تحرك برلماني عاجل لمحاسبة الشركات الوهمية المسؤولة عن سفر الحجاج المصريين    المستشار الألماني: مجموعة السبع تدعو حماس لقبول خطة وقف إطلاق النار    مدير المتحف الزراعي بالدقي: أكثر من 200 عارض بمعرض الزهور في نسخته ال91    إليك الرابط.. كيف تفتح حسابا بنكيا من الهاتف المحمول وأنت في منزلك؟    أسرار النمو والنضارة.. كل ما تحتاجه لمعرفة احتياجات نباتاتك من الضوء والماء    قمة السبع تقرض أوكرانيا 50 مليار دولار باستخدام فوائد الأصول الروسية المجمدة    في الجول يكشف قائمة الأهلي لمواجهة فاركو    ذروة الموجة الحارة تسجل 48 درجة مئوية.. هل تستمر حتى عيد الأضحى 2024؟    في هذا الموعد.. فيلم الصف الأخير لأول مرة على قناة ART    محمد حفظي يهنئ المخرج طارق العريان على عرض فيلم "ولاد رزق 3: القاضية"    أعمال يوم التروية للحجاج.. الإفتاء توضح شعائر أولى محطات مناسك الحج    افتتاح معمل تحاليل بمستشفى القلب والصدر الجامعي في المنيا    طريقة عمل المكرونة بالصلصة، أسرع أكلة وعلى أد الإيد    محافظ شمال سيناء يعتمد الخطة التنفيذية للسكان والتنمية    محافظ الجيزة يستقبل وفود الكنائس بالمحافظة للتهنئة بعيد الأضحى المبارك    وزير البترول يكشف تأمين الأرصدة وإمدادات المنتجات خلال إجازة عيد الأضحى    بزيارة لمتحف المركبات الملكية.. أتوبيس الفن الجميل يواصل جولاته وأنشطته التثقيفية    رئيس هيئة الدواء: دستور الأدوية الأمريكي يحدد معايير الرقابة ويضمن سلامة المرضى    سفاح التجمع يشعل مواجهة بين صناع الأعمال الدرامية    بعد لقائهما بيوم واحد.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالا من نظيره الإيراني    وزير الرياضة يشهد المرحلة التمهيدية من مشروع صقل مدربي المنتخبات الوطنية    من مطار القاهرة.. "الدهاس" يودع الفوج الثاني لحجاج فلسطين    شواطئ ودور سينما، أبرز الأماكن فى الإسكندرية لقضاء إجازة عيد الأضحى    عيد الأضحى 2024 | أحكام الأضحية في 10 أسئلة    "تموين الدقهلية": ضبط 124 مخالفة في حملات على المخابز والأسواق    محافظ أسيوط يضع حجر أساس مدرسة المحبة بمدينة المعلمين    تخرج الدورة الأولى للمعينين بالهيئات القضائية من الأكاديمية العسكرية المصرية    الكويت: حبس مواطن ومقيمين احتياطا لاتهامهم بالقتل الخطأ فى حريق المنقف    يورو 2024.. نزلة برد تجتاح معسكر منتخب فرنسا    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، السرطان والأسد والعذراء    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    "المحطات النووية": تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة الرابعة بالضبعة 19 نوفمبر    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    رئيس صندوق التنمية الحضرية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع "حدائق تلال الفسطاط"    النيابة أمام محكمة «الطفلة ريتاج»: «الأم انتُزّعت من قلبها الرحمة»    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا بعد إنقاذه 3 أطفال من الموت فى ترعة بالشرقية    في وقفة عرفات.. 5 نصائح ضرورية للصائمين الذاهبين للعمل في الطقس الحار    مجانًا.. فحص 1716 شخصًا خلال قافلة طبية بقرية حلوة بالمنيا    ضبط أحد الأشخاص بسوهاج لزعمه قدرته على تسريب امتحانات الشهادة الثانوية    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    لبيك اللهم لبيك.. الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال الجاج    رئيس جامعة حلوان: المعمل المركزي يوفر بيئة محفزة للبحث العلمي    الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال حجاجنا    الحماية المدنية