لانه قدم للسينما الكثير مما اصبح يعد من كلاسيكياتها مثل ضد الحكومة وليلة ساخنة وموعد علي العشاء إضافة الي لمساته الخاصة بسيناريو الهروب فقد اصبح عن حق واحدا من ابرز كتاب السيناريو في مصر.. إنه بشير الديك الذي خسره الأدب وكسبته السينما حتي إن وجود اسمه بجوار مخرجين مثل محمد خان أو عاطف الطيب كان علامة جودة وبعد تراجع السينما لجأ الي الدراما فكتب أماكن في القلبوظل المحارب وحرب الجواسيس فما الذي يشغله الآن؟ يقول بشير الديك إنه مشغول بكتابة مسلسل تحت السيطرة وقصته تدور حول ضابط كبير يرتكب ابنه الضابط ايضا جريمة قتل فيحاول تبرئته بكل الطرق غير المشروعة ويتصدي له احد وكلاء النيابة الشرفاء..ومن خلال الاحداث يتم فضح الممارسات الامنية الخاطئة * هل شجعك قيام الثورة علي تناول هذا الموضع الشائك؟ ** لا ابدا...فقد بدأت الكتابة قبل الثورة بفترة طويلة..وهذه القصة مستوحاة من احداث تعود الي بداية التسعينيات حينما تمت محاولة اغتيال احد وزراء الداخلية فسادت بعدها حالة من الهلعالامني نجم عنها حادثة اخري عندما كان شخصان يسيران في شارع يقطنه احد الوزراء ولما استوقفتهما الشرطة ولم تجد معهما اثبات الشخصية قامت باطلاق الرصاص عليهما فأردتهما قتيلين..وقد استفزني هذا الحادث ودفعني للتساؤل: هل يحق للشرطة قتل الناس حتي لو كانوا مخطئين؟! ولماذا اصبح القتل هينا الي هذا الحد المرعب؟ فقررت فضح هذه الممارسات من خلال الدراما التليفزيونية. *وهل كان يمكن معالجة هذه القضية المحظورة في ظل النظام السابق؟ ** عادي..!مثلما فعلتها في فيلم ضد الحكومة..فقد تعلمت كيف أنتقد لكن دون استفزاز للطرف الآخر ودون توجيه هجوم مباشر يستعدي علي احدا. *هذه معادلة صعبة.. كيف توصلت لحلها؟ ** عن طريق عدة تقنيات..أهمها الحرص دائما عند تناول الفساد علي تقديم أطراف شريفة حتي يحدث التوازن ولايتحول العمل الي هجوم علي شخص او جهة فمثلا في تحت السيطرة اقدم نموذج وكيل النيابة الشريف في مواجهة الضابط الفاسد * هل كان ذلك نوعا من المغازلة او التحايل حتي لاتمنع أعمالك؟ ** نوع من التوازنات لتمرير الافكار وفي الوقت نفسه جانب من الحقيقة لايوجد جهاز فاسد بأكمله ولايوجد شر مطلق والا حكم علي المصريين بانهم فاسدون وهو ماينافي الحقيقة. *مادمت قد حللت المعادلة..لماذا لم نر المسلسل قبل الثورة وخصوصا أن قصته الحقيقية وقعت في التسعينيات؟ **احتلت القصة مكانها في ذاكرتي وقررت تحويلها لاحقا الي عمل درامي لانني عموما مع فكرة مقاومة الطغيان واري ان الانسان لابد ان يقاوم الاعتداء حتي لو انتهي الامر بموته! وابحث دائما عن الاعمال التي ترسخ هذه الفكرة..وعندما حان الوقت طرحتها علي المخرج نادر جلال فرحب بها جدا وكذلك المنتج جمال العدل وبدات الكتابة بالفعل لكن قيام الثورة ارغمنا جميعا علي التوقف لمراجعة واعادة تقييم الواقع وبعد فترة عدنا للعمل فوجدنا ان فكرة تحت السيطرة تصلح للوقت الحالي فقررنا استكمالها. * الي اي مدي أتاحت لك الثورة إضافة تفاصيل أكثر صراحة؟ **الي حد كبير جدا..فكما ذكرت كنت ابذل مجهودا كبيرا جدا لتمرير افكاري قبل الثورة اما الان فالحرية التي اتاحتها الثورة تتيح لي مناقشة كل التفاصيل دون الاضطرار لتفادي اشياء اري انها مهمة فمثلا هناك شخص في المسلسل يتعرض للاختطاف والتعذيب من قبل جهاز امن الدولة وبالطبع لم يكن بوسعي ان اشير لهذا قبل الثورة اما الان فسأروي كل هذه التفاصيل. * هذا الكلام يقودنا الي دور الرقابة في الفترة المقبلة..كيف تراه؟ ** انا عموما ضد فرض رقابة علي الفن والابداع لانني اري ان الرقابة تكون باتفاق مجتمعي علي نبذ الابتذال في كل شيء اما وجود رقابة فرضا فيجب ان تكون خاصة تقوم بها نقابة المهن التمثيلية وليس اي جهة اخري * كنت تقوم بكتابة مسلسل عن الفتنة الطائفية..فلماذا توقفت؟ ** لانني شعرت ان الوقت الحالي غير مناسب لطرح هذه القضية فالاوضاع حاليا ملتهبة بل مشتعلة وأفضل ان يتم طرح هذه القضايا الحساسة في جو من الهدوء حتي يأتي الطرح بثماره خاصة ان ما كتبته حتي الان شديد الصلة بما يحدث الان علي أرض الواقع ومن الممكن ان يتم تأويله خطأ فيصب في عكس الاتجاه الذي أريده ولهذا قررت تأجيل الكتابة. *قبل الثورة قلت لي انك بعيد عن السينما لأن أوضاعها لا تسر.. هل مازلت عند رأيك؟ ** فضلت الابتعاد عن السينما برغم حبي وتفضيلي لها علي الدراما التليفزيونية لأن السينما هي فن الاختزال والايحاء وهي مثل القصة القصيرة اما التليفزيون فهو فن البوح ويمثل الرواية الطويلة... علي أي حال اعتقد أن السينما ستتغير مثلما تغير كل شيء في المجتمع بدءا من الإنسان الذي تغير من داخله تغييرا عميقا وانتهاء بكل شيء حوله.. لذلك ربما أعود إليها قريبا خاصة ان أمامي العديد من العروض للكتابة للسينما لكنني لم أبدأ دراسة أي منها. *هذا التغيير الذي تتوقعه.. هل يقربنا إلي العالمية؟ ** مازلنا بعيدين عن العالمية.. لكن بالتأكيد صرنا أقرب إليها بفضل الثورة التي اتاحت حرية حقيقية ة تسمح بمناقشة مشاكلنا بشكل عميق وليس سطحيا كما كانت تفعل أفلام العشوائيات فكأنها كانت تعالج البثور والدمامل بدلا من معالجة اسباب ظهورها... هذه الصراحة التي ستتيحها الثورة هي أول الطريق لتقديم فيلم يناقش مشكلة مصرية صميمة تجذب انتباه وتعاطف العالم وهذه هي الخطوة الأولي نحو العالمية. لكن يبقي ان يكون هناك سخاء في الانتاج وقبل كل ذلك مخرج عظيم له رؤية *من المخرج الذي تعتقد انه سيولد علي يديه أول فيلم مصري عالمي؟ ** للأسف غير موجود حاليا فنحن لدينا مخرجون رائعون مثل محمد خان وداوود عبد السيد لكن العالمية تحتاج إلي مخرج عظيم يجمع بين الرؤية والاحساس والقدرة علي التعامل مع حدث التقنيات.. لكنني برغم هذا متفائل بأنه سيأتي يوم يولد بيننا هذا المخرج الذي سيفاجئنا ويبهرنا مثلما فاجأتنا الثورة وابهرتنا. *تتحدث كثيرا عن ابهار الثورة.. ما رأيك في تداعياتها السلبية التي نعاني منها الان؟ ** لا أخشي من هذه التداعيات بل علي العكس أراها مطمئنة جدا لأنها تدل علي أن المجتمع المصري مازال حيا فهو يفرز مشاكله التي كان مسكوتا عنها وذلك لاصلاحها وحلها وهذا يستغرق بعض الوقت لأن الثورة تختلف عن الانقلاب الذي لا يغير سوي نظام الحكم أما الثورة فهي تغيير شامل علي جميع المستويات بدءا من الانسان نفسه وحتي النظام الحاكم ومع ذلك فإني أري أن هذه الفترة لن تطول وبعد حلول عام علي الثورة ستكون الأمور أكثر استقرارا وبعد عامين ستكون الديمقراطية قد أرسيت في البلاد وما يدعوني للتفاؤل أكثر هو ما حققناه في خلال ثلاثة شهور هي عمر الثورة حتي الان مثل تحقيق المصالحة الفلسطينية وحل مشكلات المياه مع دول نهر النيل وغيرهما من القضايا المهمة التي كانت معطلة لسنوات طويلة فقامت الثورة بحلها في أيام قليلة. * من الذي ستنتخبه رئيسا قادما لمصر؟ ** أقرب المرشحين بالنسبة لي حتي الان هو محمد البرادعي وذلك لاسباب كثيرة علي رأسها انه اثبت ان لديه رؤية بعيدة المدي وفي نفس الوقت واضحة وصحيحة وجديدة فهو أول من تحدث عن مظاهرة مليونية و بعد ذلك اسقاط النظام وهو ما تحقق بحذافيره.. لكن مع ذلك فأنا مازلت في انتظار مرشح جديد لم يرشح نفسه بعد ويزيد علي مواصفات البرادعي ان يكون اصغر سنا واعتقد ان الايام القادمة ستحمله إلينا *نعود إلي الفن.. متي سيكتب بشير الديك شيئا عن الثورة؟ ** ليس الان... وفي اعتقادي ليس قبل مرور عامين علي الثورة!! فالأوضاع حاليا في حالة تغيير سريع و التقلبات تحدث كل يوم بل كل ساعة والابداع يحتاج إلي وقت تتم فيه بلورة وهضم الاحداث ثم افرازها بشكل فني* ألا تري دورا للفن في الفترة الحالية؟ ** الآن لسنا بحاجة إلي الفن لكننا بحاجة إلي سياسة.. أما التأريخ ورصد الاحداث فهو ليس مهمة المبدعين لكنه مهمة كتاب المقالات والكتب التاريخية والصحفيين.. وكل ما يستطيع الفن عمله حاليا هو البحث فيما قبل الثورة لأنه هو ما أدي إلي قيام الثورة وقد اكتمل وانتهي ويمكن التعامل معه ابداعيا الان *هل معني ذلك ان الاغاني التي واكبت الثورة كانت دون مستوي الحدث؟ ** الاغاني هي الاستثناء الوحيد.. فهي لون من الفنون لا يحتاج وقتا للنضج ويستطيع التعبير فورا عن أي حالة أو حدث لذلك كان لها دور كبير في تحريك مشاعر الناس أثناء الثورة وأنا شخصيا اعجبتني جدا حالة أو حدث لذلك كان لها دورا كبيرا في تحريك مشاعر الناس اثناء الثورة وانا شخصيا اعجبتني جدا أغنية كل شارع في بلادي كما تأثرت باغنية يابلادي التي غناها رامي جمال *مادمت لن تكتب شيئا عن الثورة في الوقت الحالي.. فما هو عملك القادم؟؟ ** انوي ان أكتب مسلسلا عن قضية مقتل هبة ونادين.. ليس لأنها أثارت الرأي العام ولكن لأنها ان صحت المعلومات المتداولة يتورط فيها نجل سياسي كبير!! ولو كان هذا الكلام صحيحا فانه يبرز إلي أي حد كان الانسان المصري مستباحا لدرجة توريط متهم بريء ليكون كبش فداء شخص ذي نفوذ... وانا الان في مرحلة جمع المعلومات والتأكد منها قبل ان ابدأ الكتابة.