المشاط: افتتاح مكتب تمثيل ستاندرد بنك في مصر يدعم التكامل الاقتصادي الأفريقي    تحصين 1840 رأس ماشية بالفيوم ضد أمراض الحمى خلال أكتوبر الماضي    دمشق.. سوريا والاتحاد الأوروبي يطلقان يوم حوار مع المجتمع المدني    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي    مقتل 5 وإصابة 8 أشخاص إثر انفجار بمصنع للألعاب النارية في باكستان    آلام العانة تهاجم مدافع ريال مدريد    السجن 5 سنوات لمتهم بقضية خلية العجوزة    بالأسماء.. مصرع وإصابة 26 طالباً في حادث انقلاب أتوبيس بالصحراوي الغربي    حسين فهمي يفتتح سوق القاهرة السينمائي بمشاركة 20 جهة عربية ودولية    صوت قرآني صاعد أبهر لجنة التحكيم في مسابقة "دولة التلاوة".. القارئ الشرقاوي خالد عطية صديق: كلمات وزير الأوقاف وسام وفخر    وزير الصحة يستقبل وفد البنك الدولي ونائب وزير سوق العمل السعودي    صحة المنيا: قافلة «حياة كريمة» تقدّم خدماتها الطبية المجانية لأكثر من 1071 مواطنًا    الموقف الطبي لرباعي الأهلي بعد إصابتهم في المنتخب    استجابة لما نشرناه امس..الخارجية المصرية تنقذ عشرات الشباب من المنصورة بعد احتجازهم بجزيرة بين تركيا واليونان    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    للأمهات، اكتشفي كيف تؤثر مشاعرك على سلوك أطفالك دون أن تشعري    المتحف المصرى بالتحرير يحتفل بمرور 123 عاما على افتتاحه    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    محاضرة بجامعة القاهرة حول "خطورة الرشوة على المجتمع"    عروض فنية وإبداعية للأطفال في ختام مشروع أهل مصر بالإسماعيلية    قناة السويس تشهد عبور 38 سفينة بحمولات 1.7 مليون طن    موجة برد قوية تضرب مصر الأسبوع الحالي وتحذر الأرصاد المواطنين    انطلاق الأسبوع التدريبي ال 15 بقطاع التدريب وبمركز سقارة غدًا    الموسيقار هاني مهنا يتعرض لأزمة صحية    مؤتمر جماهيري حاشد ل«حماة الوطن» بالدقهلية لدعم مرشحه في النواب 2025 | فيديو    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    التعليم العالى تقرر إلغاء زيادة رسوم الخدمات لطلاب المعاهد الفنية.. تفاصيل    محافظ الجيزة يُطلق المهرجان الرياضي الأول للكيانات الشبابية    بتكوين تمحو معظم مكاسب 2025 وتهبط دون 95 ألف دولار    وزيرة التنمية المحلية تفتتح أول مجزر متنقل في مصر بطاقة 100 رأس يوميا    مواجهات حاسمة في جدول مباريات اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    كانافارو مدرب أوزبكستان: منع خطورة محمد صلاح مهمة مستحيلة    «الزراعة»: إصدار 429 ترخيص تشغيل لمشروعات الإنتاج الحيواني والداجني    الأعلى للثقافة: اعتماد الحجز الإلكتروني الحصري للمتحف المصري الكبير بدءًا من 1 ديسمبر    لو مريض سكر.. كيف تنظم مواعيد دواءك ووجباتك؟    في ذكرى وفاته| محمود عبدالعزيز.. ملك الجواسيس    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    أطلقت عليه وابل رصاص وضربته بظهر الطبنجة (فيديو)    حارس لايبزيج: محمد صلاح أبرز لاعبي ليفربول في تاريخه الحديث.. والجماهير تعشقه لهذا السبب    كولومبيا تعلن شراء 17 مقاتلة سويدية لتعزيز قدرتها الدفاعية    الصحة العالمية: «الأرض في العناية المركزة».. وخبير يحذر من التزامن مع اجتماعات كوب 30    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    الصين تحذّر رعاياها من السفر إلى اليابان وسط توتر بشأن تايوان    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    درجات الحرارة على المدن والعواصم بمحافظات الجمهورية اليوم السبت    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير محمد عاصم إبراهيم:كل جيراننا يطمعون في النيل وليس إسرائيل فقط