تنقذ طفلا عالقا خارج سور مدرسة في الوادي الجديد    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في مستهل تعاملات الخميس    ضياء السيد: طلب كولر بشأن تمديد عقد موديست منطقي    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    دار الإفتاء توضح حكم صيام يوم عرفة    قيادي ب«مستقبل وطن»: جهود مصرية لا تتوقف لسرعة وقف الحرب بقطاع غزة    على خطى كرة القدم.. ريال مدريد بطلا لدوري السلة    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    ناقد رياضي ينتقد اتحاد الكرة بعد قرار تجميد عقوبة الشيبي    هشام عاشور: "درست الفن في منهاتن.. والمخرج طارق العريان أشاد بتمثيلي"    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي بيراميدز وسموحة.. وفيوتشر أمام الجونة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بدون تردد
وقف الانفلات.. وتصحيح الأوضاع
نشر في الأخبار يوم 27 - 10 - 2010

طوال السنوات الخمس الماضية، جرت علي ارض مصر، وسرت في أوديتها متغيرات كثيرة، ومتسارعة، كنا ولازلنا شهودا عليها، معايشين لها، متفاعلين معها،...، ليس هذا فقط، بل ومساهمين فيها ومشاركين في احداثها ووقائعها، وايضا دافعين لمعدلات تدفقها في نهر الحياة السياسية، والاجتماعية والاقتصادية،...، وهو النهر الذي تزايدت حركته، وتسارعت مسيرته، في زخم بات ملحوظا وملموسا منا جميعا.
ونظرة واحدة فاحصة مدققة، وموضوعية لواقع الحال في مصر اليوم وما تموج به الساحة السياسية والاجتماعية من تفاعلات مهمة زاعقة أحيانا، وهادئة احيانا أخري، ومقارنته بما كان واقعا قبل سنوات، لا تزيد كثيرا عن خمس سنوات، تكفي للدلالة علي قدر المتغيرات التي طرأت، والمستجدات التي حدثت علي جميع المستويات، بصورة واضحة لا يمكن انكارها، أو تجاهلها، أو الادعاء بعدم وجودها، رغم محاولات البعض من المشاركين في حالة الصخب، واللغط الطافحة بغير الحق علي سطح بعض أجهزة الاعلام المكتوبة والمشاهدة.
والرصد المنصف لما يجري علي الساحة المصرية الآن، بكل تنوعاتها، لابد ان يتوقف بالتأمل امام ذلك التفاعل الحي بين وجهات النظر، والآراء المتعددة والمتباينة حول الكثير من القضايا المطروحة، والشاغلة للرآي العام، ولابد ان يشد انتباهه ذلك التوافق او التعارض بين العديد من الرؤي تجاه تلك القضايا، في ظاهرة لافتة، اصبحت او تكاد ان تكون لازمة من لوازم الحوار الدائر والدائم علي المستوي الثقافي والفكري بين المنشغلين بقضايا الوطن، والمهتمين بالشأن العام في مصر.
والحالة المصرية، إذا ما جاز لنا اطلاق تلك التسمية، علي ما جري وما يجري امام اعيننا، بطول وعرض السنوات الخمس او يزيد حتي الآن، كلها في مجملها ظاهرة صحية، ودليل سلامة وقوة وليست كما يتصورها البعض،او يحاول أن يروج من في قلبه مرض، دليل ضعف أو ظاهرة مرضية.
اقول ذلك بوضوح ودون تردد، رغم رصدي ومتابعتي لكل موجات السفه التي انتشرت وسادت في الفترة الاخيرة، ورغم كم المغالطات والادعاءات الكاذبة التي طفحت علي صفحات بعض الصحف المغرقة في السواد، ورغم كم التدني الهائل في اللفظ والمعني الذي صفع وجوهنا علي شاشات بعض الفضائيات، وبالرغم من محاولات العبث بقيم المجتمع وثوابته الاخلاقية والدينية، والمحاولات المفضوحة للمساس بوحدته الوطنية، وهز دعائم استقراره وتماسكه وأمنه.

وأقوله انطلاقا من ايماني الراسخ بأن مصر وشعبها أقوي كثيرا من كل هذه الدعاوي، وأكبر كثيرا من كل تلك المحاولات،..، وهي في قوتها وصلابتها، ووعي شعبها، وأصالة معدنه قادرة علي أن تواجه كل تلك الصغائر، وتتغلب علي كل هؤلاء المدعين، وتلقي بهم في سلال المهملات، حيث يذهب كل الخبث، ولا يمكث في الأرض غير ما ينفع الناس.
