي مصر كلها عامة وأبناء بورسعيد خاصة ولكن السر المخبوء ايضا في المستقبل القريب هو ان سيناء وبور فؤاد تعوم علي حقول من الغاز الطبيعي والبترول قد تصل قيمتها الي ما يزيد عن مائتي مليار دولار، وكان النظام السابق قد اتفق مع شركة »شل« البريطانية واعلنت هذه الشركة عن اكتشافها للغاز في المنطقة ولكن بعد فترة من عمليات البحث والتنقيب تراجعت الشركة عن الارقام التي سبق أن قالتها واعلنت ان الحقل غير مجد وانهت اعمالها وفي هذا العام تقوم شركة اخري فرنسية الجنسية باكتشاف الغاز علي بعد حدود 2 كم من حدود الحقل المصري لصالح اسرائيل وقبرص وبقيمة لا تقل عن 200 مليار دولار لكل منهما. وماذا يعني هذا يعني بالنسبة لي هو رائحة عدوان ثلاثي جديد بين اسرائيل وفرنسا وبريطانيا علي مصر كلها وعلي بورسعيد خاصة، فالاحداث الجارية تؤكد علي محاولة لخلق شقاق نفسي بين ابناء بورسعيد وابناء مصر وما حادثة الاستاد الا جزء منها ولكن المسلسل مازال يتتابع وانا اعتقد ان شعب بورسعيد الذي هزم عدوان 1956 قادر بوعيه ووعي قادته بالنصر الثاني علي هذا العدوان الذي علامته وعلامة الضالعين في مخططاتهم هو رفع اعلام انفصال بورسعيد، لان هذا الانفصال سوف تعني نتيجته ان ثروات مصر في الشواطئ القريبة من بورسعيد ستضيع عليها للابد، اما مشروع قناة السويس فلا قائمة له وتخضع بورسعيد ومصر في حالة الحزن علي الضحايا حتي يؤكد الخبير النفسي الفرنسي فوز رهانه علي غريمه الامريكي ويتقاسم الغنيمة مع اسرائيل وبريطانيا.. وقد يعتقد البعض او يروج ان بورسعيد المستقلة يمكن ان تستحوذ علي الثروة لصالحها وحدها وهذا مجرد خرافة لخداع السذج لان مصر نفسها ستجد صعوبات جمة في الحصول علي هذا الحق الذي يمكن ان يضيع في ظل دوامة الصراعات والنزاعات بينما الساسة الذين يدعون الي العنف تحت دعاوي زائفة من اجل الحصول علي حفنة من الدولارات من اسيادهم في الغرب ونأمل ان يكون تدخل الجيش الذي مازال هو مظلة مصر الامنية القوية لوأد الفتنة واعادة بعث روح التآخي بين ابناء مصر كلها وفي القلب منها بورسعيد الباسلة بعد ان تتطهر من رموز الفساد والعبث بالاقوات وبالنفوس معا.