برؤية مختلفة، أكد السفيرالمخضرم محمد عاصم إبراهيم أن مياه النيل المصرية ليست مطمعاً لإسرائيل فقط بل لكل جيراننا، ومعروف أن اسم هذا الدبلوماسي الكبير يحتل مكانا بارزا في قائمة رجال مصر في أفريقيا من خلال حياة عملية تزيد علي الأربعين عاماً في السياسة والدبلوماسية بأهم ملفات الأمن القومي المصري بداية من عمله لمدة عشر سنوات برئاسة الجمهورية ثم انتقاله للخارجية المصرية وإشرافه علي ملف إسرائيل كعضو مكتب لوزراء الخارجية كمال حسن علي، والدكتور أحمد عصمت عبدالمجيد ثم أرسلته مصر كمشرف علي استفتاء انفصال إريتريا عن إثيوبيا عام 1994، وبعدها عمل سفيراً لمصر لدي كل من إثيوبيا ثم كينيا ثم السودان وأخيراً سفيراً لمصر لدي إسرائيل حتي قبل عامين.
وفي حواره غير المسبوق مع روزاليوسف الذي ننشره علي حلقتين كشف الدبلوماسي المخضرم صاحب تلك التجربة الاستثنائية الكثير من الأسرار التي حملتها تجربته واضعاً الحقائق دون تجميل أو رتوش محذراً وليس مهولاً مما جري في «عنتيبي» ومعتبره تحدياً صريحاً للأمن القومي المصري.
بداية أيهما يأتي في أولوية الأمن القومي تأمين الحدود أم تأمين منابع النيل؟
أي نطام سياسي أو أي نظام حكيم يكون لديه هدفان لا ثالث لهما، وهذان الهدفان يتفرع منهما كل الأشياء وهما الأمن والرخاء، رئيس الجمهورية والنظام السياسي والبرلمان والإعلام والمجتمع المدني جميع الجهات شغلها أنها تحقق الأمن والرخاء وتدافع عنهما، وفي تقديري أن الأمن القومي المصري أراه كالمثلث.. الضلع الأول فيه هو حماية الحدود، والضلع الثاني حماية الدستور، والضلع الثالث تأمين وصول كميات مياه ملائمة لمعيشة الشعب المصري، وبناءً عليه فإن الحديث عن مياه النيل وكمياتها الواردة وطريقة استخدامنا كمصريين لها يعد أحد الأضلع الثلاثة المكونة للأمن القومي المصري.
إذن مياه النيل مسألة أمن قومي خالصة؟
بالتأكيد مياه النيل أمن قومي بامتياز لأننا في مصر نعيش في صحراء وليست لدينا أمطار ومصدر المياه الوحيد هو نهر النيل، والمبرر الوحيد لوجود نشاط إنساني في هذه المنطقة الصحراوية غير الممطرة هو وصول مياه النيل لها وبدون مياه النيل لايكون هناك وجود لمصر أي أنها مسألة وجودية وحياتية والتهديد فيها تهديد وجودي، ولكن أؤكد أننا لم نصل بعد لهذه المرحلة فنحن نواجه «تحديات» وعندنا نوعان من المخاطر متكافئان في الأهمية من وجهة نظري أولهما إيرادات المياه التي تصل لمصر والثاني عدد المصريين الذين يستخدمونها ونمط استخدامهم لها، فعندما كان عدد المصريين 20 مليوناً غير وهم الآن 80 مليوناً غير بعد أربعين عاماً ليصل إلي 120 مليوناً فعندما كنا 20 مليوناً كان نصيب الفرد يصل إلي 1500 متر مكعب من المياه واليوم نصيب الفرد 800 ووصلنا حد الفقر ولو وصلنا للتزايد القادم سيصل نصيب الفرد إلي 500 متر مكعب، إذن فنحن نخلق تحديات لأنفسنا فيما يتعلق بمياه النيل أولاً عدد السكان الذي يقسم عليه كمية المياه الواردة وثانياً نمط استخدامنا لها، فلو أهدرنا في استخدام المياه ولم نرشد هذا الاستخدام وأفرطنا في محاصيل زراعية نستهلك كميات مياه أكبر من غيرها وإذا لم يتوافر الأداء الاقتصادي السليم ولم نستثمر الاستثمار الاقتصادي السليم في استخدام المياه سنواجه مشكلة.