وفي هذا الاطار، وبقوة هذا المجتمع ووعيه وصلابته وقدرته علي رفض الغث، والحفاظ علي الثمين، بدأت موجات الضلال في الاندثار، وأخذت صيحات الهدم وصرخات الباطل في الخفوت والانزواء، في أول مواجهة حقيقية وحازمة مع سلطة الدولة المتمثلة في الشرعية الدستورية، وقوة القانون، وما يضمنانه من اجراءات واجبة لحماية استقرار وسلامة الوطن والحفاظ علي أمن المواطن.
وهكذا سقطت دعاوي كثيرة باطلة، تصورها بعض المرضي ممن روجوا لها قادرة علي الصمود وتحدي الشرعية، رغم ما فيها من ضلال كبير، وخيبة واضحة، وكذب فاضح، وتجن علي الحقيقة والواقع.
وهكذا تهاوت شخوص حاول بعض الأفاقين ان يصوروهم بالكذب والادعاء علي انهم فرسان السماء الهابطون علينا من الخارج، والقادمون بعد طول اغتراب لانقاذ هذا الشعب الطيب، باعتبارهم رسل العدالة وحاملي لواء الاصلاح،...، فإذا بهم اعجاز نخل خاوية، تزروها الرياح، واصحاب عقول سقيمة تردد كلمات وجملا مستوردة فارغة المعني، قاصرة الدلالة، لا تستطيع ان تمد جذورها أو تثبت اقدامها في ارض مصر التي لا يعرفون عنها إلا ما يعرفه الزائر المقل في زيارته أو السائح الذي ما ان يأتي، حتي يستعد للرحيل للخارج، والعودة من حيث أتي.
وفي ضوء ذلك وتحت وطأة الأشعة الساطعة لوعي الشعب، وصلابة الشرعية، تبددت أوهام ضبابية كثيرة راودت البعض، وروجوا لها مرارا وتكرارا، مبشرين بأفكار سوداء، وفوضي شاملة وانهيار كامل، ولم يحدث هذا ولا ذاك، ولن يحدث بإذن الله.

وفي ضوء ذلك سطعت الحقيقة الواضحة والبديهية التي تؤكد بما لا يقبل الشك ان هؤلاء المرضي والمدعين لا يريدون خيرا لمصر، ولا سلاما لأهلها ولا أمنا واستقرارا للوطن والمواطن، وان هؤلاء المشككين في كل شيء، وكل إنسان، لا يريدون اصلاحا حتي ولو ادعوا ذلك ولكنهم يسعون في الارض فسادا، وينشرون الاحباط ويعملون للفوضي، وزرع اليأس في قلوب الشباب ونزع الأمل من نفوسهم.
وبات واضحا انه لولا مناخ الحرية، والمساحة الواسعة لحرية الرأي والفكر والصحافة والاعلام التي اصبحت حقيقة واقعة علي ارض مصر، في اطار البرنامج الشامل للإصلاح السياسي والتشريعي والاقتصادي والاجتماعي للرئيس مبارك الذي خاض علي أساسه انتخابات الرئاسة وحصل بموجبه علي ثقة الشعب، في أول انتخابات حرة ومباشرة لاختيار رئيس الجمهورية، ما كان لهؤلاء ان يجدوا منبرا واحدا يتحدثون منه، او يكتبون فيه او يقولون رأيهم من خلاله.
نعم لولا مناخ الحرية التي يدعون غيبتها، ورقعتها الواسعة التي ينفون وجودها، ما كان من الممكن ان يتحدث احدهم، او يكتب او يبدي رأيا،...، ولولا ذلك العهد الذي قطعه الرئيس مبارك علي نفسه، والتزم به لحماية حرية الرأي ودعم حرية الصحافة، لما كان لهم صوت أو كلمة أو قلم.
ونحن هنا لا ننادي بقصف قلم أحد، فهذا غير مقبول منا علي الاطلاق، كما لا نطالب بالحد من حرية الرأي أو الفكر،...، بل علي العكس من ذلك نطالب بالمزيد من الحرية، ونسعي لتدعيم الديمقراطية، ولكننا نقول في ذات الوقت ان الحرية في اسمي معانيها، وحقيقة جوهرها، هي الحرية المسئولة، التي تلتزم بجميع القيم الاخلاقية والإنسانية والدينية، وهي التي تحافظ علي تماسك المجتمع، ووحدته وأمنه وأمانه، وهي الحرية التي تلتزم بالدستور والقانون.
