رفع أسعار كروت شحن المحمول| شعبة الاتصالات تكشف "حقيقة أم شائعة"    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 15 نوفمبر 2025    84 دولار مكاسب الأوقية ببورصة الذهب العالمية خلال أسبوع    تيسيرات كبيرة لتوصيل الغاز الطبيعي للمنازل بمحافظة الغربية ضمن مبادرة حياة كريمة    مواجهات مرتقبة ضمن التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026    ضبط المتهم بصفع مهندس بالمعاش والتسبب في مصرعه بالهرم    مصطفى كامل يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    حورية فرغلي تشعل السوشيال ميديا وتكسر تريند جوجل بعد شائعة زواجها... والفنانة تحسم الجدل ببيان رسمي    الاتجار في أدوية التأمين الصحي «جريمة»    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    اليابان تدرس حزمة تحفيز اقتصادية بقيمة 17 تريليون ين بقيادة ساناي تاكايتشي    ترامب: أشعر بالحزن لرؤية ما حدث في أوروبا بسبب الهجرة    فلسطين.. جيش الاحتلال يعتقل 3 فلسطينيين من مخيم عسكر القديم    ترامب: سنجري اختبارات على أسلحة نووية مثل دول أخرى    العنف المدرسى    انفراد ل«آخرساعة» من قلب وادي السيليكون بأمريكا.. قناع ذكي يتحكم في أحلامك!    مناقشة رسالة دكتوراه بجامعة حلوان حول دور الرياضة في تعزيز الأمن القومي المصري    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    المنتخب الكرواتي يتأهل إلى كأس العالم 2026    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    عضو جمهوري: الإغلاق الحكومي يُعد الأطول في تاريخ الولايات المتحدة    قتلى ومصابون باقتحام حافلة لمحطة ركاب في إستكهولم بالسويد (فيديو)    تفاصيل مشروعات السكنية والخدمية بحدائق أكتوبر    أموال المصريين غنيمة للعسكر .. غرق مطروح بالأمطار الموسمية يفضح إهدار 2.4 مليار جنيه في كورنيش 2 كم!    7 قتلى و27 مصابا في انفجار بمركز شرطة بالهند    ترامب يعلن نيته اتخاذ إجراء قضائي ضد "بي بي سي" ويعلق على الرسوم الجمركية    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    طقس غير مستقر وشبورة كثيفة.. الأرصاد تكشف توقعات السبت 15 نوفمبر 2025    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    "رقم واحد يا أنصاص" تضع محمد رمضان في ورطة.. تفاصيل    مستشار الرئيس الفلسطيني: الطريق نحو السلام الحقيقي يمر عبر إقامة الدولة الفلسطينية    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    عمرو عرفة يحتفل بزفاف ابنته بحضور ليلى علوي ومحمد ورامي إمام وحفيد الزعيم    إبراهيم صلاح ل في الجول: أفضل اللعب أمام الأهلي عن الزمالك.. ونريد الوصول بعيدا في كأس مصر    سيارة طائشة تدهس 3 طلاب أعلى طريق المقطم    فرنسا: 5 منصات تجارية تبيع منتجات غير مشروعة    عصام صفي الدين: السلوكيات السلبية بالمتاحف نتاج عقود من غياب التربية المتحفية    شتيجن يطرق باب الرحيل.. ضغوط ألمانية تدفع حارس برشلونة نحو الرحيل في يناير    صدمة في ريال مدريد.. فلورنتينو بيريز يتجه للتنحي    إلى موقعة الحسم.. ألمانيا تهزم لوكسمبورج قبل مواجهة سلوفاكيا على بطاقة التأهل    اليوم.. أولى جلسات استئناف المتهمين في حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    حسام حسن: هناك بعض الإيجابيات من الهزيمة أمام أوزبكستان    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    إخماد حريق في مخبز وسوبر ماركت بالسويس    بيان من مستشفى الحسينية المركزي بالشرقية للرد على مزاعم حالات الوفيات الجماعية    رئيس الطب الوقائى: نوفر جميع التطعيمات حتى للاجئين فى منافذ الدخول لمصر    آخر تطورات الحالة الصحية لطبيب قنا المصاب بطلق ناري طائش    الباز: العزوف تحت شعار "القايمة واحدة" عوار يتحمله الجميع    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان: صعود المستقلين وتراجع المرأة في المرحلة الأولى لانتخابات النواب    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تناقش النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بدون تردد
وقف الانفلات.. وتصحيح الأوضاع
نشر في الأخبار يوم 27 - 10 - 2010

طوال السنوات الخمس الماضية، جرت علي ارض مصر، وسرت في أوديتها متغيرات كثيرة، ومتسارعة، كنا ولازلنا شهودا عليها، معايشين لها، متفاعلين معها،...، ليس هذا فقط، بل ومساهمين فيها ومشاركين في احداثها ووقائعها، وايضا دافعين لمعدلات تدفقها في نهر الحياة السياسية، والاجتماعية والاقتصادية،...، وهو النهر الذي تزايدت حركته، وتسارعت مسيرته، في زخم بات ملحوظا وملموسا منا جميعا.
