اسر الشهداء: لن نقبل تعويضا في أرواح أبنائنا ولن نهدأ إلا بالقصاص شوارع خالية.. ومنازل مغلقة ابوابها تفوح منها رائحة الحزن والألم.. وسكون الليل كسره اصوات تلاوة القرآن الكريم داخل سرادقات العزاء التي لم تنطفئ انوارها حتي ساعة متأخرة من ليلة اليوم المشئوم.. هذا هو حال قرية المندرة مركز منفلوط بمحافظة اسيوط التي فقدت 16 طفلا في حادث اوتوبيس المعهد الازهري الذي دهسه قطار الموت لينفطر معه قلوب اسرهم الذين مازالوا في صدمتهم من هول الحادث غير مصدقين ان اطفالهم لن يروهم مجددا لتشرق شمس كل صباح تحمل معها الحقيقة المفجعة لاهالي اسر الأطفال ضحايا الحادث بأنه لن يودع ابنه كل صباح اثناء ذهابه الي المعهد. »الأخبار« شاركت الاهالي حزنهم في سرادقات العزاء التي امتلأت بالمعزيين من الاهالي والجيران الذين طافوا ارجاء القرية متنقلين بين سرادق واخر لتتحول القرية الي مأتم كبير وتصبح القرية كلها اسرة واحدة لجميع الضحايا يتلقون العزاء من بعضهم بعضا بينما الصمت خيم علي آباء وأمهات الأطفال الشهداء فمنهم من غلفه الصمت كسياج احاط بكل حواسه غير قادر علي الكلام ومنهم من كان الصبر حليفه وقوة التحمل جعلت كل من يواسيه في مصاب الاليم يحسده علي هذه القوة الإيمانية بينما لم يتمكن اخرون من الجلوس في سرادقات العزاء لتلقي مواساة الأهل والجيران. في مشهد حزين لا تستطيع ان تصفه الكلمات والألم يعتصر قلبه رفض رشاد عبد السميع اخذ العزاء في نجله عمر صاحب السنوات التسع الذي لقي مصرعه في الحادث واحتسبه والده عند الله من الشهداء وقال انه يرفض التعويض ولن يقبل ثمنا لحياة ابنه الذي راح ضحية الاهمال والفوضي التي اصبحت تعم كل شئ. شيماء واحمد شقيقان في الحياة والموت جمعهما معهد النور الازهري ولقيا مصرعيهما في أتوبيسه الخاص بعد سحقه قطار مسرع علي مزلقان قرية المندرة.. وكان عرسهما الي السماء في سرادق واحد وقف فيه والدهما صابر ابو العلا يبحث بعيون زائغة عن حلم لن يتحقق بأن يخرج ابنيه من وسط الحضور ليصبح كل ما حوله مجرد كابوس لتبقي الحقيقة المرة بأن ابنيه ذهبا ولن يعودا مرة اخري.. وبصوت يعتصره الالم اكد انه لن يقبل اي تعويض في فلذة كبده وطالب بالقصاص العادل من كل من تورط في هذه المأساة التي تحطمت معها قلوب اكثر من 50 اسرة راح ابنهم ضحية هذا الحادث المفجع. ومن بين من كان الصبر حليفه وقف سماحه أنور داخل سرادق العزاء متحليا بالإيمان متقبلاً قضاء الله في استشهاد أبنائه الاربعة ريم 11 سنه وادهم 9 سنوات و اروي 7 سنوات و نور 3 سنوات والذي روي للاخبار بدموعه قصه اخر لقاء مع ابنائه قبل سفره الي القاهرة لقضاء بعض مصالحه ووعدهم بعد عودته ان يصطحبهم وامهم الي احد المطاعم بمدينة اسيوط للغداء سويا وشراء بعض الملابس والهدايا لهم وبعد سفره وفي الليلة التي سبقت الحادث فاجئه ابنه ادهم بالاتصال به 4 مرات متتالية في سابقة لم تحدث من قبل للاطمئنان عليه قبل ان يعود الاب في اليوم التالي مشتاقا لرؤية اطفاله الذي خطفهم الموت من امام عينه.. واكد سماحه ان التعويضات التي سيحصل عليها سيستغلها في بناء دار لتحفيظ القرآن تحت اسم ابنائه الشهداء الذي يحتسبهم عند الله. وفي منزل عمر رشاد رفض الاب الذي يعمل فلاحا بالقرية اي تعويضات لابنه اي تعويضات لابنه الصغير حتي الحديث مع جيرانه رفضها مؤكدا ان مواسته في مصابه الاليم من الله فقط. وبدموع محمود عبد الرشيد والد طفلته الوحيدة سندس 4 سنوات والذي أكد ان كل مال الدنيا لن يعوضه عن فلذة كبده منتقضا الحكومة التي قررت مبالغ هزيله كتعويض لاسر هذا الحادث الأليم والأفضل الا تصرف هذه التعويضات الهزيلة لأنها أساءه للشهداء.. وكان الاولي من ذلك محاسبه كل من تورط في هذه الكارثة وكل المسئولين الذين يتملصون من الحادث وإلقائه علي عامل المزلقان الذي لا يمكن ان يتحمل وحده هذه الكارثة والمصاب الاليم.