المؤسسات الصحفية القومية مظلومة ومجنيِّ عليها من القراء.. والحكومة.. والعاملين فيها. فالقراء يعتبرونها من ميراث النظام السابق، والحكومة أدارت لها ظهرها ولم تعد تدعمها بما يكفي لإقالتها من عثرتها التي تسبب فيها الجيل السابق من العاملين فيها وخاصة الذين تولوا إدارتها سنوات طويلة غاب فيها مبدأ الرقابة والمحاسبة.. والمشكلة ان بعضا من أبناء المؤسسات القومية من أبناء الجيل الحالي والذين وجدوا لأنفسهم موطئ قدم في الصحف الخاصة لا يألون جهدا في استمرار الهجوم علي مؤسساتهم التي تربوا فيها وصنعوا أسماءهم من خلالها.. فالبعض يطالب بتصفيتها والبعض الآخر يطالب بخصخصتها وآخرون يطالبون بفصل ملكيتها عن مجلس الشوري ونقلها إلي ما يسمي بالمجلس الوطني للصحافة.. وكلها مطالب قد تبدو لمن لا يعلم أنها »كلمات حق« ولكنها في الحقيقة كلمات يراد بها باطل.. تصدر عن هوي وغرض لا يخفي علي أحد.. فمن المعروف ان الصحف والمجلات الصادرة عن تلك المؤسسات القومية تقوم بدور سياسي واجتماعي لا غني عنه.. باعتبارها مملوكة للشعب ومعبرة عنه ومدافعة عن حقوقه.. لا تنتمي لأي حزب ولا تعبر عن اتجاه سياسي معين ولا تستهدف الربح مثل تلك الصادرة عن الشركات الخاصة! وقد لا يعلم الكثيرون ان مجلس الشوري يمارس حقوق الملكية عليها نيابة عن الشعب.. وباعتباره مجلسا منتخباً من الشعب، وأن هذه الممارسة تقتصر علي تعيين رئيس مجلس إدارة المؤسسة وعدد من أعضاء المجلس وكذلك رؤساء تحرير المطبوعات الصادرة عن تلك المؤسسات.. أما إدارة دولاب العمل اليومي وكذلك السياسة التحريرية لمطبوعات تلك المؤسسات.. فهي تتم من قبل العاملين فيها.. وهي موزعة بين مجلس الإدارة والجمعية العمومية ومجالس التحرير في كل مطبوعة.. فلكل مؤسسة صحفية قومية مجلس إدارة من 41 عضوا يختار مجلس الشوري رئيس المجلس وثمانية من أعضائه ويشترط أن يكون أربعة منهم علي الأقل من ذات المؤسسة والباقون ينتخبهم العاملون بالمؤسسة.. بواقع اثنين من كل فئة من فئات العاملين بها »صحفيين إداريين عمال«. وكذلك لكل مؤسسة جمعية عمومية تشكل من 53 عضوا تنتخب كل فئة من فئات العاملين فيها خمسة، والباقون يختارهم مجلس الشوري.. وقد جرت العادة أن يكون أغلبهم من أبناء المؤسسة.. وبترشيح من مجلس إدارتها.. كما نص قانون الصحافة علي إنشاء مجلس تحرير في كل مطبوعة تصدرها المؤسسة الصحفية القومية، ويتكون من خمسة أعضاء علي الأقل.. يختار مجلس الإدارة أربعة منهم.. علي أن يكون من بينهم من يلي رئيس التحرير في مسئولية العمل الصحفي.. ويختص مجلس التحرير برئاسة رئيس التحرير بوضع السياسة العامة للتحرير ويتابع تنفيذها وذلك في إطار السياسة العامة التي يضعها مجلس إدارة المؤسسة. وقد أوكل قانون تنظيم الصحافة لمجلس الإدارة والجمعية العمومية مسئولية إدارة المؤسسة، حيث نصف علي أن تكون لكل مؤسسة صحفية قومية الشخصية الاعتبارية ولها مباشرة جميع التصرفات القانونية لتحقيق أغراضها ويمثلها رئيس مجلس الإدارة. ونص أيضا علي أن مجلس إدارة المؤسسة هو السلطة المهيمنة علي شئونها وتصريف أمورها وإدارة وتنفيذ الأعمال والأنشطة التي تتولاها وله في سبيل أداء مهمته اتخاذ القرارات التأسيسية لذلك. وقد نصت اللائحة أيضا علي أن مجلس الإدارة يختص بوضع السياسة العامة للمؤسسة وإدارة أموالها ووضع خطتها الاستثمارية، واتخاذ القرارات والإجراءات وإصدار اللوائح.. ومتابعة نشاط المؤسسة بصورة دورية.. وأن تختص الجمعية العمومية بالمؤسسة علي إقرار السياسة الاقتصادية والمالية.. ومناقشة تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات.. والنظر فيما يعرضه مجلس الإدارة من أمور.. والاقتراح بحل مجلس الإدارة في حالة إخلاله بواجباته. والمعني أن مسئولية إدارة المؤسسة تقع بالكامل علي عاتق مجلس إدارتها وجمعيتها العمومية.. وكلهم من أبنائها.. وهو ما يسمي »بالإدارة الذاتية« حيث يتمتع مجلس الإدارة وكذلك الجمعية العمومية ومعهما مجلس التحرير بكامل الحرية والصلاحية الواسعة في إدارة أموال المؤسسة وسياستها التحريرية. فالقول بأن مجلس الشوري يتدخل في إدارة العمل اليومي بالمؤسسات الصحفية.. هو كلام مغلوط وباطل.. وإن حدث فالمسئولية تقع علي من يقبل بهذا التدخل.. فليتحمل كل منا مسئوليته بكل جدية ونزاهة.. وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.. وهو خير الشاهدين.. ولكن ماذا يفعل المجلس الأعلي للصحافة وما هو دوره في هذه المنظومة؟.. إلي لقاء آخر.. إن شاء الله.