ونظرة واحدة فاحصة مدققة، وموضوعية لواقع الحال في مصر اليوم وما تموج به الساحة السياسية والاجتماعية من تفاعلات مهمة زاعقة أحيانا، وهادئة احيانا أخري، ومقارنته بما كان واقعا قبل سنوات، لا تزيد كثيرا عن خمس سنوات، تكفي للدلالة علي قدر المتغيرات التي طرأت، والمستجدات التي حدثت علي جميع المستويات، بصورة واضحة لا يمكن انكارها، أو تجاهلها، أو الادعاء بعدم وجودها، رغم محاولات البعض من المشاركين في حالة الصخب، واللغط الطافحة بغير الحق علي سطح بعض أجهزة الاعلام المكتوبة والمشاهدة.
والرصد المنصف لما يجري علي الساحة المصرية الآن، بكل تنوعاتها، لابد ان يتوقف بالتأمل امام ذلك التفاعل الحي بين وجهات النظر، والآراء المتعددة والمتباينة حول الكثير من القضايا المطروحة، والشاغلة للرآي العام، ولابد ان يشد انتباهه ذلك التوافق او التعارض بين العديد من الرؤي تجاه تلك القضايا، في ظاهرة لافتة، اصبحت او تكاد ان تكون لازمة من لوازم الحوار الدائر والدائم علي المستوي الثقافي والفكري بين المنشغلين بقضايا الوطن، والمهتمين بالشأن العام في مصر.
والحالة المصرية، إذا ما جاز لنا اطلاق تلك التسمية، علي ما جري وما يجري امام اعيننا، بطول وعرض السنوات الخمس او يزيد حتي الآن، كلها في مجملها ظاهرة صحية، ودليل سلامة وقوة وليست كما يتصورها البعض،او يحاول أن يروج من في قلبه مرض، دليل ضعف أو ظاهرة مرضية.
اقول ذلك بوضوح ودون تردد، رغم رصدي ومتابعتي لكل موجات السفه التي انتشرت وسادت في الفترة الاخيرة، ورغم كم المغالطات والادعاءات الكاذبة التي طفحت علي صفحات بعض الصحف المغرقة في السواد، ورغم كم التدني الهائل في اللفظ والمعني الذي صفع وجوهنا علي شاشات بعض الفضائيات، وبالرغم من محاولات العبث بقيم المجتمع وثوابته الاخلاقية والدينية، والمحاولات المفضوحة للمساس بوحدته الوطنية، وهز دعائم استقراره وتماسكه وأمنه.

وأقوله انطلاقا من ايماني الراسخ بأن مصر وشعبها أقوي كثيرا من كل هذه الدعاوي، وأكبر كثيرا من كل تلك المحاولات،..، وهي في قوتها وصلابتها، ووعي شعبها، وأصالة معدنه قادرة علي أن تواجه كل تلك الصغائر، وتتغلب علي كل هؤلاء المدعين، وتلقي بهم في سلال المهملات، حيث يذهب كل الخبث، ولا يمكث في الأرض غير ما ينفع الناس.
