كتبت هذا المقال عقب متابعتي مباشرة لبيان رئاسة الجمهورية الذي تلاه د. محمد سليم العوا بعد تسع ساعات استغرقتها جلسة الحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية لحلحلة الموقف المتأزم الذي يمر به الوطن. هنا لابد قبل التطرق إلي مضمون هذا البيان الاشارة إلي انه كانت هناك مقاطعة لهذا الحوار من جانب قيادات جبهة الانقاذ وهي الطرف الاساسي في معالجة الغضبة الشعبية التي تسود الشارع المصري. كما هو معروف فإن ما حدث ويحدث كان نتيجة تفاعل هذه القيادات مع قطاعات شعبية اجمعت علي رفض تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور وكذلك الاعلان الدستوري الصادر يوم 21 نوفمبر متضمنا التحصين من الطعن عليه قضائيا. استهدفت هذه الخطوات منع المحكمة الدستورية والقضاء الاداري من الفصل في القضايا المطالبة بحل مجلس الشوري للعوار القانوني التي كان سببا في حل مجلس الشعب. تضمنت المطالب ايضا حل الجمعية التأسيسية التي كان قد جري الطعن علي تشكيلها لمخالفته الحكم الصادر من المحكمة الادارية العليا. وتوافقا مع كل هذا كان من الطبيعي ان يمتد هذا الاعتراض والرفض إلي الدستور نفسه الذي اعدته هذه الجمعية - بدون توافق - والذي تم الدعوة للاستفتاء عليه يوم السبت القادم 15 ديسمبر. كان من نتيجة هذا الموقف الذي يعكس رؤية سياسية لما يجب ان تكون عليه الأمور.. تدخل قوي اخري مضادة وهو ما أدي الي موجة من القلاقل والاضطرابات التي تسود ارجاء الوطن.. وتشير التحليلات القانونية لبيان رئاسة الجمهورية الذي كنا نأمل ان يأتي بحل للأزمة أن لا جديد في الموقف. ويضيف الخبراء ان ما جاء في هذا البيان ما هو الا تكريس لما استهدفته الاعلانات الدستورية السابقة وتسببت في هذه الحالة التي نحن فيها الآن. هذه الحقيقة تجسدت في الاصرار علي بقاء كل الآثار المترتبة علي ما جاء في الاعلان الدستوري المرفوض وفقا لنص الاعلان الدستوري الجديد الذي تم اصداره بعد جلسة الحوار ليكون بديلا له. ليس من توصيف لهذه المستجدات سوي انها تحايل ومراوغة لا تخدم محصلتها الصالح الوطني. كان من الممكن علي ضوء ما تم السماح به من اصدار لهذا الاعلان الدستوري تعديل للمواد التي اُتخذت مبررا لعدم تأجيل الاستفتاء علي الدستور. لا معني لكل ما نشهده وما سوف نشهده سوي اننا عدنا إلي المربع رقم واحد من جديد وبالتالي يبقي الوضع علي ما هو عليه .. ولك الله يا مصر.