وما قراءتك للأزمة الحالية مع دول الحوض؟!
نقسم دول المنبع إلي مجموعتين علي الأقل أثيوبيا في جانب وبقية الدول أيا كان عددها في جانب آخر لأن إثيوبيا بمفردها تمثل 85% من المياه الواردة لمصر إنما في حالة التوقيع الذي حدث في عنتيبي فإثيوبيا مشاركة فيه وربما تكون محركة له، وهو تحدٍ وليس تهديدا لأن الذي حدث هو «إعلان نوايا» وفي مسائل السدود واستغلال المياه هذه المسائل تأخذ سنوات طويلة وتحتاج موارد مالية كبيرة وليست من الأمور التي تجري في الخفاء فهي ليست سلاحاً نوويا تتم صناعته تحت الأرض، هذه مسائل تجري في العلن ويمكن رصدها لأن هذه النوايا موجودة منذ سنوات طويلة تصل إلي نصف قرن مضي ولكنها المرة الأولي التي تتحول هذه النوايا إلي وثيقة ويقومون بالتوقيع عليها وبناءً عليه الخطر لن يحدث غداً بإقامة سدود تمنع تدفق المياه لمصر ولكنه «إنذار» أو كارت أصفر ينبه الشعب المصري إلي أن هناك شيئاً يحدث عليهم الانتباه إليه.
معني ذلك أن التحدي الذي يواجه الأمن القومي المصري كانت له إرهاصاته أثناء عملك في معظم دول حوض النيل؟
بالتأكيد وباستمرار ويمكن القول أن هذه الإرهاصات كانت موجودة يومياً.
ماهي الوقائع التي تدلل علي ذلك؟
مثلاً عندما كنت في إريتريا عام 1994 والتقيت بالرئيس «أفورقي» وقتها كان هناك مشاكل بين إريتريا ومصر من نوع آخر ولم نكن فتحنا كلاما في مياه النيل ولكن كانوا باستمرار يتحدثون عن سبب عدم تأييد مصر حركة إريتريا للانفصال عن إثيوبيا لأن مصر تخشي علي مياه النيل ولاتريد مخاصمة مع إثيوبيا وكان ردي وقتها أننا نقبل بالحدود الاستعمارية لأن أفريقيا خمسون دولة ولو قمنا بتفكيك الحدود الاستعمارية وأعدنا صياغتها حسب تدخل القبائل سنصل إلي 250 دولة وسندخل في حروب لا أول لها ولا آخر، ولكن مع ذلك كانت وجهة النظر الإريترية أن مصر برغم خلافها الشديد مع مانجستو ولكنها كانت تتحدث عن وحدة وسلامة الأراضي الإثيوبية لسببين أولهما أنها تخشي انفصال جنوب السودان عن شماله والثاني إنها لاتريد أن تغضب إثيوبيا إلي حد تؤثر به علي موارد مصر المائية.
- البعض لايدرك أهمية إريتريا بالنسبة لموارد مصر المائية؟
85 % من النيل الأزرق منبعه الهضبة الإثيوبية الأغلب يكون من بحيرة «تانا» ثم ينحدر إلي منطقة التماس بين جنوب وشمال السودان ليكون النيل الأزرق والنيل الأبيض يأتيان من بحيرة «فيكتوريا» وخلافه ويلتقان عند الخرطوم ثم يأتي نهر آخر اسمه العطبرة وهو من إريتريا ويسمي «تكريزي» ومنبعه من الجزء الغربي من الهضبة الإثيوبية، وهذا النهر يمثل 18% من ال 85% التي تأتي من الهضبة الإثيوبية إذن أيضاً إريتريا لايمكن إهمالها، ولكن إريتريا نظراً لخلافها مع إثيوبيا لم تدخل في هذا التحالف وتعتبر نفسها مراقباً وتري أن الإعلان الذي حدث أخيراً هو «فقاعة» ولها مواقفها مع إثيوبيا.