ونحن نؤمن إيماناً كاملاً، أن الحرية ليست أبدا ولن تكون حرية هدم القيم والاخلاق والمثل العليا وليست بالقطع حرية المساس بخصوصية وحرمة الحياة الخاصة للأفراد والاعتداء علي حرياتهم، أو القذف في حقهم، وانها بالتأكيد ليست حرية الشتم، والتدني الأخلاقي، والقيمي، والإنساني.

من هنا، لابد ان نقول وبوضوح تام ان الحرية لا تعني علي الاطلاق الفوضي، والدعوة للتخلي عن جميع القيم، والخروج علي القانون والدستور، ومناهضة الشرعية والسعي للفتنة والدعوة لاثارة التوتر، واشاعة الاحتقان، والمساس بالوحدة الوطنية واذكاء النعرات الطائفية، والعزف السيئ علي اوتار المشاعر الدينية، وتضليل الرأي العام.
ولابد أن ندرك، أن الحرية في حقيقتها لا تمت من قريب او بعيد لهذا الهراء الذي كنا نقرأه علي صفحات بعض الصحف السوداء، وهو ما يجب ان يتوقف الي غير رجعة،...، ولا صلة لها بتلك الفجاجة والتدني والابتذال الذي كنا نشاهده ونسمعه علي بعض الفضائيات، وهو ما يجب ان ينتهي وبلا عودة.
ومن أجل ذلك كانت حالة القبول الشعبي العام التي تلقي بها المجتمع كله، بجميع فئاته ومستوياته الثقافية والفكرية، القرارات الاخيرة الخاصة بتنظيم البث الفضائي، والتي اتخذتها وزارة الاعلام، وإدارة النايل سات، في اطار الجهود المبذولة لتنقية الفضاء المصري، والعربي من القنوات الدينية المتطرفة التي تشيع روح الفتنة وتشكك في العقائد، وانقاذ المشاهد المصري من الوقوع في براثن قنوات الدجل والشعوذة التي خرجت عن السياق، ومارست الجرائم في حق المشاهد والمجتمع كله من خلال نشر هذه الخرافات، والاخري التي تخدع المتلقي المصري والعربي بوصفات وبدع للعلاج بمواد غير مصرح بها من الجهات الصحية، أو بوصفات تعتمد علي الخرافة وتهدد الصحة العامة للمواطنين.
ومن أجل ذلك ايضا جاء رد الفعل الايجابي والمؤيد علي المستوي الشعبي للقرارات التي اوقفت ذلك التدني الأخلاقي الذي كان سائدا ومنتشرا علي بعض القنوات المروجة للمنشطات الجنسية، وما تبثه القنوات المروجة لعادات دخيلة علي مجتمعنا، مثل الدردشة والتعارف بين الجنسين والمسابقات الزائفة والرسائل الخليعة، وتضليل الشباب واستدراجهم الي عادات سيئة، وتقاليد لا تتفق مع سلوك وقناعات المجتمع المصري.

والآن،...،
تلك هي الحالة المصرية الآن، وهي بالقطع تشغلنا جميعا، وموضع الاهتمام والمتابعة من الكل، خاصة وانها تأتي في اطار التحرك النشط لوقف مظاهر الإنفلات والتسيب، التي أصابت بعضا ممن في قلوبهم مرض، نتيجة سوء الفهم، أو سوء القصد، وفساد الطوية، فصورت لهم انفسهم استغلال مناخ الحرية، السائد والمتسع في ظل برنامج الاصلاح السياسي الشامل، الجاري تنفيذه بكل العزم طوال السنوات الخمس الماضية، وحتي اليوم، لتحقيق مآرب خاصة، وأهداف موجهة، لا تتوافق، ولا تتسق مع الصالح العام للشعب والوطن،...، لذلك فإن علينا جميعا أن نقف وقفة صلبة مع هذا التحرك، دافعين له حتي يحقق كامل أهدافه، وحماية عقول ونفوس أبنائنا من الفساد والتشوه والضياع.

