يستطيع الأدب الإنساني أن يقرأ المستقبل ويتنبأ بما يحدث للبشرية من دمار وهلاك.. علي سبيل المثال هناك مسرحية عالمية هي "مشعلو الحرائق " للكاتب الألماني ماكس فريش يحكي فيها عن ظهور أناس مجهولين يقومون بإشعال الحرائق في البيوت والمتاجر وأنحاء المدينة. كان هذا في أعقاب الثورة الصناعية في أوروبا.. ويقرر ثلاثة من مشعلي النيران أن يختفوا في بيت أحد النبلاء الألمان. وأمام عينيه يضعون براميل البنزين والقنابل الحارقة ويقومون بإخفائها في أنحاء البيت. بل ويعترفون له ذات مرة بهدفهم ومهمتهم الغريبة وهي إشعال الحرائق في كل مكان. فقد راهنوا علي أن أفضل طريقة لخداع الرجل الطيب هي إظهار الحقيقة بوضوح أمامه ومصارحته بأنهم قد أتوا ليحرقوه ويحرقوا بيته ومدينته وسوف يتولي عقله الطيب التمويه لهذه الحقيقة بنفسه.. والرجل بطيبة قلبه لم يصدقهم فعلا فعقله لا يستوعب أن يصل الجحود بإنسان أن يقابل الإحسان بالإساءة أو الخير بالحريق. وهكذا تنتهي المسرحية وقد نجح مشعلو الحرائق في مهمتهم فأحرقوا الرجل والبيت والمدينة بأسرها.. وهنا في مصر الآن ظهر مشعلو الحرائق يحرقون المنشآت ونحن لا نريد أن نصدق أنهم يفعلون ذلك فعقولنا لا تستوعب مشاهد حرق البلد علي أيديهم وأنه علينا أن نردعهم وأن نواجه هذه الحقيقة المفزعة ونمنعهم. مسرحية " مشعلو الحرائق " من المسرحيات المعقدة والصعبة التي تقيم حوارا مع مرحلة تاريخية معينة هي الفترة التي بدأت فيها الفاشية تهدد العالم بالدمار والاجتياح. إضافة إلي ذلك تستمد موضوعها من المسرح العبثي او مسرح اللامعقول . بطل " مسرحية (بيدرمان) هو رمز للإنسان العادي الذي يكشف بغبائه وخوفه غباء وخوف الشعوب الغربية أثناء صعود هتلر والتي اكتفت في البداية بموقف المتفرج علي الكارثة. كما يكشف أيضا عن الضعف الأخلاقي في داخلنا جميعا والتورط الجماعي لنا في هذه المأساة . بيدرمان ينهمك في شئونه الشخصية ومشاريعه التجارية ويفتقد القدرة علي القيام بعمل حاسم في لحظة الأزمة ..إذ انه بتساهله مع مشعلي الحرائق الذين يستضيفهم في منزله يعجل بوقوع الكارثة لا في منعها كما كان يتوقع. وربما تبلغ غفلة البطل ذروتها عندما يقدم لهم علبة ثقاب إشارة إلي المسئولية غير المباشرة له فيما حدث . ونحن كلنا هذا الرجل السلبي. آخر الكلام : النادي الأهلي حصل علي بطولتي أفريقيا في كرة القدم وكرة اليد في أسبوع واحد تقريبا .. لم نشعر بالفرحة .. منعتنا الأحداث التي يمر بها وطننا الغالي من الاحتفال بالبطولتين رغم توقف النشاط الرياضي .. علي كل حال مبروك لنادي القرن ومبروك لمصر ولكل الأهلاوية هذا الفوز الحلو بطعم المر .