وفي هذا الاطار، وبقوة هذا المجتمع ووعيه وصلابته وقدرته علي رفض الغث، والحفاظ علي الثمين، بدأت موجات الضلال في الاندثار، وأخذت صيحات الهدم وصرخات الباطل في الخفوت والانزواء، في أول مواجهة حقيقية وحازمة مع سلطة الدولة المتمثلة في الشرعية الدستورية، وقوة القانون، وما يضمنانه من اجراءات واجبة لحماية استقرار وسلامة الوطن والحفاظ علي أمن المواطن.
وهكذا سقطت دعاوي كثيرة باطلة، تصورها بعض المرضي ممن روجوا لها قادرة علي الصمود وتحدي الشرعية، رغم ما فيها من ضلال كبير، وخيبة واضحة، وكذب فاضح، وتجن علي الحقيقة والواقع.
وهكذا تهاوت شخوص حاول بعض الأفاقين ان يصوروهم بالكذب والادعاء علي انهم فرسان السماء الهابطون علينا من الخارج، والقادمون بعد طول اغتراب لانقاذ هذا الشعب الطيب، باعتبارهم رسل العدالة وحاملي لواء الاصلاح،...، فإذا بهم اعجاز نخل خاوية، تزروها الرياح، واصحاب عقول سقيمة تردد كلمات وجملا مستوردة فارغة المعني، قاصرة الدلالة، لا تستطيع ان تمد جذورها أو تثبت اقدامها في ارض مصر التي لا يعرفون عنها إلا ما يعرفه الزائر المقل في زيارته أو السائح الذي ما ان يأتي، حتي يستعد للرحيل للخارج، والعودة من حيث أتي.
وفي ضوء ذلك وتحت وطأة الأشعة الساطعة لوعي الشعب، وصلابة الشرعية، تبددت أوهام ضبابية كثيرة راودت البعض، وروجوا لها مرارا وتكرارا، مبشرين بأفكار سوداء، وفوضي شاملة وانهيار كامل، ولم يحدث هذا ولا ذاك، ولن يحدث بإذن الله.

وفي ضوء ذلك سطعت الحقيقة الواضحة والبديهية التي تؤكد بما لا يقبل الشك ان هؤلاء المرضي والمدعين لا يريدون خيرا لمصر، ولا سلاما لأهلها ولا أمنا واستقرارا للوطن والمواطن، وان هؤلاء المشككين في كل شيء، وكل إنسان، لا يريدون اصلاحا حتي ولو ادعوا ذلك ولكنهم يسعون في الارض فسادا، وينشرون الاحباط ويعملون للفوضي، وزرع اليأس في قلوب الشباب ونزع الأمل من نفوسهم.
وبات واضحا انه لولا مناخ الحرية، والمساحة الواسعة لحرية الرأي والفكر والصحافة والاعلام التي اصبحت حقيقة واقعة علي ارض مصر، في اطار البرنامج الشامل للإصلاح السياسي والتشريعي والاقتصادي والاجتماعي للرئيس مبارك الذي خاض علي أساسه انتخابات الرئاسة وحصل بموجبه علي ثقة الشعب، في أول انتخابات حرة ومباشرة لاختيار رئيس الجمهورية، ما كان لهؤلاء ان يجدوا منبرا واحدا يتحدثون منه، او يكتبون فيه او يقولون رأيهم من خلاله.
نعم لولا مناخ الحرية التي يدعون غيبتها، ورقعتها الواسعة التي ينفون وجودها، ما كان من الممكن ان يتحدث احدهم، او يكتب او يبدي رأيا،...، ولولا ذلك العهد الذي قطعه الرئيس مبارك علي نفسه، والتزم به لحماية حرية الرأي ودعم حرية الصحافة، لما كان لهم صوت أو كلمة أو قلم.
ونحن هنا لا ننادي بقصف قلم أحد، فهذا غير مقبول منا علي الاطلاق، كما لا نطالب بالحد من حرية الرأي أو الفكر،...، بل علي العكس من ذلك نطالب بالمزيد من الحرية، ونسعي لتدعيم الديمقراطية، ولكننا نقول في ذات الوقت ان الحرية في اسمي معانيها، وحقيقة جوهرها، هي الحرية المسئولة، التي تلتزم بجميع القيم الاخلاقية والإنسانية والدينية، وهي التي تحافظ علي تماسك المجتمع، ووحدته وأمنه وأمانه، وهي الحرية التي تلتزم بالدستور والقانون.
