محمود عطية لست مع الرأي المتشائم القائل بأنه تم تقسيمنا إلي فسطاطين.. فسطاط التحرير وفسطاط الجامعة.. وينسي هذا الرأي ان الاختلاف في وجهات النظر والخروج للدفاع عنها دليل حيوية جديدة سرت في جسد هذا الوطن.. حتي وان خرجنا في فسطاطين..! وما لا افهمه كيف نفسر ما يحدث علي انه انشقاق وكأنه لابد ان نكون أصحاب رأي واحد ورؤية واحدة.. ونتناسي ان الانسان "كائن متسائل مجادل يحمل رأيا" وجبل علي الجدل والاعتراض الدائم.. الم يصف القرآن الكريم الانسان قائلا: "وَكَانَ الانسان أَكْثَرَ شَيْءٍ جدلا".. وألم يقل ارسطو ان الانسان هو الكائن الوحيد الذي عقب كل اجابة يولد اسئلة جديدة فهو يتحرك دوما تحت دافع سؤال دائم".. اذن لماذا ننكر ثورة الجدل التي تملأ حياتنا ونضيق بها وكأنها اخر الدنيا.. ويصورها البعض لأبنائنا كأننا دخلنا نفقا مظلما ولن نخرج منه ابدا.. حتي وإن كنا قد دخلنا نفقا مظلما لكن في آخر النفق ضوء الصبح يلوح من بعيد..! ولابد ان نتذكر ان كل الامم في بداية تطورها الديمقراطي دفعت ثمن التقدم والرخاء.. فما حققته معظم دول اوروبا من رخاء لم يأت بالمجان فقد دخلت حروبا طاحنة بداية من القرن الثالث عشر إلي القرن السادس عشر حتي وصلت لما وصلت اليه من ديمقراطية ورخاء.. والتحديات التي تواجهنا أهون واخف من التحديات التي واجهت أوروبا في طريق نهضتها وكان أهونها سطوة الكنيسة التي قمعت كل تقدم علمي وأرهبت العلماء واتهمتم بالزندقة .. ولولا كفاح صفوة مثقفي أوروبا وعلمائها ما نعمت بهذا الرخاء.. أوروبا دفعت ثمن تقدمها واستحقت ما تنعم به من رخاء.. وعلينا دفع ثمن التقدم..! ونحن حديثو عهد بالتحول الديمقراطي وقبول اختلافات الرأي والرؤي.. ولا هروب لنا مما نحن فيه سوي بالتقدم فيه أكثر.. شرط ألا ننسي ان الكائن البشري هو اكثر شيء جدلا..!