لم يكن الحوار مع الفنان السوري الكبير جمال سليمان ينطوي علي الموضوعات الفنية فقط. فقد أوجدت الأحداث الأخيرة في مصر وسوريا والوطن العربي حالة من النقاش والجدل. تعبر عن وفكر فنان مثقف مهموم بحال وظروفه وطنه وما يطوله من متغير سياسي واجتماعي. العديد من الأفكار اثارها الفنان والمواطن العربي المؤمن بقوميته, خاصة فرضية السؤال الحالي: هل أنت مع أم ضد؟ في ظل ربيع الثورات العربية علي حد تعبيره وهل هي فرضية واقعية أم لا..؟ وتحدث ايضا عن فكرة التحرر التي سكنت عقل الإنسان العربي ووجدانه, ولم يغفل معارضته للنظام السوري رغم قلقه علي المستقبل هنا وهناك. في هذا الشهر يقدم الفنان ع جمال سليمان ملا تليفزيونيا مأخوذا عن رواية الكاتب الكبير الراحل عبدالرحمن الشرقاوي الشوارع الخلفية اعدها وكتب السيناريو والحوار د. مدحت العدل, وهو العمل الذي يقدم اسقاطا واقعيا علي احداث اليوم رغم ان احداث المسلسل تدور عام1935, بل يقدم دورا لضابط جيش واجه اوامر بإطلاق النار علي المتظاهرين ضد النظام والاحتلال الانجليزي!! تري هل كل ذلك كان مقصودا ام هي المصادفة وحدها, مع تأكيد صناع العمل انهم جهزوه منذ نهاية العام الماضي وقبل اندلاع الأحداث. * عن المسلسل يقول جمال سليمان: ** الشوارع الخلفية هي واحدة من أجمل القصص الاجتماعية المصرية التي تتكلم عن المجتمع المصري في مرحلة معينة والحكومة الموجودة انذاك, من خلال سكان شارع عزيز الذي تحول من منطقة مهجورة لحي سكني بسيط يضم مجموعة مختلفة من الثقافات والطوائف الاجتماعية ومن بينهم يسكن ضابط مصري هو شكري عبدالعال توفي ابنه في مظاهرة سلمية نتيجة استخدام الرصاص الحي من قبل السلطة ضد المتظاهرين, ثم تتوفي زوجته حزنا علي ابنها, ويأتي القدر في غير صالحه وذلك حين طالبته القوات الإنجليزية باستخدام القوة لقمع المتظاهرين فيرفض وينفجر غضبا مما يؤدي لصدام مع القيادة ومن ثم احالته مبكرا للمعاش, فيعيش في أزمة نفسية حقيقية لكن يعوضه احترام الناس ويصبح بطلا في نظر أهل الحي, رغم أن بعض الرجال يغارون منه بسبب إعجاب سيداتهم بموقف هذا الرجل, والشباب الأصغر عمرا يرونه مثلا أعلي, حتي يعود للخدمة العسكرية فيبدأ هجومهم عليه. فيصارع من اجل استعادة صورته القديمة في ضوء بحثه عن حياة كريمة اكثر استقرارا لبناته. * أحداث المسلسل تدور خلال فترة الثلاثينيات ورغم ذلك تتماس مع متغيرات المشهد العربي اليوم.. هل قصد صناع العمل اسقاطا باختيارهم لتلك الرواية.؟ ** القصة للكاتب العبقري عبدالرحمن الشرقاوي والسيناريو لمدحت العدل, ونلاحظ برغم اختلاف توقيت كتابة القصة إلا أنها معاصرة وتناسب عصرا مختلفا, وذلك يدل علي أن الأدب الذي يتكلم عن هذه الأحداث أدب خالد لا يموت فنجد القصة ترتبط بالواقع السياسي الحالي بشكل مباشر وهذه هي نفس الأسباب التي جعلت اعمال شكسبير وغيره من كبار المفكرين تعيش حتي الآن وهي حية لا تموت, اما اختيار الموضوع فكان مصادفة بحتة لاننا اخترناه منذ شهر نوفمبر الماضي ولم تكن هناك ثورات, ولكنها كانت مصادفة جيدة وتناسب الاحداث بشكل غير مباشر. * أري أن العمل يضعك في فخ المقارنة مع الشخصية؟ ** لم يكن فخا, كلنا نحمل بداخلنا هذا الصراع لكن لكل اتجاهه فهناك من يبحث عن الصراع من أجل أسباب خاصة أو للشهرة, او هو أداة تستخدمها يد أخري, وفي رأيي اي مواطن ان لم يخف علي أولاده او زوجته او حتي شجرة زرعها امام منزله ويدافع عنها بعيدا عن الأهواء الشخصية فلا يستحق لقب إنسان. * إلي اي مدي تعاطفت مع شكري عبدالعال؟ ** إلي حد كبير فعلا, لكن ليس بالضرورة ان يشبهني, لأن الأدب يتعامل علي أساس ان البشر ليسوا ارقاما ولكن حياة.. ومن هنا لابد وأن يعيش الناس داخل الإطار الدرامي ويتفاعلوا مع الشخصيات والأحداث ويحدث التأثير المتبادل ليكون ادبا ناجحا. * لكن الروايات علي مر العصور صورت ابطالها بلا خوف انبعاثا من منطلق ثوري في الأصل؟ ** الأبطال الذين لا يعرفون الخوف يمثلون الصورة التي رسمها الأدباء علي مر العصور منذ زمن طويل, ولكن الحقيقة انه ليس هناك شخص لا يعرف الخوف, الفرق ان هؤلاء الأبطال استطاعوا التغلب علي خوفهم لهذا نراهم عظماء, والأدب يتعامل مع بشر وليس عناوين مقالات والأدب هو تجسيد للنفس البشرية علي حق يدخل إلي اعماق المشاهد أو القاريء. * وهل شخصية شكري عبدالعال من بين هؤلاء الأبطال؟ ** شكري عبدالعال يريد أن يقدم لعائلته وبلده كل ما يستطيع ان يقدمه حتي وصل لنموذج مثالي غير ماهو عليه, حتي اختار العودة للخدمة العسكرية بعد ذلك حيث تتغير نظرة المجتمع من حوله للنقيض. * كيف تصف المشهد العربي حاليا؟ وهل تراه مشهدا روائيا؟ ** المجتمع العربي قضي وقتا طويلا يبحث عن الحرية من المستعمر الأجنبي, وبعد التخلص منه اعتقدت بعض الشعوب انها حصلت علي الحرية كاملة لكن الحقيقة انهم فيما بعد خضعوا للأنظمة الحكومية ذات الطابع الملكي او العسكري او القبلي والتي مارست اساليب القمع والديكتاتورية والتوريث, فلم تصل هذه الشعوب لشكل ومرحلة الدولة المدنية الحقيقية, القائمة علي الحرية بل هناك فكرة القبيلة, والثورات امتدادا لهذا الحلم القديم علي الرغم من أنهم ايضا تتنازعهم فكرة القبيلة والقمع والحداثة. * وهل الثورات حلم عربي قديم؟ ** ربيع الثورات العربية الذي نشهده حاليا هو امتداد لهذا الحلم القديم في نهضة عربية تقوم علي بناء الدولة المدنية المعاصرة, لانه هو التوق الي الحرية والي العدالة, لم ولن ينقطع الحلم علي الرغم من انه دخل في أكثر من شكل وتيار فالتاريخ يكرر نفسه. * وهل التحررمن الانظمة يكفي لأن تنجح ثورة؟ ** فكرة التحرر موجودة في الضمير والعقل العربي منذ زمن طويل والثورات بلورت الفكرة وهي دليل علي أن العودة للأنظمة القديمة مستحيلة وضرورة التغيير في أسلوب حكم هذه الشعوب. * أنت مع ام ضد.. كيف تري هذا التساؤل الذي يحاصر الجميع؟ ** هذا السؤال من الأسئلة المحيرة وان ظهر انه سهل ومفهوم لكن الجواب اكثر تعقيدا, اذا طرح اليوم علي الفنان أو أي شخص يظهر له في الوهلة الاولي وكأنه بديهي, وأي انسان عنده ضمير ومعرفة للأمور ولو بشكل بسيط يستطيع ان يقول انا لست مع النظام لاننا وصلنا لطريق مسدود ولم يعد هناك مجال للقمع وغيره من أساليب الحكم القديم. * علي ذلك انت ترجح فكرة الثورة..؟ ** ارجح الانتقال المعقول عبر أي طريق حتي لو كان بالثورة, لكن لابد من الحذر.. ولنأخذ العراق مثالا, فبالتأكيد كل العالم العربي كان يتمني للشعب العراقي حكما غير حكم صدام, وبرغم أن هناك من تعاطف معه إلا أنهم تعاطفوا معه لانهم ضد امريكا ويعرفون نيتها في أن يكون لها موضع قدم في المنطقة خاصة أن العراق يمتلك ثاني احتياطي نفط في العالم, واليوم العراق برغم تحررها من صدام وحكمه إلا أن هناك تقريبا7 مدن فيها بلا كهرباء, والسجون هناك ما زالت مكتظة ولم تخل حتي بعد خروج الناس الي الشوارع هذا يعني ان الناس فاض بها الكيل ولن يستمر قمعها ابدا. * لماذا كل هذا الحذر والقلق..؟ ** انا شخصيا يقلقني سؤال مهم وهو ماذا بعد..؟ من سيقطف ثمار هذه الثورات..؟ من الذي سيقطف ثمار التضحيات الجسيمة التي قدمتها الشعوب العربية؟.. ما هو شكل الدول والمجتمعات العربية القادمة؟ نحن كشعوب نمتلك حق المنح.. رأيي هذا ليس خيانة للثورة وليس خيانة للدماء وليس خيانة لحياة الناس.. انما هو السؤال المشروع.. كل انسان عنده حس وطني وكل انسان يريد لمجتمعه ان يخرج من عصر الاستبداد والقوة الي عصر العدالة والحرية, والسؤال المشروع هو من يحكمنا وكيف يحكمنا, ماذا سيحدث ومن يمتلك الحق في المنح؟ * لماذا تلاحقك الاتهامات بالصمت حيال الأحداث؟ ** انا اقرأ الكثير من المقالات منها أخيرا لاحد النقاد السينمائيين مقال عنوانه حنجرة قاشوش( المطرب السوري الذي وجد مقتولا علي نهر العاصي) وصمت جمال سليمان, تحدث فيه وكأنه كان مقيما في ميدان التحرير منذ أول يوم للثورة رغم انني لم اسمع من أي شخص كان هناك عن وجوده بينهم, ولم اسمع عن وجوده في موقعة الجمل مثلا ولم يره أي من الاصدقاء الذين كانوا هناك وقتها, ومع ذلك كتب المقال وكأنه كان من حراس المتحف حينما حاول البلطجية سرقته, في رأيي كان لابد أن يكون علي وعي عام لان الثورة تستحق هذا المجهود وهو نتيجة مجهود قامت به اجيال من الكتاب والادباء وكتاباته التي لها حسابات عند الناس الذين يبحثون عن الحرية والكرامة لابد وان يتحري الدقة في كتاباته. * لماذا كل هذا الغضب..؟؟ ** أغضبني انه لم يكلف نفسه بالبحث عبر الانترنت ليشاهد احد لقاءاتي التليفزيونية التي كانت علي قناة الحرة في عام2006 لقاء تمت إذاعته علي حلقتين وتمت إعادتهما اكثر من مرة تكلمت فيه عن ضرورة تعديل الدستور في سوريا ولم يكن وقتها توجد ثورة ولا مظاهرات ولا بادرة نحوها, لكن الاسترسال في تجريح الناس بهذا الشكل غير مقبول طبعا, وليته توقف عند هذا الحد بل ذكر ايضا ان المجتمعات العربية تتشابه فيما بينها وان المجتمع المصري يشبه السوري, وتعجبت كيف يقع في مثل هذا الخطأ الساذج لان المجتمعين المصري والسوري بكل تأكيد يختلفان كل الاختلاف عن بعضهما البعض وكذلك كل المجتمعات العربية, لأن لكل منها طابعا خاصا به لا يشبه الاخر المجتمع الليبي علي سبيل المثال تلعب فيه القبيلة دورا مهما جدا وهو غير مماثل للمصري, بينما المجتمع العراقي بطوائفه المسيحية والمسلمة والاقليات والعرب له طبيعة مختلفة فكيف يكون شبه المصري, أما المجتمع السوري فله تركيبة اجتماعية بقومياته المختلفة التي لا تشبه علي الاطلاق المجتمع المصري الذي ينقسم بين مسلم ومسيحي فقط دون أي انقسامات في الاتجاهات او التعددية. * لماذا لم تفصح عن آرائك صراحة منذ البداية؟ ** فعلت في أكثر من مناسبة, ولكني لن اساند أي أجندة سياسية لها اطماع في بلدي سوريا ولا أي بلد, وكيف انضم لما لا اعرف احتمالاته..؟ هناك اتجاهات في سوريا لعمل فتنة ولو حدث انقسام طائفي فيها لا استطيع ان أعفي بعض المعارضين من المسئولية وهم موجودون علي شاشات التليفزيون. * هل صحيح أنك طالبت بحق الأكراد في الاستقلالية؟ ** ليس في الاستقلالية ولكن انا قلت اني أؤيد حق الاكراد في الحرية يكون عندهم مدارس ومراكز تخصهم, بالتأكيد شعب عنده لغة وشعراء اعظم ما يكون, فما كان مني إلا أن وقفت مع هذا الرأي في سوريا وبرغم ما تعرضت له من هجوم ولكنني رأيت صحة ذلك وعبرت عنه. * كيف يقوم الباحثون عن الشهرة وأصحاب اأغراض الشخصية بتبديل مسار الثورات؟ ** مابعد الثورة إذا تم استغلاله بشكل سيئ فلن تكون ثورة بل ستتحول البلاد إلي رماد وستكون القضية البحث عن رغيف العيش لصبي صغير في احد الكهوف أو في الصحراء وليس الثورة علي نظام فاسد, المشكلة الكبري ليس لاني فنان ولكن كمواطن سوري افكر كثيرا حول كيفية المساهمة في ان تصل الامور لبر الامان مع مراعاة المصلحة العامة ودون ان ابحث عن شهرة عبر الثورة مثلما فعل الكثيرون, انا لا اريد ان تظل سوريا فيما هي عليه أو كما كانت في السابق لان هذا احساس ظالم جدا. مازلت اتعجب من اشخاص واسماء في عالم الصحافة لا يخجل أي منهم من ان يكتب انه من صنع الثورة وهو لايعرف عنها الا ما أذيع علي شاشات التلفاز, ولكني احترم من يقف الي جانب الناس, وتعجبت من كتاب يبحثون عن شهرة لا يستحقونها من خلال تبني شعارات الثورة في كتاباتهم, ولكن توق الشعوب العربية للحرية مازال موجودا ولكن لايجوز ان نتكلم عن المفهوم ونحن نعيش في العالم العربي الذي بات مهيأ للتغيير. * إذن كيف تتحقق النهضة؟ ** النهضة تأتي بتوحيد الكلمة دون تهميش ومراعاة لكل عناصر المجتمع مثل انحطاط مستوي التعليم في معظم الدول العربية لو ارادت الانظمة يوما أن تحقق النهوض بذلك لفعلته وهو ما اقترحه عبدالناصر في الخمسينيات, المزج بين الشعبين المصري والسوري الذي نادي بها عبدالناصر في عهد مضي لماذا تعطلت ولم يحدث برغم مجهوده وقتها؟ بسبب اشخاص مثل المشير عامر ونظيره السوري وسيظل العائق هو النظام المتعدد الاحزاب حيث كان من شروط الوحدة الغاء الاحزاب السورية والبرلمان وانا اعتقد انها كانت كارثة وقتها ولذلك ستظل الوحدة في عداد الاحلام. * قدمت في أحد أعمالك نموذجا لقائد عربي سعي حثيثا من أجل وحدة الصف العربي وهو صلاح الدين, هل استغرق منك استعدادا مغايرا..؟؟ ** بالطبع استغرق مني استعدادا كبيرا واكتشفت في قراءاتي ان كل المؤرخين الشيعة هاجموه فهو من قضي علي الدولة الفاطمية وخاض حروبا مع طوائف اخري مثل العلويين لانه قائد موحد وهو لابد وان يكون في بعض الحروب من اجل التوحيد وفي رأيي حروب الردة لم تكن الا للتوحيد لانه لا يتفق ان تكون هناك دولة وعشائر تريد ان تنفصل بعيدا عن الدولة, الموضوع اخذ مني قراءات عديدة والدكتور وليد سيف كان مطلعا بشكل كبير ومثقفا مستنيرا مما سهل لي المهمة. * وماذا عن الادوار غير التاريخية؟ ** توجد ادوار ليست تاريخية للوهلة الاولي لا تحتاج هذا التقصي والبحث ولكن الحقيقة ان الاشخاص العاديين اصعب فكيف اعرفه بعمق من الداخل لذلك تقع علي الفنان مسئولية كبيرة وعلي سبيل المثال كنت استرجع في ذاكرتي كل ما قرأته حينما قدمت شخصية ناظر مدرسة شريف ومخلص, حينما اطلعت علي كل مشاكل التعليم في الوطن العربي وكان وقتها توجد مشكلة في التعليم في مصر ووزير التعليم مهتم بها بشكل كبير فتابعت كل ما كتب عنها وكذلك كل البرامج التي اهتمت بالموضوع وبدأت اضع رؤية لاهمية وجود نظام تعليم يحمل بين طياته ما يضمن النهوض بتلك الاجيال مع مراعاة الاعراف الاجتماعية والدينية ولا يمكن ان نغفل البعد الديني لاننا مجتمعات متدينة برغم كل المعاصرة. * ألا تري أن العمل الفني ليس له نفس القيمة والاعتبار والتأثير عند المتلقي مثلما يعتقد الفنان نفسه..؟؟ ** المشكلة في الاعمال الفنية ووسائل الإعلام ان الانسان النزيه في مجتمعنا المخلص في عمله اصبح شخصية مثالية نادرة الوجود ولم يعد هو الطبيعي ليس لأنه لم يعد موجودا ولكن صوته لم يعد مسموعا بسبب وسائل الاعلام التي تركز علي النماذج السيئة ولا تركز علي النماذج المخلصة التي تعمل في صمت من مدير مدرسة أو موظف أو ما إلي ذلك من نماذج والممثل هو المسئول عن العمل ورسالته وليس مجرد مؤد يأخذ أجره ويذهب لبيته. * هل تشعر بالاستفزاز من النقد؟ ** اقبل أي نقد يتكلم عن عناصر العمل, ويستفزني ان يكتب احدهم مقالا مطولا عن المسلسل وكأنه لم يشاهد بل سمع عنه فقط فقرر الكتابة عن شئ لم يره ويشعرني بالغضب وهذا ما حدث معي في مسلسل اولاد الليل حين قالوا اللهجة البورسعيدية لجمال سليمان ليست حقيقية في الوقت الذي اكتشفت فيه عند السفر لبورسعيد انه لا وجود للهجة البورسعيدية بل هناك اهل الصعيد لهم لهجة واللهجة القاهرية وهناك البمبوطية التي يعتبرونها تهكما, لذلك يستحسن ان تكون اللهجة القاهرية ولنفترض ان اللهجة كانت فيها عيوب لماذا أغفلوا كل عناصر المسلسل وموضوعه برغم المجهود الذي بذل فيه. * كيف تتعامل مع النقد؟ ** كان يسهل استفزازي في مقتبل مشواري الفني, لكني حاليا اشعر بالاسف فانا احب انا أقرا لناقد يشعرني انه شاهد المسلسل ورأيه نتيجة رؤية مع أو ضد الرسالة التي يحملها المسلسل ولكن اشعر بالاسف لمن لا ينظر الا من خلال اغراض شخصية حتي لو كان العمل ليس لي لا احب هذا النوع من النقد. ومع التقدم في العمر اصبحت اعرف لمن اقرأ ومتي اقف عند رأي ناقد بجانب انني اعلم ما هي المشاكل التي تعرض لها العمل وبالتالي طبيعي ان انتظر النقد فيها علي سبيل المثال مسلسل اولاد الليل كانت هناك مشكلة في أول6 حلقات في الايقاع وكنت اري ان المسلسل يناسب احداثه30 حلقة بينما كتب علي36 حلقة وبالتالي اصبح الايقاع رتيبا مهما كانت الاحداث عظيمة والابطال نجوما ولكنني اعلم هذا العيب سواء قال عنه ناقد أو لم يقل. * ما مدي رضائك عن مشوارك الفني..؟ ** حين انظر لمشواري حاليا اجدني انظر بعين الرضا لانني حافظت علي ايقاع له رسالة وله خطوات واضحة انا راض عنها وقادر ان ادافع عنها صحيح هناك عيوب فنية لن استطيع الدفاع عنها فلكل عمل سهوات ولكن من الناحية الاجتماعية والفكرية انا قادر عن الدفاع عنها جيدا وسأظل مناصرا لحق الناس في الحرية والحياة. * هل تميزت الدراما السورية في السنوات الأخيرة؟ ** الفن السوري متواضع الامكانية ولكن الدراما السورية استطاعت ان تضع بصمة جيدة في عالم الدراما عن طريق استخدام تقنيات مختلفة ومتميزة بشكل اكثر احترافا. * ماذا عن السينما؟ ** لا يوجد في سوريا الا فيلم أو فيلمان كل عام وليس بالضرورة ان اعمل بهما أو ان يكون لي دور فيهما وليس بالضرورة ايضا ان احب وجودي بهما إنما في مصر النوعية التي افضلها قليلة برغم غزارة الانتاج لكن الافلام التي احب ان اكون فيها قليلة وعلي الرغم من هذا يعرض علي ادوار لا تناسبني برغم قلة المرات ولكنني لم اجد بين طياتها ما يضيف لي. * تردد أنك ندمت علي مشاركتك في فيلم حليم؟ **م اندم لحظة واحدة علي الاشتراك في فيلم حليم لان له خصوصية تتعلق بشخصيات مثل احمد زكي وعبدالحليم حافظ ولو كنت سألقي جملة واحدة فيه كنت سأشارك ولن اتخاذل عن الوجود بين نجومه فقيمة العمل لا يختلف عليها اثنان. * وفيلم ليلة البيبي دول؟ ** صار نقاش طويل بسبب رغبتي في اختصار عدد من المشاهد والجمل الحوارية حتي انني والاستاذ نور الشريف قمنا باختصارات في المشاهد التي جمعتنا. الفيلم كانت به خطوط درامية كثيرة تثقل علي دراما الفيلم, لذلك ظهر اطول من اللازم. * هل تحققت أحلامك بالعمل مع اسماء معينة كنت تفضلها؟ ** بكل تأكيد, لقد عملت مع كل الناس اللي بحبهم جدا مثل اسماعيل عبدالحافظ ومحمد صفاء عامر حيث افضل العمل مع اشخاص يمثل لهم العمل الفني رسالة وهدفا وليس مجرد صناعة ايضا شريف عرفة فهو مخرج علي مستوي عال وكذلك ريم حداد في مسلسل قصة حب كان عملا اكثر من رائع وكانت تتحمل المسئولية علي أكمل وجه. * وكيف كان لقاؤك مع د. مدحت العدل في الشوارع الخلفية؟ ** كان اللقاء معه ممتعا, وانا أراه مستنيرا وتحقق الانسجام بيننا, فهو كاتب مهم ولديه أفلام ولديه اسم كبير ولكنه في غاية التواضع. * والتعاون مع ليلي علوي؟ ** بالطبع سعيد بالتعاون معها لأنها كانت واحدة من امنياتي التي تحققت, أولا في التعاون مع عبلة في أفراح ابليس ثم ليلي في الشوارع الخلفية, فهي شخصية لها خصوصية معينة تنتمي لفئة الممثلة الواعية وتعرف مجتمعها جدا لتجسد هذه الشخصية بهذا الاحتراف والحقيقة أنها لا تحتاج شهادتي فهي لها تجارب جيدة ومنتقاة واحترم ذكاءها المهني خاصة في العامين الماضيين انا أحب الفنان الذي لا يسير مع القطيع وهي انفصلت لمدة عامين سواء في اختيار الادوار أو المخرجين لذا فهي تتمتع بذكاء مميز, فكم من موهبة لم تجد طريقها لأنها لم تكن تملك العقل الذي يمكن أن يدير لها تلك الموهبة. * هل تتابع أعمال نجوم آخرين؟ ** قدر المستطاع أنا مشاهد ومتابع جيد فهناك أعمال لفنانين لابد من متابعتهم مثال خالد الصاوي وخالد صالح وجيل السينمائيين في الدراما المصرية ودخول شباب السينما لعالم الدراما خطوة مهمة جدا مثل مسلسل الجماعة العام الماضي. * هل كانت الدراما المصرية تحتاج الي تجديد الدماء؟ ** اعتقد انه آن الأوان للدراما التليفزيونية المصرية ان تغير جلدها من الناحية الفنية فيجب ان تكون هناك قفزة إلي ما هو سينمائي متجدد في المسلسل ليقنع المشاهد علي كل المستويات وليس عناصر محدودة مع الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة حيث لم يعد مقبولا الا ما يقنع المشاهد. * أين المسرح علي خريطتك الفنية؟ ** لا أحب أن أعمل بالمسرح حتي أكون كفنان قدمت كل الألوان فقط لكنني قدمت مسرحية الطيب والمتنبي مع الرحباني التي دارت العالم واعتذرت من أجلها عن مسلسلات عديدة لكنني استمتعت بهذة التجربة أكبر ما يكون كانت مثل حلم جميل, أنا أبحث عن هذه النوعية من الأعمال. * هل هناك مخاطرة ينتظرها جمال سليمان ولم يخضها بعد؟ ** كل عمل جديد اعتبره مخاطرة لأنني لا أعلم أين ستذهب بي, جمهور التليفزيون متنوع ومتعدد الاذواق والثقافات فلا نستطيع ان نجزم بما هو آت فهناك أعمال نراها جيدة ولا تنجح خلال رمضان واخري تنجح في رمضان ولا يراها أحد بعده لذلك كل عمل مغامرة لأنه لا توجد مقاييس لنجاح الاعمال مهما تكن تافهة أو عظيمة. * ما الأمل الذي تحمله بين أفكارك حاليا؟ ** أملي أن تكون الثورات العربية ليست علي اشخاص بل علي نمط وعلي كل شيء اسمه فساد أو كذب أو اجندات أو عدم احترام للاخر وعدم احترام للبيئة فلا يجوز ألا نغير من سلوكنا بعد الثورة الطالب لابد ان يحترم المعلم والابن يحترم أباه وامه كما ينبغي ولا يجوز ان نقوم بثورات ونفتقد لحقيقة لتغيير نفسه فلنبدأ بأنفسنا.