ونحن نؤمن إيماناً كاملاً، أن الحرية ليست أبدا ولن تكون حرية هدم القيم والاخلاق والمثل العليا وليست بالقطع حرية المساس بخصوصية وحرمة الحياة الخاصة للأفراد والاعتداء علي حرياتهم، أو القذف في حقهم، وانها بالتأكيد ليست حرية الشتم، والتدني الأخلاقي، والقيمي، والإنساني.

من هنا، لابد ان نقول وبوضوح تام ان الحرية لا تعني علي الاطلاق الفوضي، والدعوة للتخلي عن جميع القيم، والخروج علي القانون والدستور، ومناهضة الشرعية والسعي للفتنة والدعوة لاثارة التوتر، واشاعة الاحتقان، والمساس بالوحدة الوطنية واذكاء النعرات الطائفية، والعزف السيئ علي اوتار المشاعر الدينية، وتضليل الرأي العام.
ولابد أن ندرك، أن الحرية في حقيقتها لا تمت من قريب او بعيد لهذا الهراء الذي كنا نقرأه علي صفحات بعض الصحف السوداء، وهو ما يجب ان يتوقف الي غير رجعة،...، ولا صلة لها بتلك الفجاجة والتدني والابتذال الذي كنا نشاهده ونسمعه علي بعض الفضائيات، وهو ما يجب ان ينتهي وبلا عودة.
ومن أجل ذلك كانت حالة القبول الشعبي العام التي تلقي بها المجتمع كله، بجميع فئاته ومستوياته الثقافية والفكرية، القرارات الاخيرة الخاصة بتنظيم البث الفضائي، والتي اتخذتها وزارة الاعلام، وإدارة النايل سات، في اطار الجهود المبذولة لتنقية الفضاء المصري، والعربي من القنوات الدينية المتطرفة التي تشيع روح الفتنة وتشكك في العقائد، وانقاذ المشاهد المصري من الوقوع في براثن قنوات الدجل والشعوذة التي خرجت عن السياق، ومارست الجرائم في حق المشاهد والمجتمع كله من خلال نشر هذه الخرافات، والاخري التي تخدع المتلقي المصري والعربي بوصفات وبدع للعلاج بمواد غير مصرح بها من الجهات الصحية، أو بوصفات تعتمد علي الخرافة وتهدد الصحة العامة للمواطنين.
ومن أجل ذلك ايضا جاء رد الفعل الايجابي والمؤيد علي المستوي الشعبي للقرارات التي اوقفت ذلك التدني الأخلاقي الذي كان سائدا ومنتشرا علي بعض القنوات المروجة للمنشطات الجنسية، وما تبثه القنوات المروجة لعادات دخيلة علي مجتمعنا، مثل الدردشة والتعارف بين الجنسين والمسابقات الزائفة والرسائل الخليعة، وتضليل الشباب واستدراجهم الي عادات سيئة، وتقاليد لا تتفق مع سلوك وقناعات المجتمع المصري.

والآن،...،
تلك هي الحالة المصرية الآن، وهي بالقطع تشغلنا جميعا، وموضع الاهتمام والمتابعة من الكل، خاصة وانها تأتي في اطار التحرك النشط لوقف مظاهر الإنفلات والتسيب، التي أصابت بعضا ممن في قلوبهم مرض، نتيجة سوء الفهم، أو سوء القصد، وفساد الطوية، فصورت لهم انفسهم استغلال مناخ الحرية، السائد والمتسع في ظل برنامج الاصلاح السياسي الشامل، الجاري تنفيذه بكل العزم طوال السنوات الخمس الماضية، وحتي اليوم، لتحقيق مآرب خاصة، وأهداف موجهة، لا تتوافق، ولا تتسق مع الصالح العام للشعب والوطن،...، لذلك فإن علينا جميعا أن نقف وقفة صلبة مع هذا التحرك، دافعين له حتي يحقق كامل أهدافه، وحماية عقول ونفوس أبنائنا من الفساد والتشوه والضياع.