- وفي إثيوبيا كيف كان الحال بالنسبة لهذه «النوايا» أثناء عملك سفيراً لمصر هناك؟
كان علي أن أقوم بالرد علي مقال شديد العنف ضد مصر صادر في مجلة وزارة الخارجية الإثيوبية وموقع من كاتب إريتري خلاصته أن سياسة مصر تجاه دول الحوض أن ماهو خير لمصر شر لدول حوض النيل والعكس صحيح وأن مصر تريد لهذه الدول أن تبقي متخلفة ومختلفة حتي لاتفيق وتتحول لعمليات التنمية وتوليد الطاقة واستزراع الأراضي واستغلال مواردها إلي آخره، لأن ذلك يؤثر بالسلب علي الاقتصاديات المصرية.
- وماذا كان الرد؟!
كان ردي أن العكس هو الصحيح من الذي يريد العيش وجيرانه في حالة حرب وما يترتب علي ذلك من تصدير لاجئين وعنف وإرهاب، ثم من الذي قال إن مصر تخشي أحداً، بالعكس مصر تتمني أن يكون لديكم أمن واستقرار حتي أتمكن من المساهمة في عملية التنمية وأفتح الطريق أمام رجال الأعمال والشركات المصرية للمساهمة فيها وأخلق فرصا للعمالة المصرية، وبالتالي أخفف من معدل البطالة في بلدي وإننا نتمني أن يكون لديكم ازدهار حتي يأتي الطلبة من دولكم ويتعلموا في الجامعات المصرية ويدفعوا تكاليف الدراسة أو أن يكون لديكم مبرر اقتصادي وكي نقيم في دولكم جامعات خاصة ومدارس خاصة وأن يرتفع مستوي المعيشة عندكم لكي تأتوا إلي السياحة العلاجية مثلاً إلي مصر، لذا فليس من الصحيح أن مصر حريصة علي أن تكونوا فقراء ومتقاتلين بل الصحيح أننا نتمني لكم الرخاء حتي يعود علينا ونتبادل المنافع.
- ما الفكر السائد في منطقة الحوض تجاه مصر؟
هناك فكر ولكنه ليس فكراً سائدا إلا أنه موجود وفي دوائر مؤثرة، في منطقة الحوض وفي شرقه بصفة خاصة وهي إثيوبيا وأوغندا وكينيا وإريتريا. أن مصر حريصة علي أن تبقي هذه الدول متخلفة، الموضوع الآخر أو الفكرة الأخري هو هل مصر أفريقية؟ وكان باستمرار يوجه لي هذا السؤال هل أنتم أفارقه؟.. وكنت أبدأ بالمداعبة وأقول لا نحن «يابانيون» لكم أقول إذا لم نكن أفارقة فمن نكون إذن، وهل الأفريقي يجب أن يكون داكن البشرة، فيردون أنتم عرب، فأرد عليهم وهل هناك ما يمنع أن أكون أفريقيا وعربيا، فيردون لا أنتم تميلون للبحر الأبيض المتوسط وتطلون علي جنوب أوروبا واهتمامكم بأمريكا وروسيا والدول الكبري لستم أفارقه بشكل حقيقي، واهتمامكم في مصر علي أزمة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، والشعب المصري معني بالذهاب إلي دول الخليج لأن لديهم المال ولايهتم بأن يذهب إلي دولنا ويتابع أخبارنا، أضف إلي ذلك أن هناك مرارة تاريخية لديهم تجاه العرب بغض النظر هم علي حق أم لا ولكنهم يرون أن العرب في العصور الوسطي كانوا تجارا وعبيدا ولديهم بقايا ذكريات في كينيا مثلاً لأسواق شراء العبيد ونقلها من شرق أفريقيا إلي الجزيرة العربية وبقية أنحاء العالم، وأعيد إلي ذاكرتك موقف حدث في «زنزبار» عام 1960 عندما ثاروا وقاموا بقتل ثلاثين ألف