يخطئ من يعتقد بأن الدراما في ظل النظام السابق كانت بعيدة عن قضايا الفساد.. فهناك العديد من الأعمال التي تناولت الواقع المرير وآثاره المدمرة علي المجتمع، وكانت أشبه بالصرخة في وجه الظلم ولكن النظام تعامل معها باستخفاف وكأنها «دخان في الهواء» أو مجرد حكاوي للتسلية والتنفيس عن براكين الغضب الذي يعتمل في الصدور!! ولكن في ظل النظام الجديد هل تتغير نظرة الدراما تجاه قضايا الفساد وتأخذ شكلاً آخر من حيث التناول ويكون هناك نوع من الوفاق بين النظام والدراما من باب التراضي ومغازلة السلطة.. أم ان الدراما ستظل كالعهد بها مرآة تعكس أحلام وآلام المجتمع؟! الفنانة سميرة أحمد تري أن الصراحة شرط أساسي في معالجة قضايا الفساد علي مستوي الدراما وتقول: أعتقد أن طرح قضايا الفساد خلال الفترة القادمة يجب أن يكون علي مستوي أوسع وأعمق من ذي قبل خاصة مع الحرية المزعومة التي نعيشها وبالتالي لابد أن أتعامل مع القضايا بصدق، فأطرح الفساد وأحاول أن أعالجه أيضاً من خلال الدراما، ولكن الأوضاع غير مبشرة، فهناك حقائق كثيرة غائبة عن المواطنين »محدش بيقول الحقيقة«، فحتي هذه اللحظة لا نعرف من قتل الشهداء في شهر رمضان، هذا الحادث الأليم الذي لم نصل إلي حقيقته حتي الآن، فإذا طرحنا مثلاً هذا الحادث من خلال الدراما، فإن جميع النهايات ستكون مفتوحة في ظل التعتيم، فيجب أن أركز من خلال الدراما علي أن أقول للحكومة »أنتم فين؟«. والسؤال الذي تطرحه سميرة أحمد: هل لو طرحنا قضايا الفساد في الدراما سيسمح لها بأن تري النور؟ وتجيب: أشك »!!« فأنا أري أن كل كلمة قالها وحيد حامد في الجماعة هو ما يحدث اليوم!! ومن جانبها تؤكد د. عزة هيكل أن دراما 3102 سوف تعيش علي فتات موائد الفساد السابقة، وتقول: أعتقد أن الدراما ستواصل نفس نمط 2102 بالحديث عن الماضي والثورة والتغيير وكيف اننا نجحنا في كشف الفساد ولكن لن يحدث تغيير في شكل الفساد في الأعمال الدرامية، علي الأقل في هذه المرحلة، خاصة أن الكشف عن الفساد نتج عنه ضرب بعض رموزه وليس جميعهم، لكن مازال الفساد موجوداً، فالخريطة تغيرت لكن السياسة لم تتغير ولا القوانين ولا الرؤية للمجتمع، إضافة إلي أن العدالة الاجتماعية المنشودة لم تتحقق بعد، فحينما يحدث ذلك ويتم تفعيل للقوانين الصارمة يمكن أن يتغير شكل الفساد في الدراما. وتواصل د. عزة: الدراما انعكاس للواقع والواقع غير مستقر، فحينما ألغي هيئة الرقابة الإدارية فإنني بذلك أفتح الباب للفساد، فليس معني وصول التيار الإسلامي للحكم انتشار الفضيلة، فالدراما القادمة أغلبها مغيث إما كوميدي أو قضايا تاريخية أو سير ذاتية أو دينية وحتي الدينية أرجح أنها ستكون موجهة. وتختتم د. عزة هيكل: عموماً سيتم التغاضي عن قضايا الفساد الحالية في الدراما بالفعل كنوع من مغازلة السلطة وستعتمد في المرحلة الحالية علي فتات الفساد الماضي. ولكن هل المجتمع مهيأ لاستقبال قضايا الفساد من خلال الدراما في الوقت الحالي؟ السؤال تجيب عنه د. سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس: »الناس زهقت« وكل ما يقال عن قضايا الفساد بعد شيوخ الدراما أمثال أسامة أنور عكاشة وغيره صعب تصديقه، كما إننا فقدنا الثقة إلي حد ما في الدراما التي أصبحت تزيف الحقائق وعموما نحن كمشاهدين لسنا مستعدين لاستقبال أي قضايا فساد علي الشاشة، خاصة أن شيئاً لم يتغير، فما حدث تغير شكلي فقط وليس جوهرياً، فالإنسان المصري أرهق تماماً نفسياً وأصبح منهك القوي وغير مستعد لسماع حتي أي شيء عن الفساد. وتواصل د. سامية: المشاهد ليس غيباً، ولا شك أن الكثير من صناع الدراما والقائمين عليها سيقوم بتغيير جلده وأن نوعاً من مغازلة السلطة لا محال سيحدث، وحتي نناقش قضايا فساد لابد أن تكون هناك منظومة فكرية نتخلص فيها من أعداء الاستقرار، لكن اليوم كل من يقول رأيه بصراحة يتعرض للسب والقذف إلي حد التجريم.. فأصبحنا في محاكم تفتيش وهو ما زاد حالة الشعور بالغثيان لدي الناس.