ومن هنا كانت التحية واجبة لذلك الجهد الذي يستحق التأييد والاشادة، بل ويستحق أيضا المساندة والدعم منا جميعا، وصولا الي وقف الانفلات وغلق جميع أبواب التردي الأخلاقي، والتدني في اللفظ والكلمة التي تصفع وجوهنا، وتؤذي مشاعرنا وهي تطل علينا عبر تلك القنوات الفضائية الخارجة عن جميع المثل الأخلاقية والإنسانية والدينية.
حوارات بحرينية.. عن مصر والعرب والانتخابات
وإذا ما كنا نتحدث عن الحالة المصرية، أو الاحوال في مصر، وما جري ويجري فيها، فيجب أن نعرف أن ذلك لا يشغلنا وحدنا نحن المصريين فقط، بل ما يجري في مصر وجميع احوالها هو محط اهتمام ومتابعة الكثيرين في عالمنا العربي، وايضا محط اهتمام ومتابعة دول الجوار الاقليمي.
وهذا طبيعي في اطار ما تمثله مصر من ثقل ووزن بالنسبة لعالمها العربي، ومحيطها الاقليمي، والتأثير المباشر وغير المباشر لما يجري فيها من تفاعلات أو متغيرات علي هذه الدول وتلك الشعوب،...، هذا بالاضافة إلي ان مصر بمكانتها الحاضرة وتاريخها كانت ولا تزال دائما محل متابعة واهتمام من مراصد عديدة خارج نطاقها الاقليمي سواء من الولايات المتحدة أو دول اوروبا، أو آسيا، أو غيرها باعتبار مصر ذات وزن وتأثير في منطقة حساسة وهامة لهذه الدول ومصالحها الاستراتيجية.
لذا فإن الدهشة غير واردة، إذا ما رأينا متابعة واهتماما عربيا بالشأن العام في مصر، وبكل التفاعلات الجارية فيها، وقد يري البعض منا أن هذه التفاعلات مغرقة في المحلية، وليست محلا للاهتمام العربي، أو الاقليمي، أو الدولي، في حين يراها العرب، ودول الاقليم، والعالم، أهلا للاهتمام ومحلا للمتابعة، انطلاقا من تأثيرها عليهم، وأيضا نظرا لأهمية مصر وثقلها ووزنها.

وبالطبع هناك فرق كبير بين الاهتمام والمتابعة من هذا المنطلق وذلك المنظور، وبين الاهتمام والمتابعة بغرض التدخل في شئون مصر الداخلية الذي تسعي إليه دول بعينها،...، وهذا مرفوض جملة وتفصيلا من مصر شعبا وحكومة وقيادة.
أما الاهتمام العربي فهو اهتمام علي قدر الحب لمصر والمودة والاخوة التي تربطنا مع الشعوب العربية،...، وفي هذا الخصوص تحضرني عدة وقائع جرت منذ أيام خلال وجودي في مملكة البحرين الشقيقة بدعوة كريمة من المملكة لحضور ومتابعة الانتخابات الجارية هناك علي المستوي النيابي، ومستوي البلديات، لاختيار أعضاء المجالس البلدية، وأعضاء البرلمان البحريني، وهي الانتخابات التي تجري كل اربع سنوات، بدأت في عام 2002، ثم في عام 6002، وصولا إلي الاستحقاق الانتخابي الثالث، الذي أتي موعده السبت الماضي 32 أكتوبر، وقد حرص علي الحضور والمتابعة لفيف من الكتاب وكبار الصحفيين ورجال الإعلام في عالمنا العربي بالاضافة الي الاعلام الدولي.
وهناك التقيت بالصديق العزيز »نبيل الحمر«، مستشار جلالة ملك البحرين حمد بن عيسي آل خليفة، في وجود وزير الإعلام البحريني الشيخ »فواز بن محمد آل خليفة« خلال افتتاح المركز الإعلامي البحريني.
وكان وزير الإعلام حريصا وهو يتحدث عن اجراءات وترتيبات العملية الانتخابية، باعتبارها يوم العرس الديمقراطي، في مسيرة الاصلاح السياسي بالبحرين، ان يبادر بتحية خاصة لوفد الصحافة المصرية، الذي ضم الصديقين، محمد علي ابراهيم رئيس تحرير الجمهورية، واسامة سرايا رئيس تحرير الاهرام، وأنا،...، وأشاد الوزير بالعلاقات المتميزة التي تربط مصر والبحرين علي جميع الاصعدة، وقال انها تشكل أساسا متينا لدعم التعاون بين الشقيقتين، ليس في مجال الاعلام فقط، بل في كل المجالات،...، ثم أشاد الشيخ فواز بدور الإعلام المصري وريادته العربية.

