يؤكد الواقع الاقتصادي الذي نمر به حاليا ان موجات الغلاء التي عمت الأسواق في كل مكان وما نتج عنها من تداعيات صادمة ان هناك الكثير من الفتاوي المرسلة وغير المدققة من الحكومة والمعارضة والتجار والاتحادات ومؤسسات المجتمع المدني علي حد سواء وكأن هناك مباراة علي الساحة العامة لارتكاب أبشع صور وأشكال المعصية علنا ومع سبق الاصرار والترصد دون خجل وبغير حياء. وفي النهاية فان المواطن البسيط ومحدودي الدخل والشباب هم الضحية.. ويعني ذلك ان الحديث عن الغلاء في ظل واقعنا وبعد ثورة 52 يناير وسطوة وهيمنة قلة علي السوق وغياب الأمن وفوضي الشارع وانخفاض مؤشر هيبة الدولة إلي أدني مستواه لا يعني إلا لونا من ألوان أحاديث الطرشان.. وهو حديث لا يجوز شرعا ان تمارسه الحكومة أو الأحزاب أو الائتلافات أوالجماعات حتي لا يصاب الأداء الاقتصادي وآليات السوق بهيستيريا الغلاء أكثر مما نحن فيه.. الواقع يشير إلي ان الغلاء طال كل الطبقات وأصبحت الطبقة المتوسطة والفقيرة والشباب والخريجون غير قادرين علي تحمل ذلك لان الغلاء امتد إلي كل القطاعات السلعية الاساسية والاستهلاكية والضرورية وكذلك الخدمات دون مبرر.. ثم تبع ذلك غلاء عشوائي في المقاولات ووسائل النقل والمواصلات وفواتير الكهرباء والغاز والتليفونات والمياه والأدوية والأغذدية وفيزيتا الاطباء.. وأيا كان الأمر فان الغلاء نهش في اجساد مجموعة تقدر من 57٪ إلي 58٪ من المجتمع. فلقد كشفت مرحلة التحول التي نعيشها الآن وبعد فترة فساد دامت أكثر من 03 عاما وجود فجوات وخلل في الدخول والفقر وانتشار مبادئ أصحاب نظريات الأبيض والأسود الذين لا يقبلون بغير ما يقولونه باعتباره الصواب المطلق.. وينظرون إلي ما يقوله غيرهم باعتباره الخطأ المطلق الذي لا يستحق الالتفات والاهتمام. ومع كل الغوغائية في الحوار المجتمعي أصبحت الروشتة الاقتصادية غير قابلة للتنفيذ تحت مسمي آليات السوق.. والاقتصاد الحر.. والعرض والطلب فالزيادة في الدخول لا تتناسب مع الزيادة في أسعار السلع والخدمات وتكاليف المعيشة.. وبالتوازي مع ذلك تزداد معدلات البطالة التي تجاوزت 03٪ حاليا حيث يوجد في كل أسرة خريج عاطل علي الاقل.. في ظل الظروف الحالية تزداد مسئولية الدولة وأجهزتها في إحكام الرقابة علي الأسواق والعمل علي ضبط الأسعار بطريقة يشعر بها المواطنون وذلك عن طريق دوران عجلة الانتاج لزيادته وتفعيل الأجهزة الرقابية وتوحيدها منعا للتضخم السعري فلقد اصبحت أسواقنا تجمع المتناقضات الاقتصادية حيث يتداخل حزام الفقر والفقراء مع الخيط الرفيع للغني والاغنياء الأمر الذي أدي إلي تراكم السلبيات. آن الأوان لمواجهة تحديات المرحلة والخروج من دائرة الصخب السياسي والاعتصامات والمظاهرات الفئوية التي حملت الموازنة العامة للدولة خسائر تجاوزت ل521 مليار جنيه.. وإقرار أجندة تعاون بين الحكومة والاحزاب والتيارات لايقاف عجلة الحقد الاسود المخطط وترتيب الأولويات في إطار وقفة مصرية وطنية 001٪ تعيد وضع النقاط فوق الحروف لما نمر به ووضع منظومة جديدة للأجور والأسعار والضرائب ضمانا لتطبيق العدالة الاجتماعية التي ننشدها جميعا طبقا لمقتضياتها ومتطلباتها.