عربي من أصل عماني عندما كانت زنزبار تابعة لعمان لأنها كانت جزيرة ويقولون إنها كانت مركزاً لتجارة العبيد، وهذا علي رغم وجود «إسلام» في شرق أفريقيا وبعض الزيجات المختلطة، لكن هذه الصورة موجودة لديهم، لذا فناهيك عن أن مصر التي يرونها عربية ومتوسطية ومعنية بمشاكل وحروب المسألة اليهودية والفلسطينية كانت متخمة بعرب اليمن.. صحيح نذكر أنكم ساعدتم عدداً كبيراً من الدول للحصول علي استقلالها لكن القصة انتهت، لذا هناك مخزون من المشاعر أن مصالح مصر تتعارض مع مصالحهم وأنتم أفارقة إلا قليلاً أو كثيراً حسب رأي من يتحدث.
- هل منبع هذه المرارة المستحدثة لإهمالنا لهم أو أننا تعاملنا من موضع ثبات استناداً علي دور تاريخي مع واقع متغير؟
أوافق علي أن الدولة المصرية مسئولة عن ذلك، علي أن نعتبر الشعب المصري هو رقم واحد والإجابة عما إذا كان هناك تقصير أو إهمال هي إنه كان في الإمكان أن نبذل مجهوداً أكبر، ولكن هذا لايعني أننا أهملنا لأننا عندنا سفارة في كل دولة أفريقية وبنحضر كل القمم الأفريقية ورئيسنا كان في أديس أبابا عندما حاول الإرهابيون اغتياله، فالمسئولية علي الثمانين مليون مصري الموجودين اليوم أو الستين مليوناً الموجودين منذ خمسة عشر عاماً المسئولية علي الجميع وبدءاً من نظام التعليم اسأل خريج الجامعة المصرية عن عدد دول حوض النيل واطلب منه ترتيبها من الجنوب إلي الشمال أو العكس، وبعد ما يقوم بعددها اسأله عن أسماء عواصم هذه الدول، ولو عرف اسأله عن اسماء القيادة السياسية في هذه الدول في تقديري لن تتعدي النسبة التي ستعرف الإجابة 5%، وبعد ذلك خذ نفس العينة واسألهم عن المشكلة الموجودة في النادي الفلاني أو أزمة انتقال اللاعب الفلاني، وشوف النسبة المئوية التي ستعرف الإجابة عن هذا السؤال.. نحن نتكلم عن التعليم والثقافة والإعلام خاصة الذي يمثل أمناً قومياً مصريا، وكذلك أنا لست راضياً عنه ثقافة الإنسان المصري عن أفريقيا صحيح أن من حق المواطن المصري أن تكون له اهتماماته بالكرة أو أن تكون له هواياته، ولكن نحن نتحدث الآن عن خطر وجودي أن نكون أو لا نكون بدون نهر النيل لن نكون اسألوا خريجي الجامعات عن نصيب المصري في مياه النهر وكم كمية البخر التي تتم في بحيرة السد، وكم كمية الأمطار المكعبة التي تصل مصر؟ شوف مثل هذه الأسئلة ستكون نوعاً من الأسئلة «الرذلة» والتي ليس لها معني بالنسبة لهم ولاتدخل في اهتمامهم، وأهم منها أنه يقوم بالإجابة عمن فاز بكأس أوروبا أو المغنية الفلانية ستحيي حفلا في شرم الشيخ، وقتها ستعلم أن المجتمع المصري كله يعلمه، لم تكن هناك في الصحف كلمة عن نهر النيل ثم حدثت هذه المسألة لم نعد نلاحق علي المقالات التي تتحدث عن مياه النيل، وهذه من صفات مجتمعنا أنه لايهتم إلا عندما تقع «الفأس في الرأس» ثم يهتم ببطء وأنا أتحدث هنا عن المجتمع وما يخص الحكومة فيه