المصريون »أصحاب سيناء.. قلما يزورونها أو يعلمون شيئا من أمرها مع ان الافرنج يدخلونها أفواجا كل سنة بغرض الصيد والنزهة وزيارة الدير أو البحث عن المعادن أو التنقيب عن الآثار...« هذا ما كتبه المؤرخ الذي جاء من بلاد الشام واسمه نعوم شقير منذ حوالي مائة عام في كتابه »تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها«. وكان دخول سيناء في زمن تأليف هذا الكتاب يحتاج إلي إذن خاص من مدير المخابرات في وزارة الحربية بالقاهرة ونظرا لان المؤلف كان يعمل في المخابرات البريطانية في مصر، فقد استطاع ان يكون في سيناء في كل وقت وان يضع اعمق واشمل دراسة حول شبه الجزيرة. وجاء في كتابه: »حضر حديثا بعض رجال الجمعية الصهيونية في رفح، واشتروا من أهلها بعض الاراضي بغرض تأسيس مستعمرة لهم هناك... وعجز رجال الجمعية عن شراء ما يكفي من الارض لانشاء مستعمرة.. فوقف عملهم« ويقول مدير وحدة البحوث الوثائقية بدار الوثائق المصرية الذي حقق الكتاب ان هذه المحاولة الصهيونية حدثت في عام 1908 وسبقتها محاولات اخري، اهمها مشروع العريش الذي تبناه مؤسس الحركة الصهيونية »تيودور هيرتزل«، الذي زار القاهرة في مطلع القرن الماضي بعد ان اصدر كتابه »الدولة اليهودية« وطالب اغنياء اليهود في مصر بمساعدته في الحصول علي موافقة الخديو عباس حلمي الثاني علي جعل سيناء وطنا قوميا لليهود. ويؤكد الدكتور عاصم الدسوقي، استاذ التاريخ، ان هيرتزل كان يفكر في إحياء مشروع استيطان سيناء في عام 1903، وكان يطلق علي شبه الجزيرة »فلسطين المصرية« »!« ولكن الفكرة فشلت. إذن.. المخططات والمؤامرات ضد سيناء المصرية.. قديمة، ويمكن ان تتجدد في اشكال اخري متعددة. وسيناء تشغل مساحة تقدر بنحو 61 الف كيلو متر مربع، بما يعادل حوالي ستة في المائة من مساحة الاراضي المصرية. وسيناء هي الدرع الاستراتيجية لمصر، وحلقة الوصل بين قارتي افريقيا واسيا، وأول طريق حربي عرفه العالم. وقد اثبت علماء التاريخ ان المصري كان يعيش في سيناء منذ نحو مائة الف سنة. وطوال ستة الاف عام قدم المصريون دماءهم دفاعا عن تلك الارض المقدسة، وكذلك فعل من كان قدماء المصريين يسمونهم »سادة الرمال«.. وهم بدو سيناء. المؤسف انه بعد تحرير سيناء عام 1988، اقتصر الاهتمام علي الجانب السياحي وليس علي التنمية البشرية المحلية في سيناء، وتجاهلنا دعوة المفكر المصري جمال حمدان إلي التعمير البشري والتعمير العمراني. فهل سيستمر اهمال سيناء في وقت تردد فيه مصادر استخبارية غربية انباء حول قيام عدد من قادة تنظيم »القاعدة« بزرع أتباعهم وتنظيم خلايا لهم في سيناء إلي جانب تهريب الاسلحة وعمليات التدريب علي السلاح... والمخططات الصهيونية المعروفة؟! كلمة السر: إنهاء عزلة سيناء وربطها بالوطن.