ومن هنا كانت التحية واجبة لذلك الجهد الذي يستحق التأييد والاشادة، بل ويستحق أيضا المساندة والدعم منا جميعا، وصولا الي وقف الانفلات وغلق جميع أبواب التردي الأخلاقي، والتدني في اللفظ والكلمة التي تصفع وجوهنا، وتؤذي مشاعرنا وهي تطل علينا عبر تلك القنوات الفضائية الخارجة عن جميع المثل الأخلاقية والإنسانية والدينية.
حوارات بحرينية.. عن مصر والعرب والانتخابات
وإذا ما كنا نتحدث عن الحالة المصرية، أو الاحوال في مصر، وما جري ويجري فيها، فيجب أن نعرف أن ذلك لا يشغلنا وحدنا نحن المصريين فقط، بل ما يجري في مصر وجميع احوالها هو محط اهتمام ومتابعة الكثيرين في عالمنا العربي، وايضا محط اهتمام ومتابعة دول الجوار الاقليمي.
وهذا طبيعي في اطار ما تمثله مصر من ثقل ووزن بالنسبة لعالمها العربي، ومحيطها الاقليمي، والتأثير المباشر وغير المباشر لما يجري فيها من تفاعلات أو متغيرات علي هذه الدول وتلك الشعوب،...، هذا بالاضافة إلي ان مصر بمكانتها الحاضرة وتاريخها كانت ولا تزال دائما محل متابعة واهتمام من مراصد عديدة خارج نطاقها الاقليمي سواء من الولايات المتحدة أو دول اوروبا، أو آسيا، أو غيرها باعتبار مصر ذات وزن وتأثير في منطقة حساسة وهامة لهذه الدول ومصالحها الاستراتيجية.
لذا فإن الدهشة غير واردة، إذا ما رأينا متابعة واهتماما عربيا بالشأن العام في مصر، وبكل التفاعلات الجارية فيها، وقد يري البعض منا أن هذه التفاعلات مغرقة في المحلية، وليست محلا للاهتمام العربي، أو الاقليمي، أو الدولي، في حين يراها العرب، ودول الاقليم، والعالم، أهلا للاهتمام ومحلا للمتابعة، انطلاقا من تأثيرها عليهم، وأيضا نظرا لأهمية مصر وثقلها ووزنها.

وبالطبع هناك فرق كبير بين الاهتمام والمتابعة من هذا المنطلق وذلك المنظور، وبين الاهتمام والمتابعة بغرض التدخل في شئون مصر الداخلية الذي تسعي إليه دول بعينها،...، وهذا مرفوض جملة وتفصيلا من مصر شعبا وحكومة وقيادة.
أما الاهتمام العربي فهو اهتمام علي قدر الحب لمصر والمودة والاخوة التي تربطنا مع الشعوب العربية،...، وفي هذا الخصوص تحضرني عدة وقائع جرت منذ أيام خلال وجودي في مملكة البحرين الشقيقة بدعوة كريمة من المملكة لحضور ومتابعة الانتخابات الجارية هناك علي المستوي النيابي، ومستوي البلديات، لاختيار أعضاء المجالس البلدية، وأعضاء البرلمان البحريني، وهي الانتخابات التي تجري كل اربع سنوات، بدأت في عام 2002، ثم في عام 6002، وصولا إلي الاستحقاق الانتخابي الثالث، الذي أتي موعده السبت الماضي 32 أكتوبر، وقد حرص علي الحضور والمتابعة لفيف من الكتاب وكبار الصحفيين ورجال الإعلام في عالمنا العربي بالاضافة الي الاعلام الدولي.
وهناك التقيت بالصديق العزيز »نبيل الحمر«، مستشار جلالة ملك البحرين حمد بن عيسي آل خليفة، في وجود وزير الإعلام البحريني الشيخ »فواز بن محمد آل خليفة« خلال افتتاح المركز الإعلامي البحريني.