أنها جزء من المجتمع ولكنها ليست المجتمع ككل، بالعكس ربما تكون الحكومة بإدارتها هي الأقل تأخراً في التعامل مع الموقف، ويحضرني هذا أن هناك إحساساً عميقاً لدي صناع القرار في الدول التي عملت بها باستثناء السودان فيما يخص الإرهاصات التي لمستها عن قرب بالنسبة للتحدي الراهن، أن البيروقراطية المصرية تنظر لهذه الدول نظرة دونية وتعرقل نموها وهم هنا لايتهمون الرئيس أو الوزراء بل علي العكس هم يعتقدون أن الرئيس مبارك والوزراء المعنيين يدعمون التعاون ويتفهمون أبعاد العلاقة، ولكن في المستويات الأخري أي من هم دون الوزراء يعتقدون أن المصري تمت تربيته علي أن يكون لديه خوف عميق من هؤلاء أصحاب البشرة السوداء ويخشون من قيامهم بأي مشروع تكون من نتيجته أن المياه تتأثر وبناء عليه لايريدون التحدث معهم ولايتفهمونهم ولايساعدونهم أضف إلي ذلك أنهم يأتون إلي القاهرة فنحتفي بهم ونقوم بعمل برامج لزيارتهم تتضمن مثلاً القناطر الخيرية بالأغاني إلي بحيرة السد ويقيمون في الفنادق علي النيل في القاهرة فيجدون ذلك الفارق الشاسع بين حجم الحضارة والتقدم الموجود في مدن القاهرة والمشروعات الكبري وبين الوضع البائس الذي يعيشون فيه ثم يقولون إن كل الذي في مصر سببه المياه التي تأتي من أرضنا فأين حقنا، إلي متي سنظل متفرجين..«المياه» تذهب لمصر من غير ثمن وتصنع بها كل ذلك.
وهذا الكلام كان يقال لي يومياً هناك من المسئولين.
وما الموقف الذي يحضرك في هذه النقطة تحديداً؟
كان يقال لي إننا سنقوم ببناء السدود ولن نحصل علي إذن منكم وإذا لم يعجبكم الأمر تعالوا واضربونا بطائراتكم.
معني كلامك أن مانسمعه اليوم ليس بالأمر الجديد؟
موجود طوال الوقت ولكن الجديد هو ترجمة مشاعر منفصلة وأحاسيس سياسية داخلية ومحاضرات في الجامعة ومقالات في الصحف إلي وثيقة تعاقدية رسمية بين الدول التي وقعت تعلن عن أنهم لديهم النية بإقامة مشروعات عندهم وأنهم ليس لديهم استعداد بالموافقة علي الموقف المصري والسوداني المتعلق بالإخطار المسبق أو حق الفيتو.
ومع كل ذلك لاتراه أنه تهديد وأنه تحدٍ؟
نحن لسنا أمام أزمة خطيرة ولسنا أمام تهديد واهم ولكننا أمام موقف جديد، بالتأكيد غير مريح ويعبر عن شد وجذب بين الدول المستهلكة للمياه، وبصفة خاصة السودان ومصر وبصفة أخص شمال السودان ومصر لأن جنوب السودان يوجد به أمطار ولايعتمد علي النيل، ولكن الذي يحتاج للنيل الجزء الشمالي من السودان ومصر بين المستهلكين للمياه والمناطق القادمة منها المياه العلاقة بيننا الآن أنهم يقولون ما تلك الاتفاقيات التي تتحدثون عنها اتفاقيات تمت أيام الاستعمار وقتها لم تكن لنا إرادة، كما أن اتفاقية 1959 تخصكم أنتم والسودان وكما وقعتم هذه الاتفاقية فنحن وقعنا اتفاقية عنتيبي.
الجزء الثانى من الحوار الأسبوع القادم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.