وبعدها دار حوار بيني وبين الحمر الذي سبق له ان شغل منصب وزير الإعلام في البحرين، قبل أن يكون مستشارا للملك، وتناول الحوار الانتخابات البحرينية، في ظل التنافس بين 441 مرشحا علي 04 مقعدا نيابيا، بينهم 8 نساء، بينما يتسابق علي المجالس البلدية 971 مرشحا، يسعي كل منهم للحصول علي ثقة الناخبين البالغ عددهم حوالي 813 ألف ناخب موزعين علي المحافظات الخمس التي تضمها مملكة البحرين.
ولان الشيء بالشيء يذكر فقد ساقنا الحديث إلي ما تعيشه مصر الان من اجواء انتخابية، وما يجري فيها من تفاعل سياسي، استعدادا ليوم الاقتراع نهاية نوفمبر القادم لاختيار أعضاء مجلس الشعب في دورته الجديدة،...، وقد انهي الصديق الحمر الحديث بالقول يهمني ان تعرف انت وكل الاصدقاء المصريين، اننا في البحرين نشعر بالاطمئنان مادامت مصر مطمئنة، واننا نشعر بالخير مادامت مصر بخير، ثم اضاف بحماس، هذه ليست مجرد كلمات طيبة نقولها، ولكنها مشاعر حقيقية وصادقة تجاه مصر الشقيقة الكبري، التي نحبها، ونحب أهلها، ونعرف انها سند لنا وللعرب.

الواقعة الاخري، جرت خلال أحد الحوارات العديدة التي جرت بين الصحفيين والكتاب العرب المتواجدين بالبحرين، وكان بطلها الكاتب الكبير »سمير عطا الله« صاحب العمود الشهير في جريدة الشرق الأوسط، وكان الحوار يدور حول ما يجري في العالم علي اتساعه، والعالم العربي في مجمله، ثم الانتخابات في البحرين،...، وسار بنا الحديث في تلك المسارات ثم رست السفن أخيرا علي مرفأ المحروسة، وما تذخر به من مستجدات وتطورات.
وهنا قال »عطا الله«، كنا منذ سنوات نتحدث عما يجري في العالم العربي، كما هي عادتنا نحن الاعلاميين العرب اذا ما اجتمعنا كما نحن اليوم، ثم تطرق بنا الحديث كما تطرق الان إلي مصر واخبارها، وهذا طبيعي ويحدث دائما،...، المهم، »والكلام مازال لعطا الله«، اذكر ان احد الزملاء، من كبار الصحفيين، ابدي ملاحظة وسؤالا حول اسباب اهتمامنا الدائم بالاحوال في مصر والتطورات الجارية هناك، وكافة ما يحدث فيها،...، ويضيف عطا الله
لقد قلت للزميل ردي الذي اتفق فيه معي غالبية إن لم يكن كل المشاركين في الحوار،...، قلت له ان هذا طبيعي فقد نشأنا وكبرنا ونحن جميعا نسمع ونطرب بصوت سيدة الغناء العربي، أم كثلوم، ونستمتع بموسيقي والحان وصوت عبدالوهاب ويهزنا الشجن بصوت عبدالحليم، وننفعل وطنيا وقوميا مع اذاعة »صوت العرب«، ونقرأ لاحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ،...، وهكذا أصبح من الطبيعي ان نتشوق لمصر وان تكون محل اهتمام ومتابعة منا جميعا.

وهناك وقائع اخري كثيرة لا يتسع المجال لذكرها الان، وكلها تؤدي إلي نفس المعني وتصل الي نفس المقصد، دارت وجرت خلال زيارة البحرين، وايضا خلال زيارات ولقاءات عديدة لعالمنا العربي، كلها تدور في اطار الود والحب الذي يكنونه ويعبرون عنه لمصر وشعبها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.