وكان وزير الإعلام حريصا وهو يتحدث عن اجراءات وترتيبات العملية الانتخابية، باعتبارها يوم العرس الديمقراطي، في مسيرة الاصلاح السياسي بالبحرين، ان يبادر بتحية خاصة لوفد الصحافة المصرية، الذي ضم الصديقين، محمد علي ابراهيم رئيس تحرير الجمهورية، واسامة سرايا رئيس تحرير الاهرام، وأنا،...، وأشاد الوزير بالعلاقات المتميزة التي تربط مصر والبحرين علي جميع الاصعدة، وقال انها تشكل أساسا متينا لدعم التعاون بين الشقيقتين، ليس في مجال الاعلام فقط، بل في كل المجالات،...، ثم أشاد الشيخ فواز بدور الإعلام المصري وريادته العربية.

وبعدها دار حوار بيني وبين الحمر الذي سبق له ان شغل منصب وزير الإعلام في البحرين، قبل أن يكون مستشارا للملك، وتناول الحوار الانتخابات البحرينية، في ظل التنافس بين 441 مرشحا علي 04 مقعدا نيابيا، بينهم 8 نساء، بينما يتسابق علي المجالس البلدية 971 مرشحا، يسعي كل منهم للحصول علي ثقة الناخبين البالغ عددهم حوالي 813 ألف ناخب موزعين علي المحافظات الخمس التي تضمها مملكة البحرين.
ولان الشيء بالشيء يذكر فقد ساقنا الحديث إلي ما تعيشه مصر الان من اجواء انتخابية، وما يجري فيها من تفاعل سياسي، استعدادا ليوم الاقتراع نهاية نوفمبر القادم لاختيار أعضاء مجلس الشعب في دورته الجديدة،...، وقد انهي الصديق الحمر الحديث بالقول يهمني ان تعرف انت وكل الاصدقاء المصريين، اننا في البحرين نشعر بالاطمئنان مادامت مصر مطمئنة، واننا نشعر بالخير مادامت مصر بخير، ثم اضاف بحماس، هذه ليست مجرد كلمات طيبة نقولها، ولكنها مشاعر حقيقية وصادقة تجاه مصر الشقيقة الكبري، التي نحبها، ونحب أهلها، ونعرف انها سند لنا وللعرب.

الواقعة الاخري، جرت خلال أحد الحوارات العديدة التي جرت بين الصحفيين والكتاب العرب المتواجدين بالبحرين، وكان بطلها الكاتب الكبير »سمير عطا الله« صاحب العمود الشهير في جريدة الشرق الأوسط، وكان الحوار يدور حول ما يجري في العالم علي اتساعه، والعالم العربي في مجمله، ثم الانتخابات في البحرين،...، وسار بنا الحديث في تلك المسارات ثم رست السفن أخيرا علي مرفأ المحروسة، وما تذخر به من مستجدات وتطورات.
وهنا قال »عطا الله«، كنا منذ سنوات نتحدث عما يجري في العالم العربي، كما هي عادتنا نحن الاعلاميين العرب اذا ما اجتمعنا كما نحن اليوم، ثم تطرق بنا الحديث كما تطرق الان إلي مصر واخبارها، وهذا طبيعي ويحدث دائما،...، المهم، »والكلام مازال لعطا الله«، اذكر ان احد الزملاء، من كبار الصحفيين، ابدي ملاحظة وسؤالا حول اسباب اهتمامنا الدائم بالاحوال في مصر والتطورات الجارية هناك، وكافة ما يحدث فيها،...، ويضيف عطا الله
لقد قلت للزميل ردي الذي اتفق فيه معي غالبية إن لم يكن كل المشاركين في الحوار،...، قلت له ان هذا طبيعي فقد نشأنا وكبرنا ونحن جميعا نسمع ونطرب بصوت سيدة الغناء العربي، أم كثلوم، ونستمتع بموسيقي والحان وصوت عبدالوهاب ويهزنا الشجن بصوت عبدالحليم، وننفعل وطنيا وقوميا مع اذاعة »صوت العرب«، ونقرأ لاحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ،...، وهكذا أصبح من الطبيعي ان نتشوق لمصر وان تكون محل اهتمام ومتابعة منا جميعا.

وهناك وقائع اخري كثيرة لا يتسع المجال لذكرها الان، وكلها تؤدي إلي نفس المعني وتصل الي نفس المقصد، دارت وجرت خلال زيارة البحرين، وايضا خلال زيارات ولقاءات عديدة لعالمنا العربي، كلها تدور في اطار الود والحب الذي يكنونه ويعبرون عنه لمصر وشعبها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.