لم تكد تمضي أيام علي دعوتي في آخر مقال لإغلاق صفحة الماضي مع مبارك ورموز نظامه في اطار تسويات تقوم علي رد الأموال المهربة مقابل حرياتهم حتي جاءت تصريحات فريد الديب محامي الرئيس السابق لقناة »الحياة« مساء الأحد الماضي لتؤكد أن الطريق ممهد من جانب أسرة مبارك لتنفيذ هذا الاقتراح حيث قال بالحرف الواحد: »أسرة مبارك مستعدة للتنازل عن كل ما تملك مقابل تسوية الأمر برمته«. بعدها بيوم واحد تراجعت سويسرا عن إعادة 767 مليون دولار من أموال النظام السابق بسبب عدم الوضوح الذي يكتنف الوضع السياسي في مصر.. وقبل سويسرا أكدت بريطانيا أنها لن تعيد دولارا واحدا من الأموال المودعة لديها إلا بالطرق القانونية وبعدما يثبت أن أصحابها حصلوا عليها بطريقة غير مشروعة من خلال أحكام قضائية نهائية وهو ما لم يحدث حتي الآن ولا يتوقع حدوثه في القريب.. هذا كله يؤكد أن استعادة الأموال المهربة ليست أمرا سهلا كما يحاول البعض أن يصوره.. لهذا يبقي اقتراحي الذي أجدده اليوم هو الصفقة الأربح لمصر والحل الأسرع والأجدي للأزمة الاقتصادية التي نمر بها. في المقابل يأتي قرار النائب العام برفع أسماء عشر شخصيات من رموز النظام السابق من قوائم المنع من السفر وترقب الوصول ورفع الحظر عن التصرف في ممتلكاتهم بعد سدادهم قيمة الهدايا التي حصلوا عليها من مؤسسة الأهرام ليؤكد أن الطريق ممهد أيضا من جانب الدولة لقبول هذا الاقتراح خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار تصريحات أخري للمستشار مصطفي الحسيني المحامي العام الأول لنيابات الأموال العامة قال فيها إنه وافق علي طلب كل من المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة الأسبق ود. يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق ورجل الأعمال حسين سالم والمقيمين حاليا خارج البلاد وعدد آخر من رجال الأعمال بإجراء تسويات مالية للمديونيات المستحقة عليهم للدولة في القضايا التي تحقق فيها نيابة الأموال العامة وقضايا المال العام الخاصة بهم والمنظورة حاليا أمام محكمة الجنايات، لكن الغريب أن النائب العام نفي صحة هذه الأنباء مما أوجد حيرة في الرأي العام وثار سؤال.. »هل كان المستشار مصطفي الحسيني يتحدث من »دماغه« ويختلق أمورا لم تحدث ؟«. في أمور كهذه الشفافية مطلوبة.. وإذا كانت الحكومة مستعدة فعلا للأخذ بهذا الاقتراح فلتعلن ذلك صراحة.. وتبدأ التسويات فورا بقيادة رجل حكيم ومتزن مثل د. محمد سليم العوا الذي قدم للرئيس مرسي منذ شهور دراسة كاملة حول العدالة الانتقالية لكن لا أحد يعرف مصيرها. جلال الدين الحمامصي الأحد القادم لن يكون يوما عاديا لخريجي الدفعة الأولي لكلية الإعلام (جامعة القاهرة).. دفعة 5791 أو دفعة جلال الدين الحمامصي كما نحب أن نسميها. يوم الأحد القادم نحتفل بالذكري الخامسة والعشرين لوفاته والمائة لميلاده.. مهما مرت السنوات ومضي قطار العمر لا يمكن أن ننسي فضل هذا الرجل علينا ومازلنا نعتبره القدوة المثلي لنا في كل شيء في زمن أصبحت فيه »القدوة« عملة نادرة.. نتذكره دائما خاصة عندما ينحرف بعضنا عن تعاليمه ومبادئه سعيا وراء مال أو سلطة لكننا متأكدون أنه في النهاية سيندم ويعود إلي الطريق القويم لأن ما علمه لنا جلال الحمامصي وغرسه فينا من مبادئ تصلح لكل الأجيال وتبقي علي مر الزمان علامات تقود أي إنسان إلي الطريق الصحيح.. النزاهة والصدق والكرامة والشرف والاستقامة.. احترام النفس والقلم والكلمة.. التفاؤل دائما ومهما حدث .. قيم كثيرة لا غني لأي إنسان صالح عن التمسك بها.. ربما تكون أهم مما علمه لنا من مبادئ التحرير الصحفي الذي درسه لنا في الكلية.. ولهذا فإنها الأبقي دائما في نفوسنا وقلوبنا وعقولنا. كل من هم دون الأربعين أو الخامسة والأربعين ربما لا يعرفون شيئا عن جلال الحمامصي.. إنه الصحفي القدير والكاتب المتميز الذي شارك في تأسيس كلية الإعلام عام 1791 مع عمالقة الصحافة والإعلام والقانون د. جمال العطيفي ود. خليل صابات ود. ابراهيم إمام ود. سمير حسين ود. صليب بطرس ود. عبدالملك عودة ود. جيهان رشتي وغيرهم وتبني الدفعات الأولي بقسم الصحافة وكان قائدهم ومعلمهم في أقوي وأنجح تجربة صحفية جامعية للتدريب وهي جريدة »صوت الجامعة« التي تحملنا مسئولية إصدارها من الألف إلي الياء تحريرا وطباعة وإعلانات وتوزيعا.. كل شيء قمنا به بأنفسنا منذ صدور عددها الأول في 81 ديسمبر 2791 وحتي توقفت بعد تخرجنا.. وإن كانت قد عادت للصدور المتقطع في السنوات الأخيرة. تجربة ثرية بكل ما تعنيه الكلمة من معني جعلت من خريجي الدفعات الأولي لكلية الإعلام جيلا متميزا شق طريقه إلي الصفوف الأولي حتي تولي قيادة أغلب الصحف والأجهزة الإعلامية. في العشرين من يناير كل عام نذهب إلي منزله.. عادة لم تنقطع علي مدي 52 عاما ولن تنقطع بإذن الله.. نلتقي بأسرته الكريمة.. زوجته الفاضلة ونجله المهندس كامل وأحيانا بناته وأحفاده.. نسترجع الذكريات ونناقش أمورا كثيرة في الصحافة والسياسة.. لا نشعر بالوقت.. ربما تمضي 4 أو 5 ساعات قبل أن ننتبه إلي أن الوقت تأخر وحانت ساعة المغادرة علي أمل بلقاء جديد في العام التالي.